في أوائل دراستي الجامعية كنت ما ان اسمع اغنية " ليالي الشمال الحزينة"، أحيلها مدخلا الى مدن كردستان العراق التي لم اكن قد زرتها بعد. وتلويحة المطربة فيروز كانت هاجسا يدعوني الى معرفة " الحزن" في تلك المدن التي اختلطت في ذاكرتي
على حافة الملجأ الرطبة، وضعت يدي، برد على كل شيء، برد على العشب، على العجلات، على الاغطية،على الاكتاف، برد على ليل ممزق هنا بالشظايا، برد على جمر الاسئلة، برد على ليالي العراق ...
ليس من اليسير إستعادة أيام كالتي اندرجت فيها ومجموعة من القلوب الشجاعة في مهمة تبدو اليوم حفرا في حجر المستحيل، لكننا بدأب محبة وصدق، فعلنا مايبدو اليوم أقرب الى الفانتازيا: كيف تحول بيتي الشخصي في عمّان
كانت لحظة شديدة الحرج، وكانت المدينة تتسلى بالنظر الى الكارثة نظرة السارق المتيقن من المكان الأمين لما خبأته يداه، ومن قناعة مؤكدة ان لا أحد سيسميه سارقا. لحظة ستختصر مصير البلاد وتوصلها إنحطاطا، كالذي عناه ان الجنود في طريق هزيمتهم
أكاد بعد ان إستقر بي التطواف في بغداد، المكان الذي أحببت ونذرت حياتي كلها من أجل حرية إنسانه، أبدو في حاجة تامة الى بعض المراجعة، لا للنفس وحسب، بل للسيرة التي نضجت فيها مواقفي تجاه كل ما هو عراقي حميم وأصيل
اليوم قررت البدء في كتابة يوميات، محاولة فعل شيء في مشهد ذاهب الى اللاشيء.انه العد التنازلي لموتنا… بالامس انتهت المهلة التي حددتها الامم المتحدة لانسحاب العراق من الكويت، ومنذ يوم امس يحق لقوات التحالف استخدام القوة لتحقيق ذلك.
عائد من الموت للتو، عائد من كرات النار، من الشظايا، من حرائق العجلات، من القنابل العنقودية، عائد من أرتال الموت المتنقل حين أصبحت أرتال العجلات المنسحبة هدفاً شهياً للطائرات المغيرة، فاحترقت العجلات والأجساد
استدعاني الضابط اياه غروب هذا اليوم وأخبرني بضرورة ذهابي الى مركز القيادة الجنوبي لنقل التفاصيل بالكامل عن وحدتنا، أديت التحية واستدرت ثم ناداني قائلاً: عرفت من آمرك انك طلبت إجازة يومين للاطمئنان على عائلتك
الكارثة تكشف عن ساقيها…
الكارثة التي ترسمها تقارير الصحافة، بدأت تتكشف عن عمقها على الارض، هناك حيث تتعرض المدن العراقية لمخاطر التلوث والتهديد بانتشار الاوبئة..