بلاد تتوارى للشاعر عبدالامير: النظر الى البلاد كنصب تذكاري

زياد العناني

تاريخ النشر       20/10/2009 06:00 AM


    عمان- يبدأ الشاعر العراقي علي عبدالامير في مجموعته الشعرية "بلاد تتوارى" الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر من الرثاء متكئا على عبارة جارحة تقول: "كانت هناك حياة" وهو ينظر الى العراق كنصب تذكاري بعد ان اتصل الشاعر بالتيه وراح يستذكر الخوذة في الحرب والسنبلة في مجاعته وهو يستدرج الامل تارة ويغط في سوداوية المشهد تارات اخرى. كيف تحول العراق الى مجرد جثث واذرع مبتورة وسنبلة حباتها تنفرط جنودا مهزومين وهائمين وخوذات مليئة بالغبار؟ هذا ما يسأله عبدالامير في وقت الحرية وهو يكابد العناء في غد مطرود من شرفاته: "كان عليك ان تفصل رأسك عن الخوذة قبل ان تبطش بالثنية التي جعلتك شجاعا كان عليك ان تنسى خوذة غطت سماءك قبل ان تنام على صخرة يغني تحتها الهواء اوهمتني بأنك قادر على النسيان لماذا عدت اذن والخوذة تحجبك عن كتف مبللة بدموع جندي اعزل؟ " وهذا ما يفعله في سيرة شعب او سيرة حرب في بكائيته التي جاء عنوانها "وتركت اضيقها علي بلادي" الموجه الى اخيه "قاسم" بعد ان ادماه الرصاص وتبلل بالصمت الكئيب لينام في "مقبرة السلام" متسائلا فيها عن العدل.

  
غلاف ديوان "بلاد تتوارى"
 
 وعن رد الجميل لمن قال بان الحقول تتسع للجميع: "غاب الجميل وعلت في البلاد سماء من توابيت طاب البكاء في الثنايا وطافت فوق بيتك الحمامات النائحات والحبر نادى بعضه في صحفك ونزل اسود مسفوحا على منضدة ضاقت لياليها بفكرتك" ومتجها من الخاص الى العام اعتمادا على ان المصاب العراقي مصاب واحد دون ان يشير الى جهة بعينها ما دام صوته الكربلائي يتهدج ببكاء عام على كل البلاد التي يشبهها بجنائن الموت المعلقة ثم يقول: "بلادك ايها المجنون وان ضاقت ارضها بوردة بلادك ايها المفتون وان نذرت في قلبها اغنية تواسيك ايها العابر الوحيد بلادك ايها المثخن بجراح الامل بلاد ثم لحنك السوناتي الحزين ثم بلادك"
  
 ويستذكر عبدالامير قرنفل الكرخ والندى الطالع من صلاة الفجر واحلام المشردين العراقيين في مدن العالم في ميلودراما مؤلمة تستعرض اخطاء العراقيين كافة لتعود مرة اخرى الى حبه الذي يسميه كأنه النوم في سرير ارهابي ذائقا علقمه ومكائده وفتاته بين رفيف الشمعة وموعد الندم: اي حب وعشب سريري جاف ورائحة حمامي من "نيفيا" حلاقة وجهي؟ هذا ليس قرين الوجد ولا الغناء الحزين هذا ليس دفق الدموع ولا طلة الامل هذا حب لا موسيقى فيه هذا حب جدير بالمكائد" ويذهب الشاعر عبدالامير الى قصيدة التفاصيل متلمسا المهمل حين تطرح القضايا الكبرى محتفلا بها كبكاء الامهات قرب النوافذ وضياع وقت الاغنية واختفاء الفساتين القصيرة وغياب روائح الفصول وغيرها من الومضات الملتقطة في وقت الرصيف الشخصي.
 
*عرض منشور في صحيفة "الغد" الاردنية 6-9-2005
 
 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM