علي عبد الأمير "هو فيلم قصير يسلط الضوء على معاناة اللاجئين، وتحديدا اولئك الأطفال منهم، حيث هناك اكثر من ٢٥ الف طفل لاجئ هجّروا مع ذويهم بسبب الحروب الشرسة التي تشهدها بلدانهم، ودفعتهم للنزوح الى أقاصي العالم بحثا عن فسحة حياة، فيكونون عرضة للهلاك اثناء هجرتهم اما بسبب الظروف الجوية لأوروبا او الجوع او تجار البشر"، هكذا يقدم المخرج المسرحي والإعلامي العراق المقيم في السويد، علي طالب، لفيلمه القصير "حلم سعيد"، يستغرق 3 دقائق، والفائز قبل أيام بالجائزة الأولى بمسابقة رسمية أعلن عنها الإعلامي السعودي أحمد الشقيري في برنامجه "قمرة" الذي عرض من خلال قناة "أم بي سي" في رمضان الماضي، بين خمسة ترشيحات عن فئة الأفراد.
الفيلم يوجز الكثير عن موضوع الهجرة واللجوء والعنف المعقد والشائك، ولكن في شكل ومشهد يبدو اكتفى بالقليل من الوسائل، فثمة كاميرا تحت عباءة امرأة سوداء (الممثلة العراقية آلاء حسين)، التي جسدت بالصوت، مشاعر الأم الحانية على ابنها (يؤدي دوره نجل المخرج علي طالب) في محطة من محطات النزوح، في مشهد لا حركة فيه سوى المشاعر التي يجسدها الصوتان: الأم والأبن، في ظل سواد تام. أليس النزوح والإقتلاع والخوف، هو سواد مطلق في المعنى الإنساني؟ وعن فيلمه يقول المخرج والإعلامي علي طالب علي لموقعنا ان "الطفل في الفيلم كان يحاول ان يسترجع صوت أمه التي رحلت بعيدا عنه، بعدما أنهكه التعب والجوع، فهرعت في غياهب الغابات تاركة إياه تحت معطفها، اتقاء لتدني درجات الحرارة، فيما كانت الكاميرا وكأنها داخل راْسه تستعيد أسئلته وحديث أمه حين كانت تعده بالوصول الى مكان آمن".
هكذا يبدو "حلم أسود" كمعالجة مبتكرة لقضية قيل فيها الكثير وسقط فيها آلاف الضحايا، انه كفيلم، اختار مشهدا عليا في رمزيته: حضن الأم والعباءة السوداء كملاذ واقعي، مقابل أسئلة الطفل ولهفته عبر حواره مع أمه حيث ينام في حضنها وهي تروي له صور الأمل، لحين مشهد أول ووحيد خارج سواد العباءة، إذ تخرج الكاميرا الى المكان الواقعي، حيث معطف الأم فوق الطفل الوحيد الجائع والخائف البردان، ويده ترتعش كجزء وحيد ظاهر من جسده، متسائلا : ماما ليش عفتيني وحدي آني خايف وبردان وجوعان". الكامرة تظهر الطفل وهو ميت/حي مسجى على أرض يغطيها الجليد في احدى طرق الغابات الأوروبية، حيث ترتفع الكاميرا من جسد الطفل الى أعلى أشجار الغابة الغريبة وسمائها الأكثر غرابة. وعن التفاصيل التنفيذية لفكرة الفيلم يقول طالب "صوت الأم للفنانة آلاء حسين التي سجلت صوتها في بغداد، بعد ان سحرتها بساطة اللغة في النص، وبعد نصيحة بسيطة مني حين قلت لها: آلاء ان الأمر سهل ممتنع، أريدك اليوم ان تمثلي هذه المرة بلا جسد ولا صورة، أريد صوتك فقط، كذلك الطفل نور الدين (10 أعوام) هو إبني ومثّل مشاهد بسيطة في أفلام قصيرة كانت تخاطب الواقع المرير للاجئين". معلوم ان مسابقة "قمرة" شهدت مشاركة أحد عشر ألف فيلم تمت تصفيتها الى عشرة أفلام: خمسة منها لشركات منتجة وخمسة لأفراد، وعن الفئة الأخيرة فاز فيلم " حلم سعيد" بالذهبية التي أهداها المخرج علي طالب إلى "كل طفل هاجر مع ذويه وفقدهم أثناء هجرته".
*الصورة: المخرج والإعلامي العراقي علي طالب اثناء تصويره "حلم سعيد"
|