عمّان – علي عبد الأمير*
أفرغت "الفضائية العراقية" اوبريت "الحلم العربي" من مضمونه الداعي إلى "أمل عربي مشترك" ليصبح بموجب نَص كتبه مناضل التميمي وإخراج موسيقي من خليل إبراهيم الذي سطا على اللحن الأصلي الذي كتبه حلمي بكر, اوبريتاً يتغنى بالرئيس العراقي صدام حسين, وتصبح اللازمة الغنائية الأساسية: "بغدادنا ... صدامنا يا عزنا ... فخرنا ... حبنا".
وإذا كان العمل الأصلي لاوبريت "الحلم العربي" والذي قدم لأول مرة في "المهرجان الأول للأغنية العربية" في الإمارات عام 1996 وأعيد تقديمه في حفل حي شهدته بيروت عام 1998, شهد مشاركة غنائية "حاشدة" بحسب أصوات غنائية من معظم الدول العربية, فإنه بحسب نسخة "الفضائية العراقية" التي "تجرأت" بإضفاء الشرعية على سرقتها للعمل الأصلي ووضعت في "التايتل" إنه من إنتاجها لعام 2000 (...), كان توزع على أربعة أصوات غنائية عراقية غير معروفة وغير ذي تأثير في خارطة الغناء العراقي وهي أصوات: بسام الأمير, أديبة, وسام الخليجي وأزهار الصباح. وتحويل الأعمال الغنائية المعروفة لعراقيين أو عرب إلى "فواصل" ما بين البرامج وفقرات العرض في "الفضائية العراقية", معتاد في ظل غياب "حقوق الملكية" في العراق, ورفض سلطات الثقافة والإعلام التوقيع على اتفاقيات دولية وعربية في هذا الشأن. فأغنية "قولي أحبك" لكاظم الساهر تحولت عبر لحنها إلى غنائي ترويجي للفضائية العراقية وبرامجها, كذلك الحال مع أغنية "خطار عدنا الفرح" لإلهام المدفعي, وعربياً سبق للفضائية العراقية أن قدمت نشيد "وطني الأكبر" للراحل محمد عبد الوهاب صوتاً مدمجاً مع صور من مختلف محطات حكم الرئيس صدام حسين للعراق, لأغنية بذلك الفيلم الأصلي المرافق لأداء النشيد, والمرتبط بأيام "الناصرية" وصعود المد القومي. واعتادت قنوات التلفزة العراقية عرض برامج ومسلسلات وأفلام مأخوذة من قنوات فضائية عربية ودولية, فيما تحاول جاهدة التغطية على علامات تلك القنوات المصاحبة للمواد المعروفة بوضع مربعات سوداء في محاولة لإلغاء "اللوغو". وقد يفاجأ مقدموا برامج معروفة في فضائيات عربية, حين يعلموا أنهم "أشهر من نار على علم" عند مشاهدي التلفزة في العراق, فمقدمة البرامج الشابة رزان المغربي من على MBC , مشهورة جداً من خلال برامجها التي تعيد عرضها قناة "تلفزيون الشباب" التي يديرها عدي النجل الأكبر للرئيس العراقي صدام حسين, كذلك الحال مع برامج "شبابية" تعرضها عادة قناة LBC اللبنانية. ولأن "تلفزيون الشباب" أصبح بموجب أسلوب التسجيل من المحطات الفضائية العربية والدولية "قناة القنوات" أو ما يمكن وصفه "أفضل ما تعرضه الفضائيات العربية", لذا أصبح من الطبيعي أن يطغى على قناة التلفزيون الرسمية "تلفزيون العراق" الذي راح هو الآخر ينافس "الشباب" في السرقة, فراح يعرض أفلاماً ومسلسلات وبرامج معروضة في فضائيات عربية معروفة. ولا تتوقف سرقة محطات التلفزة العراقية عند المواد المعروفة فحسب, بل تمتد إلى أفكار البرامج وأسمائها أيضاً, فالبرنامج المعروف "الليلة ليلتك" تحول إلى "برنامج عراقي" من خلال "تلفزيون الشباب" الذي استعار شكل البرنامج الأصلي اللبناني وطريقة تقديمه بفتياته الثلاث اللاتي جهدن في النسخة العراقية, تقليد اللبنانيات ولكن عبثاً! حتى إن العراقيين القادمين من بغداد, يفاجئون حين يعرفون بأن البرنامج الذي يبتهجون بمشاهدته ما هو ما هو إلا تقليد ساذج لبرنامج لبناني!
* نشرت في "الحياة" - ملحق "سينما وفضائيات" 2000
|