مشهد من عرض "مسرح القصبة"
تحسبا من غضب إسرائيلي
ويرى المحرر الفني لصحيفة "واشنطن بوست" ان جمهور غربيا أدمن عقودا من التغطية الإعلامية وعلى الصفحات الأولى للنزاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين، قد يجد صعوبة في تصور كيفية تقديم مسرحية كهذه دون ان تكون خلفها دوافع سياسية، لاسيما ان عرض "أحياء من فلسطين" حين قدم على مدى سنوات في أماكن مثل لندن وبروكسل وغيرها، قوبل باحتجاجات غاضبة من جانب الجمعيات المؤيدة لإسرائيل. وفي واشنطن اعترضت جهات اسرائيلية لدى مركز كنيدي من ان العرض الفلسطيني يقدم قراءة من طرف واحد للنزاع لاسيما انه يأتي بعد اسابيع قليلة مما وصفته بالعملية الاسرائيلية في غزة من انها فظائع وانتهاكات واسعة لحقوق الانسان.
من جهتها ردت ادارة "مركز كنيدي" من ان العرض هو جزء من مهرجان للثقافة العربية ومن غير الممكن ان يكون هناك حضور اسرائيلي مواز كي تتحقق الموضوعية، ويوضح مايكل كايزر رئيس "مركز كنيدي" قائلا: "نحن لا نهدف الى تقديم مهرجان سياسي...بل تقديم طيف واسعة من الثقافة، ليس هناك نوع واحد للثقافة العربية، وبعض الفن في العالم العربي سياسي وبعض الاخر ليس كذلك".
وتحسبا لما قد تقدم عليه مجموعات مؤيدة لاسرائيل فقد عمدت ادارة المركز الى تنظيم جلسات نقاش للجمهور بعد العروض، يمكن من خلالها تبادل الأفكار.
واراء متفهمة كهذه للجهة الاميركية المنظمة تمنح اراء الفنان جورج ابراهيم صدقية واضحة حين يؤكد: "انه عرض مسرحي يتحدث بمرارة عن المتاعب التي يعيشها الفلسطينيون جراء سيطرة الجيش الإسرائيلي وما فرضتها من صعوبات على شعبنا.. جئنا لنقول هذا الى الناس وليس لتقديم دعاية سياسية".
وفي هذا الاتجاه تقول ممثلة مؤسسة "المورد الثقافي" بسمة الحسيني التي نصحت "مركز كنيدي" باختيار عرض مسرحية "احياء من فلسطين" إن "قوة المسرحية هو أنها تقوم على قصص حقيقية، وليس على شهرة الممثلين، كما انها لاتقدم تحليلا سياسيا ولا منظورا تاريخيا، انها قصص عن اناس حقيقيين".
ادارة "مركز كنيدي" حرصت، وحيال حماسة الفنان جورج ابراهيم في قيمة الحوار عبر الفن مع الآخر، على تقديم عرض خاص لـ"احياء من فلسطين" لطلاب احدى المدارس الثانوية في العاصمة واشنطن .
ومثل هذا الاتجاه في الحوار عبر العرض المسرحي، يؤمن به ابراهيم، وردا على سؤال حول ما اذا كان سيعرض عمله في إسرائيل يقول: "نعم كنت أقول لمجموعتي أن هذا النوع من المسرح ينبغي تقديمه للجمهور الإسرائيلي..لقد حاولت ذات مرة، ولكن جماعتي يقولون: لا ، ليس هذا آوانه".
* تقرير نشر في صحيفة "الغد" الأردنية 2009 التي كنت مراسلها في واشنطن تحت اسم "حسين الأمير".