علي عبد الأمير عجام* لا يبتعد الشاعر الفلسطيني غسان زقطان عن حقيقة جوهرية في مشهد ذبح الصحافي الأميركي، جيمس فولي، حين يسميه "الشجاع الذي اغتالته (داعش ) أمام العالم"، انما هو يذهب في كلمة موجزة كتبها في صفحته على "فيسبوك"، الى تمعن جانب انساني شديد العمق، حتى وإن كان في مشهد يمضي بقوة الى الوحشية التامة، فيقول "سيواصل (فولي) التحديق في أعيننا وستبقى نظرته النبيلة وصوته المتماسك عالقة في حياتنا مثل محاكمة لا تنتهي، الى الأبد". لندقق هنا في وصف زقطان، الموجز والعميق في آن، حيث فولي: "نظرته النبيلة"، وهي كذلك فعلا، مرآة لصبره وبأسه. وهناك ايضا " صوته المتماسك"، وهو حقيقي، حين كان يختم سيرة الحقيقة التي حاول تمثلها، بقوة وجلد وثقة. ثم الجانب الآخر المتمثل بنا،: "التحديق في أعيننا"، في رسالة تحثنا على فعل شيئء من اجل انقاذ الإنسان فينا، ثم تصير تلك الوقفة " محاكمة لا تنتهي" لأي تبرير وذرائع للمدية التي ذبحتنا قبل ان تذبحه، حتى وإن بدت مغلفة بالمقدس الالهي.
ويبدو تعليق الشاعر البحريني علي الشرقاوي على ما كتبه صديقه زقطان :"هو شهيد كوني يا صديقي غسان"، منسجما مع تلك القراءة "الانسانية" حتى وإن كانت لمشهد يمضي الى اقصى الوحشية. هذا المعنى الاقرب الى التضحية، يقول عنه شقيق جيمس فولي الأصغر " لقد بدا في موته متطوعا من اجل إنقاذ الرهائن الآخرين"، ويمضي مايكل فولي " لقد ضحى بنفسه، وهو كان دائما على هذا النحو". وهذا وصف متطابق مع الصورة العميقة التي رسمها غسان زقطان للصحافي الذبيح: "نظرته النبيلة وصوته المتماسك". انه، بحسب شقيقه، "يهتم حقا بالآخرين أكثر من نفسه. أعتقد أنه ربما كان الأقوى والأكثر استعدادا للتضحية. يمكنك أن ترى ذلك عبر لقطات من شريط الفيديو، فهو لم يكن خائفا". ويكشف مايكل فولي ان تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ابلغ عائلته عبر رسالة بالبريد الالكتروني في 12 من آب الجاري ان " الولايات المتحدة سوف تدفع الثمن، لتوجيه ضربات جوية ضد أهداف التنظيم في العراق ، وأولها دماء مواطنها جيمس فولي ". والدا الضحية، جون وديان فولي، وعلى الرغم من الرعب الذي تضمنته تلك الرسالة الإليكترونية، الا انهما شعرا وكأن شيئا من الامل بات قريبا منهما، لأنها كانت المرة الأولى التي يتصل فيها الخاطفون منذ كانون الاول 2013، حين طلبوا فدية تبلغ نحو 100 مليون دولار لاطلاق سراح ابنهما جيمس فولي، فيما عرض الوالدان نحو خمسة ملايين دولار كحل وسط.
"نحن الاستهانة هذه النقطة، لم أكن أدرك كيف كانت وحشية، وأنا في الواقع يأمل نحن يمكن الدخول في مفاوضات معهم إذا كانوا على استعداد أن ترسل لنا أي نوع من الاتصال." ويرى مايكل فولي: " كان هناك ما يمكن القيام به من قبل الولايات المتحدة لتأمين الإفراج عن أخي، فنحن لدينا الاسرى على سبيل المثال في غوانتانامو، هناك طرق للقيام بذلك ... أشعر بقوة أنه كان يمكن عمل المزيد".
* نشرت في وكالة "واي نيوز" 22-8-2014 |