من ضمن مؤشرات "التحسن" في الاوضاع العراقية التي ظلت وعلى مدى شهرين، تسوقها صحف اميركية: "واشنطن بوست" و " نيويورك تايمز" وشبكات تلفزيونية: "سي أن أن" و" أي بي سي" و"فوكس"، كان مؤشر الانفتاح الاجتماعي : سهرات المطاعم والنوادي وسفرات عائلية ترويحية و"نوادي ليلية" تفتح ليلا في شارع ابي نؤاس، حد ان جنودا اميركيين شاركوا في احدى سهرات تلك النوادي ورقصوا مع فتيات عراقيات يقدمن "الخدمة". وبطريقة تحسب لدهاقنة الاسلاميين الشيعة على طريقة ممرات مدينة قم السرية ودهاليز مكائدها ويمثلهم النائبان جلال الدين الصغير وعبد الكريم العنزي، ودهاقنة الاسلاميين السنة من جماعة الاخوان المسلمين ومؤمراتها ويمثلهم النائب عبد الكريم السامرائي، ودهاقنة "الحملة الايمانية" لصدام من اعضاء البرلمان الحاليين ويمثلهم البعثي ظافر العاني، ومن اجل ابعاد الانظار في توقيت مناسب عن قضية الفساد التي ان استمر دولاب فضحها في الاستمرار فهو سيأتي على الجميع، طرحت قضية "ما تشكله الخمورمن خطر جدي يتهدد قيم الاسلام و الامة" في البرلمان يوم الاثنين وتحول المزاج من محاسبة الوزراء والمسؤولين الفاسدين الى القاء خطب عصماء عن "الشرف الرفيع" ومخطط تدمير قيم الاسلام والمسلمين عبر انتشار محلات بيع الخمور! ان ما يدعم هؤلاء في حملتهم "الايمانية" الجديدة، هو ضعف الذاكرة الشعبية العراقية واستسلامها للادعاءات القائمة على الاطار الديني، فلن يرد تيار شعبي حتى من مؤسسات المجتمع المدني على اتهام الشيخ جلال الدين الصغير لها بانها تتلقى اموالا خارجية من اجل مخطط توسيع تعاطي الخمور، ولن يرد حزب او اتحاد فكري على اقوال برلمانيي الحزب الاسلامي ممن هم ضالعون في الحرب الطائفية، ولن يتولى مسؤول حكومي بالطبع ان يلقم المتحدثين حجرا، فيقول: ان العراق عرف بتقاليد الخمر تناولا وانتاجا، وان ذلك لم يؤثر على تعمق الاسلام ولم يؤثر على ظهور قادة ومراجع، فصاحب" فلسفتنا" المرجع السيد محمد باقر الصدر ظهر وتعمق كنهج وفكرة ايام كانت الخمر في "عز انتشارها"، كما لم يمنع ذلك من بروز قادى اسلاميين سنة من امثال الراحل الشيخ الدوري، بل ان حزب الدعوة الاسلامية برز كاتجاه سياسي وفكري شعبي على الرغم من الحضور الكاسح للبارات والملاهي الليلية في العراق.
ان الاسلاميين الحاكمين في العراق اليوم من الشيعة والسنة ضالعون بقوة في عمليات القتل الطائفي فضلا عن ادارتهم اكبر عملية في التاريخ لنهب بلد ما في من بلدان العالم، وهم قتلوا بشكل مباشر او غير مباشر عشرات الالاف من الابرياء، الى جانب تهجيرهم عبر حربهم الطائفية المقدسة والمعمدة بخطاب اسلامي، اكثر من مليوني عراقي داخل البلاد و نحو مليونين الى خارج البلاد. حيال ذلك هل قتل بائع الخمر واحد بالالف من تلك الارقام من الضحايا؟
* من سلسلة مقالات نشرتها في موقع "كتابات" 2008-2009 تحت اسم "المراقب الاعلامي"
|