نقد فني  



فيلم ( آرغو) : سجال ثقافي وسياسي اميركي- ايراني

تاريخ النشر       24/05/2013 06:00 AM


فيلم " آرغو" : سجال ثقافي وسياسي اميركي- ايراني و"المرشد الاعلى" يتطابق مع نقاد السينما العرب

واشنطن- علي عبد الامير*

لم تكتف القراءات النقدية الاميركية بالحديث عن "براعة" فيلم " ارغو" في اقتناص لحظة "وطنية" تبدو " انتصارا اميركيا" مقابل هزائم متواصلة امام النفوذ الايراني اقليميا ودوليا، بل انها ذهبت الى حديث طويل عن تحول الفيلم الذي اخرجه ومثله بن افليك، الى مادة ثقافية يقبل عليها الايرانيون سرا عبر مئات الالاف من النسخ وتوزيعها ومشاهدة احداث تبدة للوهلة الاولى، رواية غير رسمية ايرانية لقضية احتجاز الدبلوماسيين الاميركيين في اقتحام سفارة بلادهم بطهران من قبل انصار زعيم الثورة الايرانية اية الله الخميني.

مشهد من الفيلم وفيه يظهر المخرج والممثل بن افليك
 
هنا توقفت مقالات نقدية فنية فضلا عن مقالات رأي اميركية كثيرة، ضمن هاجس فخر وزهو مزدوج: براعة الفيلم في اقتناص لحظة تختلط فيها براعة سياسية ومخابرانية وفنية سينمائية، حين يقرر فريق من المخابرات الاميركية السفر الى ايران تحت غطاء فريق تصوير لفيلم سينمائي من الخيال العلمي، لانقاذ ستة دبلوماسيين اميركيين تمكنوا من الهرب والاختباء في السفارة الكندية بطهران، فضلا عن انتصار " ثقافي" عبر نهم ايراني واسع على مشاهدة الفيلم وبخاصة عند اجيال لا تعرف من الحكاية غير الرواية الرسمية الايرانية.

ما فات المتابعات النقدية الثقافية والسياسية الاميركية للفيلم وتداعياته ايرانيا، ان كل اعجاب من الايرانيين بالنتاج الاميركي الثقافي ليس بالضرورة مؤشرا على رجاحة ما، بل لانه يأتي من باب نكاية بالسلطات الايرانية القامعة لكثير من حرية الرأي والرافضة اي ملمح ثقافي غربي واميركي تحديدا.

كما فاتهم ايضا، ان محاولة اظهار الفيلم كنوع من الانتصار على ايران، وان كان المنتجون لم يعمدوا الى ذلك بشكل مباشر، لا تبدو متطابقة مع الحقائق على الارض، فايران تتقدم اقليميا ودوليا واميركا تتراجع بشكل لافت.

الجديد في السجال الاميركي – الايراني حول الفيلم، هو ما قاله وزير الثقافة الايراني،  من ان "فيلم "آرغو" لايحمل قيمة فنية"، متهما الاميركيين انهم "بثوا دعايات واسعة حول هذا الفيلم لتقديمه كفيلم ضد ايران, وهذا سيؤدي الى زيادة مسؤوليتنا كي نصنع افلاما قوية للرد عليهم في المستقبل".

تصريح وزير الثقافة والارشاد الاسلامي الايراني سيد محمد حسيني من ان فيلم "آرغو" سيؤدي الى "زيادة مسؤوليتنا كي نصنع افلاما قوية للرد عليهم في المستقبل" يتضمن بعدين، الاول ايجابي لجهة ان متابعي السينما الايرانية سيربحون فرصة مشاهدة اعمال جديدة في رصيد ما قدمته سينما صارت متقدمة وينظر اليها باحترام في اكثر من مستوى فني وثقافي، والثاني سلبي لجهة ان الرد الايراني على "ارغو" سيكون دعائيا بالدرجة الاولى وهو ما سيفقد الفيلم  الرد، اي "قيمة فنية"، وبالتالي فان وصف الوزير سيد محمد حسيني لفيلم "آرغو" من انه يخلو من اي " قيمة فنية" يمكن ان ينطبق تماما على الرد السينمائي الايراني لجهة انطلاقه من الذريعة ذاتها: الجانب الدعائي.

الى ذلك وصفت وسائل الاعلام الايرانية منح فيلم "ارغو" جائزة اوسكار افضل فيلم، بأنه موقف "سياسي"، وانتقدت ظهور الاميركية الاولى ميشيل اوباما للاعلان عنه، معتبرة ذلك "حركة سياسية بامتياز".

لا جديد في الاتهام الايراني في ان " ارغو فيلم معاد لايران، مولته مؤسسة صهيونية"، لكن المثير للسخرية في النقد الايراني، هو النقد الموجه للسيدة ميشال اوباما و "فستانها المزركش باللون الفضي الذي يكشف ذراعيها وكتفيها وجزءا من عنقها"، وكأن عليه الالتزام  بالازياء على طريقة الجمهورية الاسلامية التي تطبق فيها قواعد صارمة على النساء. وبلغت السخرية اقصاها، حين تم التلاعب في الصور التي نشرتها وكالة انباء فارس لزوجة الرئيس اوباما، فبدا فستان الاميركية الاولى يغطي كتفيها، على الرغم من ان النقد موجه الى كونه فستانا عاري الكتفين!

ليس هذا فحسب بل ان ارغو اثار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية، آية الله علي خامنئي،  الذي اعتبر "هوليوود" اداة "سياسية" تروج للسياسة الاميركية، مصطفا بذلك مع نقاد وكتاب عرب يساريين دأبوا على وصم السينما الاميركية ومركزها هوليوود بانها "اداة سياسية".

وفي اشارة الى فيلم "ارغو"، اوضح المرشد الاعلى ان "انتاج افلام سياسية معادية لايران ومكافأة هذه الافلام المعادية لايران اشارة واضحة الى اختلاط السياسة والفن في الولايات المتحدة"، والسيد خامنئي هنا يكاد يتطابق تماما مع كثير من فناني السينما ونقادها العرب، في نقدهم للسينما الاميركية.

* نشرت في "المدى" البغدادية 



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM