نقد فني  



هيثم فتح الله في (سيمفونية الالوان): دخول عراقي صريح عالم (الفن الرقمي)

تاريخ النشر       24/05/2013 06:00 AM


علي عبد الامير عجام*

على مهل كطريقته في العمل : مصورا فوتوغرافيا وناشرا ومتذوقا دؤوبا للفنون الرفيعة، جاء معرضه الاخير " سيمفونية الالوان" في غاليري الاورفلي بالعاصمة الاردنية، اطروحة فنية لم يروج لما فيها من جرأة، اذ دخل معها هيثم فتح الله عالم " الفن الرقمي" او " الديجتال آرت" بقوة وثقة.

الفنان والناشر هيثم فتح الله بحسب تقنيات (الفن الرقمي)

 صحيح ان هيثم فتح الله عزيزة، يؤكد ان شغله على الصورة الفوتوغرافية، يأتي من باب " الرسم بالعدسة"،  الا انه فعليا نقل الصورة الفوتوغرافية الى ابعاد تصب في جوهر اللوحة، فثمة لمسات اللون التي اضافها على عمله، وثمة طبع العمل على قماشة اللوحة  العادية "الكانفاس"، وقبل كل ذلك ثمة التجريد الذي جعل الفوتوغراف يبتعد عن احالته الواقعية التوثيقية، ويقترب من مصاف اللوحة الفنية.

والى جانب هذا الملمح، فان اختيار الفنان فتح الله، الطبيعة في افق ورودها واشجارها، جعل من مهمة "تجريد" تلك المنظورات الواقعية مهمة صعبة، فهي معروفة وخبرتها عين المتلقي كثيرا، وبدا صعبا للغاية دفعها نحو افاق تعبيرية غير متداولة، غير ان تمكنه من تقنيات الطباعة الحديثة، ومغامرته الشخصية في العناية باللون وتنقية المنظورات من ابعادها الواقعية الصارمة، جعل اعمال معرضه، اقرب الى الرسم، وتحديدا في تلك الاعمال التي احتوت على جرأة اكبر في تجريد المنظورات، عبر تقنيات اللون والضوء وازاحة ما هو محدد فوتوغرافيا الى ما هو غير محدد الملامح، تاركة للمتلقي قراءة ما يرتسم امام بصره، بحسب مرجعياته الذوقية الخاصة.

من احدى صور (لوحات) المعرض
 
وفي تجربته الشخصية السادسة على الفوتوغرافية، تكون الصورة عند هيثم فتح الله قد تخلت عن ملامحها الثابتة لتصبح عملا فنيا قابلا للتأويل باكثر من منظور، غير ان ما بدا "مجردا"، لم يكن مجرد تغييرات طباعية ولمسات لونية جعلت الصورة اقرب الى ملمس اللوحة وسطحها المتعدد الطبقات، انما جاءت زهورالجوري، التوليب، النرجس، وازهار اللوز والاشجار بتعدد منظوراتها ( عبر الاضاءة والاضافة اللونية) محسوبة بعناصر شديدة التناسق .

يقول فتح الله انه "استخدم تقنية "انك جت" ( نفث الحبر) الطباعية، بعدما يقوم بتجهيز السطح التصويري بمادة خاصه تشبه تجهيز "الكانفس " المستخدم في رسم اللوحة"، ولكونه يملك مطبعته الخاصة فهو يعرف تقنيات الطباعة ويستخدمها بحرفية من اجل الوصول الى النتيجة التي يسعى اليها .

ويوضح عزيزة تجربته في "سيمفونية الألوان" انها نوع  من "الرسم بالعدسة اذا كان هناك امكانية تحويل جماد الصورة الى إحساس ملموس بالموضوع والحركة وتناغم الألوان . وهذا ما احاول تثبيته لصالح فن الفوتوغراف الحديث بجعله ضمن تشكيلة الفنون البصرية المعاصرة".

والفنان هيثم فتح الله من مواليد الموصل عام 1955 نشأ وتربى في عائلة احترفت الطباعة والنشر منذ نحو قرن، وتحديدا منذ العام 1918، ثم أنتقل مع عائلته إلى بغداد وأكمل هناك دراسته الثانوية والجامعية وتخرج من كلية العلوم قسم الفيزياء، لكنه واصل العمل المطبعي مع والده الذي بدأ مطلع السبعينات بادخال الأجهزة الحديثة إلى العراق لتطوير الطباعة، وصارت مطبعته " دار الاديب البغدادية" واحدة من ابرز علامات النشر الادبي الرفيعة في العراق حتى لسنوات قريبة قبل ان تحط الرحال في عمّان.

بدأ التصوير الفوتوغرافي في سبعينيات القرن الماضي وعمل في الصحافة مصورا رياضيا لأكثر من عشر سنوات حتى عام 1989 رافق خلالها المنتخب العراقي في معظم البطولات التي شارك فيها. واصدر عملا بارزا في مجال الصحافة الرياضية، تمثل عبر "الموسوعة المصورة لكرة القدم العراقية"
 
* نشرت في "المدى" البغدادية


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM