علي عبد الامير عجام في (حنين بغدادي): عندما تبدو المدينة خيالية

تاريخ النشر       09/09/2012 06:00 AM


عمّان-" المدى"
"ليس حنينا شخصيا.. هو دفاع عن ذاكرة عراقية"، هكذا يصف الشاعر والناقد والصحافي علي عبد الأمير عجام كتابه الصادر حديثا بعمّان عن "دار الأديب" العراقية وحمل عنوان"حنين بغدادي".
انه يستعيد "بغداده" الشخصية فتبدو مدينة خيالية أو اقرب إلى ذلك، وتختلط فيها تجارب عاشها مع أمكنة تاريخية ومعاصرة، موسيقى ودور سينما، وحفلات راقصة وشوارع مكتظة بالمكتبات والنساء الجميلات، محال أزياء وحكايات مع شعراء ومثقفين عراقيين جمعته إليهم
 جولات من حياة كانت مفتوحة على كثير من الاحتمالات والامال ورغم الكثير من رعب الحروب والقمع السياسي والفكري والاجتماعي.

غلاف كتاب "حنين بغدادي"

انه كتاب عن وقائع ويوميات عاشها صاحب ديوان "يدان تشيران لفكرة الالم" شخصيا في بغداد، منذ أن عرفها وهو طفل اول مرة في أوائل ستينيات القرن الماضي ثم تحوله الى السكن فيها العام 1966 طالبا في "متوسطة المعتصم" ثم في "إعدادية المأمون" فكلية الطب البيطري بجامعة بغداد التي تخرج منها العام 1979، وتجربته الطويلة في الحروب 1979-1991 وصولا الى مغادرته البلاد العام 1994 وعودته اليها بعد ايام من سقوط النظام الديكتاتوري وعمله في الصحافة المكتوبة والمسموعة ومغادرته الى اميركا للعمل مديرا لتحرير الاخبار في قناة "الحرة" بعد ايام من اغتيال شقيقه الكاتب والمفكر ومدير عام الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة العام 2004.
وفي مقدمة كتابه الذي جاء في 190 صفحة من القطع الكبير، يقول صاحب ديوان "بلاد تتوارى" والمقيم حاليا في العاصمة الأردنية إن الكتاب "ليس حنينا شخصيا .. هو دفاع عن ذاكرة عراقية دفاع عن مساحات مضيئة، وان كانت محاطة بظلال الماضي، دفاع عن ذاكرة عراقية ما، يراد لها اليوم أن لا تبدو حاضرة وبغير لمسة إنسانية، كي يكون ممكنا وهيّنا أمر تمرير الرداءات الحياتية والفكرية، انطلاقا من فكرة تحاول أن تجعل تاريخ العراق المعاصر قرين تلك الرداءات ونتاجها، كما يحلو لأصحاب قلوب غليظة وعقول انتعشت في مراحل الكراهية أن يقولوا ذلك".
إنه دفاع عن ذاكرة المدينة وحكاياتها الغنية حياتيا ومعماريا يوم كانت مدينة مفتوحة للجديد والمؤثر والعميق والحضاري، حتى وان جاء في سياق حكايات شخصية حين بدأت معرفة عجام بها منذ أوائل ستينيات القرن الماضي قادما إليها من مدينة صغيرة تغفو على نهر الفرات، دفاع عن فكرتها التي خنقتها موجات الإرهاب والكراهية وعزلتها جدران الفصل الطائفية اليوم، دفاع عن موسيقاها وثقافة إنسانها الذي كان مجبولا على المعرفة والاكتشاف، قبل أن تنهكه أنظمة القمع والحروب والحصارات وحملات الكراهية، وتصيب في روحه مكامن الأمل والتفتح، لتوصله اليوم إلى قناعة بان مكانه هذا لا يمكن أن يكون إلا مدارا مفتوحا للظلم واليأس والتعب.
انه حنين إلى مكان أو أمكنة علي عبد الأمير عجام الشخصية،  مثلما هو حنين الى مكان عراقي مشع بالأمل، بالفكرة الإنسانية الصافية الخلاّقة، وحين يستعيده إنما يستعيد ما كان فيه من احتمالات نمو وتطور كانت ستشع لولا بشاعات سياسية، ولولا أمراض اجتماعية.
انه حنين للجمال الذي مع تصاعد البشاعات السياسية والأمراض الاجتماعية اليوم، لن يكون إلا أثرا بعد عين، في بلاد كانت إلى نحو خمسين عاما خلت، تشع بالجمال الطبيعي والإنساني.
ويقول عجام عن كتابه "إنه ليس كتابا في الحسرة على الماضي أو التّرحم عليه، وليس مجرد الحنين إلى أيام الشباب الأولى ومحاولة استعادتها، لكنه كتاب الحنو والتلطف على المشهد الذي نما فيها أول حب، وكتاب إزجاء التحية والاحترام لأهل ولمعلمين وبناة ومربين ومريدي أفكار ومعماريين وكتاب وحالمين وأناس بسطاء عاديين، وجنود وغرباء وحراس أمل عرفتهم عن قرب وجعلوا الحياة أكثر نضارة وشبابا، وما انفكوا، عبر استمرار فكرتهم اليوم وغدا حتى وإن بمستويات نادرة، يجعلونها أوسع من توقيتات للقفز بين حقول الألغام التي اتسعت منذ نحو ثلاثين عاما حتى غطت البلاد بأكملها أو كادت".
ليس "البكاء على اطلال" بغداد المعاصرة
إنه ليس حنينا لهندسة بناء وتقاليد اجتماعية عراقية قاربت الرفعة في الملبس وتذوق الثقافة، انه "دفاع عن تلك اللمسات الإنسانية الراقية لابن بلادي، كي يستعيد العراقي اليوم بعض ملامحها ويقارنها بما أوصلت إليه الحروب والقمع والحصارات والأفكار المطلقة والمحرمات، "وطنية" كانت أم دولية".
 
* عن "المدى" البغدادية


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM