بغداد – محمد اسماعيل* احتفى ملتقى الخميس الإبداعي بالشاعر علي عبد الامير في جلسة أدارها الإعلامي كاظم مرشد السلوم مرحبا بالضيف والحاضرين: سبق للملتقى أن عقد مئات الجلسات التي احتضنت مبدعين من شتى الميادين الجمالية والمعرفية، رافعين شعار الاحتفاء بالمبدعين أحياء كمرآة لاتعكس الفراغ، إنما تمتلئ بوجوه ضاجة بالعطاء منها الشاعر والإعلامي علي عبد الامير عجام العائد من أميركا إلى مسقط رأسه بابل الفيحاء. مستعرضا سيرته: ولد الشاعر عجام في الحلة قضاء المسيب 1955تخرج في كلية الطب البيطري العام 1979، غادر العراق العام 1994 يقيم حاليا في أميركا ينشر قصائده وكتاباته الموسيقية والسينمائية في الصحف المحلية والخارجية منذ 1973اصدر ثلاثة دواوين هي (يدان تشيران الى فكرة الالم) 1992 و(خذ الاناشيد ثناء لغيابك) 1996 و(بلاد تتوارى) 2005 ، عمل كاتبا ومحررا ومدير ورئيس تحرير في مجلات وجرائد عديدة فضلا عن عمله معدا ومحررا ومراسلا في اذاعات وتلفزيونات وبرامج وافلام وثائقية.
علي عبد الامير عجام في اتحاد الادباء ببغداد بعد 17 عاما
استهل المحتفى به الحديث قائلا: في بلد مجروح اغالب جروحي في حضرة مشاعركم ،لكن لا بد من جردة حساب شخصية، لست بصدد البوح، إانما مشاركة في خطاب أتوقعه خطاب محبة، أعرض جوانب شكلت وجودي الثقافي والإنساني بدءا بالشعر الذي أعده إعلانا عن تسجيل وجودي.. عن ارتعاشة يد في موسم الجفاف، مخلصا لتجربتي الحياتية الشخصية التي عمادها مشاعر حزن جعلت الاختلاف قريبا من نفسي أخوض أوحال هزائم تقودنيإ خيبات. متنقلا في حديثه إلى مرام معرفية عالية، لخصها بالقول: وسائل الاتصال اتخذت من الشعر سره، لم تعد الأحداث ذات علاقة مهمة بالشعر؛ ففي الثقافة العربية أكثر من مشروع للخديعة، اذ أن الشعر نوع من انضواء اجتماعي ينزع للاختلاف حتى مع الشعر ذاته، الذي يعد سفينة نجاة صار الشعراء فيها متشابهين وأنا بينهم ابحث عما يميزني. بحثا عن تميزه قال د. عجام: توزع نشاطي على الشعر والنقد والموسيقى والكتابة الصحفية، الامر الذي عده النقاد تشظيا يشتتني، وأعده متعة؛ لم أمارس التوزع الا مستمتعا باعادة صياغة المعطيات وفق ذائقتي اللغوية، لذا لم أنتظم وظيفيا في مؤسسة صحفية انما أنتظم مهنيا؛ فعلاقتي بالصحافة علاقة محبة وإعجاب أثر ت في نصي الشعري، لكن كتبت في نقد الشعر والموسيقى والسينما نصوصا فيها من المعرفة والمهنية إشراقات أقرب إلى الشعر من الكتابة العادية، ليس سرا أن تكون تلك التنويعات في كتاباتي اندراجا تحت لواء شقيقي ومعلمي الأول الشهيد د. قاسم عبد الامير عجام فهو متوزع بين أكثر من نمط تشبهت به؛ اذ حصل على شهادة عليا في ميدان علمي تطبيقي فتحصلت مثله على مثلها وتواصل مع الفكر والأدب فتواصلت، لكني مصر على أن أكون بشخصي وكنت، خاصة عندما لم أضف إلى اسمي اللقب العائلي المشترك (عجام) في حياته وتفهم هو ذلك مدركا الرسالة في إصراري على اسمي وبعد استشهاده أتشرف بحمل الصفة الواصلة بين اسمي واسمه (عجام). منعطفا نحو السرد: اذا كان الشعر يضيء بالتماعات فالسرد زيت يضيء قنديله للأبد؛ لذا تعمر التماعات السرد ويتوقف النقاد عند البعد السردي في قصائدي الأمر الذي شجعني بثقة على الدخول في الكتابة عن بغداد التي أسرتني كما لو أتحدث عن أجمل معشوقة خلقها الله منذ منتصف الستينيات إلى منتصف الثمانينيات في كتاب بعنوان (حنين) سيصدر عن دار (المدى). أكد علي عبد الأمير عجام بناءه الصحفي قائلا: تجربة الصحافة كونتني، فقد ولدت في بيت من كتب ودوريات شكلت درسا أول لم يتقصد قاسم إدخالي فيه أنا دخلته على مهل وتعلمت الكثير، تعززت الموهبة الصحفية بدورة في جريدة (طريق الشعب) العام1975 تجربة مميزة وممتازة تعلمت فيها الصحافة المسؤولة مهنيا تلاها العمل مع صلاح خالص في مجلة (الثقافة الجديدة) وتوالى العمل في الصحف العراقية حتى جاءت انعطافة العمل مراسلا ثقافيا لمجلة (اليوم السابع) في باريس التي علمتني، عن بعد، فنون الكتابة الصحفية الراقية؛ اذ تلاشت في ثمانينيات العراق آخر فنون المهنة بسبب تطفل الحرب عليها، ثم انتقلت الى الصحافة التلفزيونية، وفي عمان صرت أعيل أسرتي من الصحافة، متواصلا حتى 9 نيسان 2003 اذ عدت إلى العراق وأصدرت الجريدة الأولى فيه (نداء المستقبل) يوم 22 نيسان 2003. استضاء الحاضرون بدفء السرد الجمالي لمآسي الغربة في سيرة علي عبد الأمير عجام، متنقلا في الوصف بين الشعر والإعلام والنقد الموسيقي والإعداد السينمائي وبيته الذي تحول في عمان الى صالون ثقافي احتضن العابر والمقيم من مثقفي العراق ينطلقون منه إلى العالم. مؤكدا: أنا اليوم في بغداد يكفيني فخرا وجودي بينكم. ثم فتح باب النقاش فتداعى المثقفون العراقيون من أصدقاء عجام ومريديه حبا، أجاب عليه بقصيدة (جنائن الموت المعلقة) التي استهلها بالإنشاد ترتيلا "بلادك.. وإن ضاقت أرضها بوردة.. بلادك".
* نشرت في "الصباح" البغدادية
|