علي عبد الأمير عجامّ
بدأت قبل ايام ( وتحديدا في العشرين من آب 2010) عروض فيلم "راقص ماو الأخير" في صالات السينما الاميركية، وهو يكثف في مشاهد احتفالية التحولات الانسانية العميقة لراقص باليه من صين الزعيم ماوتسي تونغ وقد اختار عدم العودة الى بلاده اثناء اقامته للدراسة والتدريب في الولايات المتحدة. الفيلم الذي كان من انتاج العام 2009 يحيل مشاهده الى اجواء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وحكايات "المنشقين" عن الانظمة الشيوعية الذين كانوا يجدون في الغرب ملاذا، مثلما كان الاخير يجد فيهم سلاحا فعالا للتأكيد على انه مثار احلام المعسكر الاشتراكي الديكتاتورية. "راقص ماو الاخير" هو من أفلام السير الذاتية ذائعة الصيت هذه الايام في الولايات المتحدة، وقائم على حكاية واقعية لراقص الباليه الصيني لي شونكين، الذي كان في السابعة عشرة من عمره، حين سمع به الأميركيون خلال زيارة وفد فني منهم الى الصين، فيكون جزءا من اتفاق تبادل فني كي يدرس رقص الباليه الحديث في هيوستون بولاية تكساس لمدة ثلاثة أشهر. شونكين الذي كان قضى طفولته وصباه في قرية بائسة، حيث ولد لعائلة فلاحية العام 1961، كان محور حكاية "كلاسيكية" عنى بتصويرها المخرج الاسترالي بروس برزفورد ( شاهدنا له من قبل الفيلم الشهير " سائق مس ديزي" 1989)، تبدا من كيفية اختياره طفلا في مدرسة نائية وخضوعه لتربية "وطنية" صارمة حتى وصوله مرحلة حقق فيها مستويات فنية كراقص باليه لافت على الرغم من انه لم يزل مراهقاً .
احلام الحرية حين تخترق ستار ماو الحديدي
هذه البراعة الفنية توفر له فرصة اكتشافه أميركا، في مشاهد تجمع الطرافة الى الدهشة، ثم تصل حكايته الى مرحلة مفترق طرق، اذ يجمعه حب براقصة ناشئة، ثم تتعمق الطرق المتعارضة الاتجاه داخله، حد انها تثير تساؤلات جدية فيه حول بلده والشيوعية والحكم الشيوعي. وفيما هو قد أصبح واحداً من أشهر الراقصين في أميركا، أو يكاد، يستدعيه الحزب الشيوعي للعودة الى الوطن، لتبدأ اسئلته بالانفجار واحدا تلو الاخر، وتصل حياته الى مأزقها الاكبر، لا بل ان قصته تتحول أزمة ديبلوماسية بين بكين وواشنطن، يتذكرها على الارجح من كانوا شهود مرحلة الصراعات في الحرب الباردة، فهو بعد إن تزوج من حبيبته الرقصة اليزابيت ماكاي، اصبحت قضية ابعاده من أميركا امرا مستحيلاً، لكن الارداة "الحديدية" للنظام الشيوعي لا تعترف بابعاد قانونية وانسانية، فيختطف ويعتقل داخل القنصلية الصينية في مدينة هيوستن. واثر ذلك تندلع الأزمة الديبلوماسية اياها، والتي انتهت بصفقة تنص على ترك الراقص العاشق يعيش حرا في أميركا. فيطلق سراحه، ليعيش حياته وسيرته الفنية التي تتصاعد محلقة نحو فضاءات الحرية والجمال.
|