جوليا روبرتس في (تأكل تصلي و تحب): مطلقة تكتشف ذاتها في مباهج انسانية صغيرة
ِعلي عبد الامير
تاريخ النشر
21/08/2010 06:00 AM
واشنطن- علي عبدالأمير كثيرون تحدثوا عن اللمسات التربوية والنفسية العميقة لكتاب "تأكل تصلي وتحب" للمؤلفة الاميركية اليزابيث غيلبرت، وهو كتاب عن تجربة شخصية عاشتها المؤلفة بعد طلاقها لتكتشف دروسا وعبرات اثناء رحلتها هربا من مدينتها نيويورك الى ايطاليا، الهند ثم اندونسيا وتحديدا جزيرة بالي، غير ان اقل من هؤلاء بكثير هم ممن سيشيدون بالفكرة والحكاية ذاتهما اللتين انطوى عليهما الكتاب وقد صارا فيلما سينمائيا بدأت عروضه منتصف آب (اغسطس) الجاري في الصالات الاميركية، ذلك ان الفيلم الذي حمل عنوان الكتاب ذاته وأدت فيه النجمة جوليا روبرتس دور المؤلفة اليزابيث (ليز)، بدا اقل حبكة من الكتاب وعناصر حكايته مفككة نوعا ما مما اثار مللا في نفوس مشاهديه،ذلك انه امضى نحو 45 دقيقة من الفيلم قبل ان يصل المشاهد الى ما يتصل بالفكرة التي يلخصها العنوان، وهو حين دخل اجواء الحكاية لم يتخلص من الايقاع الذي يورث الملل حتى مع تلك المشاهد "السياحية" التي وجدها المخرج رايان مورفي مبررا لفيلم يمتد نحو ساعتين ونصف. جوليا روبرتس لم تشع في حضورها الا في مشهد واحد قبيل مغادرتها نيونيورك حين كانت تبدو وكأنها تحاول ادراك ذاتها من تجربة حب مع ممثل مسرحي شاب اثر طلاقها من زوجها، اذ حين كانت تقول لصديقتها التي جاءت تقلها من شقة صديقها " إمض أمض سريعا سريعا" بدت وكأنها تستعجل انقاذ ذاتها من براثن فشل جديد، يحول دون أملها بالتحليق نحو حريتها، وهو ما جسده المخرج باقتدار حين تابع مشهدها وهي تغادر نيويورك من فوق جسر بروكلين حيث الشمس ثم الشمس ذاتها ولكن هذه المرة من تلة تقف عندها (ليز) في اطلالة على مدينة روما.
جوليا روبرتس: "تأكل تصلي و...تحب"
في العاصمة الايطالية يتحقق الجزء الاول من الفيلم:"تأكل" حيث وفرة من مشاهد الطعام الايطالي اللذيذ، وصداقات تبدأ من موائد على الطرقات الحجرية الضيقة ولا تنتهي بولائم شهية ببيوت ريفية، متبلة بسخرية ايطالية من "التقاليد والامزجة الاميركية التي لا تعرف كيف تستمتع بالحياة". هنا أكلت (ليز) كثيرا واكتشف تلقائية في الصداقة وسماحة في النفس البشرية، و انسجاما لم تكن قد خبرته من قبل بين موسيقى اللغة (الايطالية) وبين طريقة نطقها وحركة الجسد والاشارات المرتبطة بها، غير ان الطعام الشهي الذي تناولته والوقت الذي ابتهجت كثيرا عند موائده، لم يكن هو ما تبتغيه من رحيلها بعيدا عن مدينتها وحكاية طلاقها، انها تفتقد الايمان الروحي العميق ولذا كان وجهتها التالية الهند حيث معابد خاصة للتأمل.
مشهد من الفيلم: المؤلفة الاميركية في زقاق قديم بمدينة روما
هناك تحقق الجزء الثاني من الفيلم "تصلي"، غير ان ما هو "تأملي" وهو ما كان الكتاب نجح في اظهار تفاصيله الروحية الغنية، أصبح على الشاشة تفاصيل "سياحية" عن الهند وتقاليد اجتماعية عدا ذلك المشهد المؤثر الذي جمع (ليز) مع رجل أميركي في عقده السادس يهرب من فشله العائلي (يسكن ولاية تكساس) الى مركز التنشيط الروحي التأملي، وكان الدور الذي لعبه هنا ريتشارد جينكينز، ناجحا في التعبير عن الحضور الثقيل للشخصية المأزومة التي تنهار في لحظة صفاء وتقرر مواجهة الذات انطلاقا من مركز الازمة، فيعود الى بلادها ويواجه ما ينتظره هناك من تحديات يبدو هروبه منها غير ذي طائل، فهي تلاحقها حتى في لحظة انفاصله عنها في مركز " التأمل" الروحي بالهند.