هاجم المخرج يوسف شاهين , العولمة والنظام الإقتصادي الرأسمالي أثناء مؤتمر صحافي عقده الخميس في صالة سينما غاليريا بالعاصمة الأردنية , عقب العرض الإفتتاحي لفيلمه الجديد " الآخر الذي أدى أدوار البطولة فيه محمود حميدة ونبيلة عبيد ولبلبة وحنان الترك وهاني سلامة . وقال ان فيلمه حاول إثارة الأسئلة حول عدة قضايا رئيسية تهم عصرنا وهي العولمة والإرهاب والتكنولوجيا . ورغم أعترافه بأنه كان على شيء من " الإستعجال " في طرح هذه القضايا الإ أنه شدد على أن ذلك جاء بسبب خطورة هذه القضايا وبالذات ما تتركه من تأثيرات على الشباب الذين إعتبرهم شاهين " معزولين " ولا أحد يستمع إلى أرائهم وإنطباعاتهم بشأن الحياة التي ستؤول إليهم رغم كل الوصايا التي يضعها عليهم الكبار . وإنطلاقاَ من هذا الاقتراب من مشاعر الشباب ونبض حياتهم يرى يوسف شاهين ان فلمه " خطوة نحو سينما شابّة " يشرح ملامحها فيقول : " عليك أن تكون صاحب توتر عالٍ بحيث تلتقط الأحداث وتلتحم بها وأن تكون على صلة بكل الأجيال , أن تستوعب المناخ السائد وأن تضبط نبضك مع نبض الشارع ومتغيراته , مشاكل الشباب واحلامهم , خوفهم , علاقتهم بالحب , كل هذه القضايا تصبح نواة لسينما شابّة تتعامل مع العصر بإيقاعه وادواته " . في فلم " الآخر " ( إنتاج مصري – فرنسي مشترك ) نجد آدم ويؤدي دوره الممثل الشاب هاني سلامة من أم أميركية ( تؤدي دورها النجمة نبيلة عبيد ) وأب مصري ( يؤدي دوره النجم محمود حميدة ) , يأتي إلى مصر في زيارة قصيرة لكن هذه الزيارة تتحول إلى رغبة في الإستقرار لا سيما حين يسرقه الحب , حب حنان ( وتؤدي دورها الممثلة الشابّة حنان الترك ) التي تعيش مع والدتها بهية ( وتؤدي دورها الفنانة لبلبة ) بينما شقيقها ينخرط في " تنظيم إرهابي " .

وأكد يوسف شاهين خلال المؤتمر الصحافي أن " الآخر" كتسمية للفيلم جاءت من حرصه على مد سبل المعرفة والإتصال لا الإنقطاع الذي يؤدي إلى القمع والإرهاب والإستغلال منوّها أنه ضد النظام الرأسمالي الأميركي الذي وصفه " باللأخلاقي " معتبرا إياه ضد الإنسانية وضد البيئة ومخاطرة تاتي من سرعة إنتشار قيمه المدمرة عبر " العولمة " التي وصفها شاهين بالوحش . وحول عملها مع يوسف شاهين قالت نبيلة عبيد أن تجربتها في " الآخر " بمثابة خطوة جديدة لها , وهي وضعت جانباَ كل الأدوار التي أدتها سابقاَ . وقالت : " التمثيل تحت إدارة إخراجية من يوسف شاهين , حلو وممتع ومفيد وأنا شخصياَ كنت أغازله من أجل عمل شيء مشترك . وجاءت الفرصة حين أرسل بطلبي وقدم لي السيناريو قرأته في غرفة مجاورة , خرجت إلى جو وقت له : أنا موافقة على أداء هذا الدور " . وأوضحت نبيلة عبيد أنها سعيدة بتجربتها مع شاهين وقالت : " تجربتي معه قدمتني للعالم في كان وبعد عرض الآخر كتبت عن أدائي لشخصية الأميركية المتسلطة صحف فرنسية شهيرة مثل اللوموند والليبراسيون " . من جهته قال شاهين أن نبيلة عبيد في " الآخر " كانت " جريئة وموهوبة " وفي حقيقة الأمر أنا الذي سعيت لإقناعها في تمثيل الفلم . ونفى شاهين أنه يصنع أفلامه بموجب " تمويل " فرنسي وقال " إن علاقته مع الفرنسيين ليست إستحواذية ومن طرف واحد بل هي ضمن عملية إنتاج مشترك " . وحول إستعانته بالمفكر الأميركي من أصل فلسطيني إدوارد سعيد في الفلم الذي ظهر ضيف شرف فيه قال يوسف شاهين : " أنه قريب من فكري وحين قرأت أعماله وأتصلت بأرائه إنبهرت بخطورة ما يكشف عنه ولأنه كان مولعاَ بإحترام الآخر وتعميق العلاقات الإنسانية وفق مبدأ الإتصال مع الآخر , كان وجوده في الفيلم طبيعياَ " . وأوضحت الفنانة لبلبة التي شاركت في المؤتمر الصحافي أن دور الأم هو دور جديد بالنسبة لها , لأن وجهها الطفولي كان عائقاَ أمام الكثير من المخرجين لكن يوسف شاهين عرف كيف يطوّع الطفولة في خدمة الأمومة حيث ( بهية ) أم كل بيت مصري بتفانيها وإخلاصها وحنانها . ورداَ على سؤال حول دوره في فيلم " الآخر " قال الممثل الشاب هاني سلامة : " ما إستهواني في سيناريو الآخر قصة الحب بين آدم وحنان فهي حكاية كل شاب وصبية من جيلي . كيف يعمد الحب في ظل التغيرات الحاصلة . كنت سعيداَ بالدور وكأنه فصل على قياسي . كان بيني وبين حنان كيمياء عالية مما خلق بيننا إنسجام فني جميل " . وخلال المؤتمر الصحافي لم ينس يوسف شاهين أن يشير إلى أنه أختار المجيء إلى عمّان لإنتاج فيلمه ( في اليوم ذاته الذي إفتتح بعرض أول في القاهرة ) لمعرفته بالمستوى الفكري المتقدم للأردنيين و لإرتباطه العاطفي بالأردن لا سيما أن الملك الراحل الحسين بن طلال كان زميله في كلية فيكتوريا بالأسكندرية .
*متابعة صحافية نشرت في "الشرق الاوسط" تموز 1997
|