علي عبد الأمير..الشعر يمتزج بالموسيقى

تاريخ النشر       24/11/2009 06:00 AM


 زهير كاظم عبود
الإشارات الشعرية المتوهجة التي يطلقها الشاعر علي عبد الأمير بين الفينة والأخرى تدلل على شفافيته ومقدرته في تقدير الجملة الشعرية التي لا يكتبها ألا بتأن وبتدقيق وبرهافة شديدة، ربما بتأثير الدراسات العلمية التي أربكت روحة وجعلته حائراً بين المفردات العلمية الصعبة والثقيلة وبين المفردات الشعرية المنفلته بين طيات الهواء وأمام عيون الشاعر. 
غير أن أهم ما يميز شعر علي عبد الأمير ليس نفاذه أو جودة نصوصه أو حيويتها في موضوعاتها أو تميزه  بين شعراء جيله بل التلازم الحذر للجملة الشعرية مع الإيقاعات الموسيقية في قصائده المتراكة جراء عمله طويلا في النقد الموسيقي، وهو أمر لابد من التطرق أليه عند ذكر علي عبد الأمير .
فقد حرص الشاعر علي عبد الأمير عجام على أيجاد توازن خفي وأنسجام بين جملته الشعرية والموسيقى ، وأوغل في المعرفة الموسيقية حتى يمكن أن نقول انه تمكن من تطويع الجملة الشعرية لصالح المفردة الموسيقية، على الرغم من كونها تأتي في شكل " قصيدة النثر". 
 ورغم عدم حرص علي عبد الأمير على الكم من القصائد التي تشكل الدواوين الشعرية حيث يعد مقصراً في
هذا الجانب، فقد أخذت منه القضية العراقية أهتماماً كبيراً أثر بشكل ملحوظ على نتاجاته  وابداعاته، فقد وظف جل وقته وعمره وأهتماماته للقضية العراقية الشائكة في أعقد فترة، واضعاً روحه على كفه حاملاً كفنه وسط ساحة تعج بعناصر الشر والسوء والمخابرات العراقية وعناصر القتل والأغتيال،  الا أن مثابرته الثقافية وإصراره المتواصل  يشكل علامة بارزة في حياة هذا الإنسان .
" ما أقساه
حين يلمع في حطام ساعة
النهار ..... "
الحضور الشعري الذي يشكله علي عبد الأمير الذي لم تقدر الوظيفة المتميزة العلمية أن تطغي عليه ، ولا أن تجعل هاجس الشعر ومتابعة التطور والنشاط الموسيقي العربي يندحر داخل روحه ،  وليس اعتباطا أن يتم اختياره من ضمن أعضاء هيئة التحرير لمجلة "الموسيقى العربية" الصادرة عن المجمع العربي للموسيقى بجامعة الدول العربية ، وتأكيداً للإبداع الذي يغلف روح علي عبد الأمير يستمر في العطاء مغلفاً كلمات قصائده نوتات موسيقية ومقطوعات ومحاولة حميمية للمزاوجة بين الشعر والموسيقى .
" أشدو له وصوتي الأخضر
عشب بين قدميه
أشدو للنفير الذي كونني وصرت له الضواحي
والكتف الذي تتصل بالتيه
أشدو للنبع الذي غازل الأشجار
بقصد الرفيف الذي هو روح الثمرة
أشدو لخرائبه وهي تتقوس كنصب تذكاري
أدخله مبتهجاً ، منشداً له فردوس راياته
أشدو له
فيمتلأ غدي بالدموع"

علي عبد الامير في بغداد بعد ايام من سقوط صدام:
"وظف جل وقته وعمره وأهتماماته للقضية العراقية الشائكة " 
 
 
وفي المحطة التي أستقر بها آمنا مطمئنا لا يبدلها بمنافي الهجرة الكثيرة، كان قد أستقر في عمان يوزع معاناته الثقافية بشكل ملفت للنظر فهو يعمل في الصحف الأردنية "الرأي"، ويعمل في التلفزيون الأردني كمعد لبرنامج، ويعمل في جريدة "الشرق الأوسط" ومن ثم مراسلاً وكاتباً في جريدة "الحياة"، ومع كل هذا يبدأ مشروعه الثقافي الأنيق بإصدار مجلة شهرية في عمان تحت أسم " أوراق ثقافية"، تجمع كل الشعراء وكتاب القصة والأدباء الذين يلوذون  بعمان بشكل دائم أو مؤقت فتظهر أعداد الأوراق الثقافية زاهية بأسماء ونتاجات العديد من المبدعين العراقيين: حسب الشيخ جعفر، قاسم البريسم، عماد حسن، علي السوداني، فرج الحطاب، عبد الخالق كيطان، عبد الأمير جرص، مكي الربيعي والعديد من الأسماء العراقية، ويتم تخصيص أعداد من هذه المجلة للاحتفاء بالجواهري وبالبياتي وبحسب الشيخ جعفر ليستمر إصدارها من أواسط عام 1998 حتى تتوقف في عام 2001 لتخلي الساحة لشقيقتها المجلة الثقافية "المسلة". 
 
"حتى وأن رق الليل وهو يستدير على كتفك
سيظل نشيجك يطرق على الجدران
وذراعي أتركها تأخذ شكل الحقائب وهي تلتم
قصد إبعادك عن رسائل النشيج
أذ تطير اليك من بلادنا وهي تتناثر"
 وفي مهمته المتعبة رئيسا لتحرير "المسلة" وهي مجلة فكرية وثقافية تعني بالإبداع العراقي ونتاج المثقف العراقي وأذ تخطو المجلة خطوات الى أمام مساهمة بثقة في مسيرة الثقافة العراقية، فأن علي عبد الأمير يؤكد حضوره الفاعل لمثقف وصحفي وناقد موسيقي وشاعر.
 كل هذا يتلازم مع حركة نشطة وفعل دؤوب من أجل إيصال الكلمة الطيبة والدراسة الهادفة الى القارئ بتجدد ومغايرة مستند على الأسماء العراقية اللامعة دون أن يلغي أسماء المبدعين من الأسماء الجديدة لا يتقيد إلا بفكرة الوطن والحرية .
ربيع عراقي
تحقق حلم العراق في القبض على الطاغية ونهاية سلطة القمع والموت، وبدل أن يتنفس الشاعر الهواء والهدوء شمر علي عبد الامير عن ساعديه ودخل في عملية ترميم الوطن بكل مايملكه من قوة .
اما  في الوقت الحاضر فان علي عبد الامير يجاهد وسط بغداد ويرسم بأشعاره التي يكتبها بحبر الأرهاق ومنارات الزمن الجديد ، أشعاره التي تتعطل في أوراقه وأحاسيسه يبللها بندى نيسان بأنتظار أن تطل علينا بديوان شعري جديد .
 
*مقالة نشرها القاضي والكاتب الاستاذ زهير كاظم عبود من منفاه السويدي في صيف العام 2003عبر عدد من المواقع العراقية.


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM