يداه تشيران لفكرة الألم الشاعر العراقي علي عبد الأمير: الفصل بين الشعر والسياسة إجراء تعسفي
بغداد ـ (الوطن): الشاعر والناقد علي عبد الأمير من جيل الثمانينيات في العراق وأعني من جيل الحرب الجيل الذي أسس قصيدة النثر العراقية، عام 1990 أصدر في بغداد كتابه الأول في النقد الموسيقي (فصول من الموسيقى المعاصرة) وبعد ذلك كانت (يداه تشيران لفكرة الألم) حيث ديوانه الأول عام 1992 في بغداد أيضاً، غادر بغداد عام 1994 وأقام في عمان حيث أصدر في سنوات غربته ديوانه الثاني (خذ الأناشيد ثناءً لغيابك) في بيروت عام 1996، عاد إلى بغداد مؤخراً..وعن ذلك قال: ـ غادرت العراق في عام 1994، ومنذ أول أيام إقامتي في عمان، وأنا أتكوّن فكرة وسلوكاً على قضية العودة إلى بغداد، وكان عملي في الصحافة الأردنية ولاحقاً العربية والدولية جعلني مرتبطاً حد النخاع بكل ما هو عراقي وعشت كل ما عاشه الناس في داخل وطني من خلال متابعة حثيثة ومحاولة لنقل الحقيقة. * هل يفضل الشاعر أن يكون سياسياً؟ وما هي صفاته سياسي شاعر أم شاعر سياسي؟ ـ الفصل بين الشعر والسياسة، فصل شديد السذاجة، وهو اجراء تعسفي، فالوعي والتحليل العميق والمراجعة الفكرية هي أيضاً من عُدد الشاعر وملامح سيرته الوجدانية والعقلية، فمن قال ان الشاعر غير معني بالبصيرة العميقة، والفكر التحليلي. من هنا أرى الصلة قائمة ومتحققة، ولكن ليس بالضرورة متطابقة، فالحدس والابتكار ميزتان لدى الشاعر، يجعلان من عمقه الفكري قادراً على التأثير العميق بالوجدان الإنساني، وهو ما يفتقده السياسي الذي يتعاطى وقائع وأحداثاً بشكل مباشر لا يشبه التأويل الذي يندرج في مهارة الشاعر ويبدع فيه لغة ورؤى وقراءات للواقع تبتعد عن يومياته المباشرة، فتذهب إلى استيطان الوقائع وتصوغ رؤى المستقبل. ومن بين ابرز النماذج الحية على (الشاعر-السياسي) يمكننا النظر إلى الجواهري، سعدي يوسف، محمود درويش، عباس بيضون، محمد الماعوط وغيرهم. * ما هي وجهة نظركم عن الشعر العراقي الذي كتب داخل العراق في السنوات العشر الأخيرة؟ ـ على الأرجح كانت النصوص الشعرية المكتوبة في العراق خلال السنوات العشر الأخيرة، منقسمة ضمن اتجاهين،سبق لي أن كتبت عنهما غير مرة في صحف ودوريات عربية. الاتجاه الأول: هو قصائد المديح والثاني: نصوص الحياة، وإذا كان الاتجاه الأول، معروفاً لجهة علاقته بنهج المؤسسة الثقافية، فأن الاتجاه الثاني، بدا من الصدق، أنه خالف النهج الرسمي، وذهب إلى مهمة متشعبة، فهي صادقة في التعبير عن الوقائع المريرة للعراقيين، قدر اخلاصها لحريته حين لم تتحول إلى مفهوم تأليه الشخصية الحاكمة وعبادتها.
علي عبد الامير: العراق ارض تحتفي بالموتى أكثر من احتفائها بالحياة
ومثلما كانت قصائد المديح وفيرة وكادت تغطي مساحة النشر في العراق، فأن نصوص الحياة بدت حيوية ومشاكسة فهي التي عبرت حدود العزلة والقسوة والممنوعات ووصلت بسبب صدقيتها ومهاراتها الفنية إلى آفاق تألق عربية واسعة، لم تتوصل أليها الثقافة الرسمية العراقية. * كيف ترى واقع الصحافة العراقية الجديد الذي بدأت ملامحهً الأولى بعد انتهاء الحرب، والكم الهائل من الصحف التي صدرت؟ ـ ظاهرة لافتة، أن تنبثق هذه الأعداد الكبيرة من الصحف، أنه مؤشر على أن بإمكان العراقيين اليوم، أن يمارسوا حريتهم في القول والتعبير. وبقدر ما كانت الظاهرة تثير الانتباه، فهي أيضاً تثير ملاحظة مهمة للغاية، تتعلق بقدرة رموز ثقافة المديح على وضع أقنعة جديدة على وجوههم. * ما هي أبشع المشاهد اللاإنسانية التي شاهدتها في العراق بعد انتهاء الحرب؟ ـ أظن أن صورة العراق، ارض تتعفن لفرط ما سالت عليها الدماء، وارض تحتفي بالموتى أكثر من احتفائها بالحياة. * في سنوات الغربة التي عشتها خارج الوطن هل من منجز إبداعي سيصدر لاحقاً؟ ـ نعم وفي إطارين شعري ونثري، ففي الشعر سيصدر كتابي الثالث، الذي يتضمن نصوصاً كتبت ما بين 1996-2003 (أيام قليلة قبيل الحرب). وفي النثر سيصدر لي (الخوذة في الحرب، السنبلة في المجاعة) يتضمن يوميات ومذكرات في سنوات الحرب والعزلة. وفي نقد الموسيقى سيصدر لي فصول في الموسيقى العراقية كنت قد كتبتها خلال وجودي خارج العراق. *حوار نشر في صحيفة " الوطن" القطرية العام 2004 |