أي صورة لشبكة "انترنت" عند طلبة الجامعات العراقية؟* بعضهم يراها "ضياع وقت" وآخر يعتبرها "فاكهة غالية"
انفتحت الجامعات العراقية اخيراً على خدمات شبكة المعلومات العالمية "انترنت"، غير ان الخدمة المقدمة ظلت محدودة لجهة ما تكلفه من مبالغ لا يستطيع الطالب العادي تأمينها، كما انها ظلت "لغزاً" عند كثيرين لضعف معرفتهم بالذي تعنيه "انترنت" بل حتى بالكومبيوتر الذي يشغّلها. طالب في "الجامعة التكنولوجية" يقول ان الاقتراب من هذه الخدمة المعلوماتية يعني عنده "وقتاً ضائعاً" فيما تقول زميلة له انها لا تستطيع التعاطي مع "انترنت" للثمن الغالي الذي لا بد من دفعه، وتصفه بأنه الثمن الذي يحتاج اليه العراقي اليوم لشراء "فاكهة غالية".
وبحسب ما نشرته صحيفة "الزمن" الاسبوعية الصادرة في بغداد الأسبوع الماضي فإن استخدام "انترنت" في الجامعات العراقية ما زال مرتبطاً بهواجس اقتصادية ورقابية لجهة المحظورات الكثيرة وحجب الكثير من المواقع لأسباب سياسية و "أخلاقية" وعلى رغم التوجس الذي يصاحب النظرة الى "انترنت" إلا ان هناك من طلبة الجامعات العراقية من ينظر اليها بشكل ايجابي، كما تظهر كلمات الطالبة عفراء مؤيد التي تواصل دراستها في السنة الثالثة في "كلية اللغات": "شيء جميل ان تستعيض بقرص صغير كبديل لآلاف الكتب، والأجمل من ذلك ان تتخلص من الأتربة المتراكمة على هذه الكتب بمجرد الضغط على زر الكومبيوتر لينهال عليك سيل من المعلومات، ما يوفر الكثير من الوقت والجهد ليتيح لك فرصة التزود بالمعلومات في شتى العلوم المختلفة".
ضياع الوقت
يقول الطالب مجدي مجيد من كلية الهندسة في "الجامعة التكنولوجية" ان "من المفترض ان توفر مراكز الانترنت في الجامعات، الخدمة السريعة، لكنني عندما أراجع هذه المراكز أُصاب بدوار ولا أصل الى نتيجة وذلك لعدم وجود مرشدين كفوئين يساعدون الطالب، اضافة الى ان (المرشدين) يقيدون استخدام الطالب للكومبيوتر بالتحذيرات من عدم استخدام المواقع، باختصار أنا أشعر عندما أذهب الى هذه المراكز أنني قد أضعت وقتي بلا فائدة".
فاكهة ثمينة ... وغامضة
أما الطالبة (ر . ر) التي تدرس في كلية الهندسة – قسم السيطرة ونظم الحاسبات المرحلة الثالثة فتقول ان "الانترنت في الجامعات تحول الى ما يشبه الفاكهة الثمينة التي نراها ولا نستطيع شراءها، فالاسعار مرتفعة ولا يمكنني استخدام هذه التقنية، فلو أنني دخلت الى هذه المراكز مرتين اسبوعياً فإن أهلي سيطردونني من المنزل وذلك لأنني كلفتهم (2000) دينار اضافة الى مصروفي اليومي". وتضيف زميلتها (ر . خ) ان "اساتذتنا عندما يحدثوننا عن الانترنت فإننا لا نستطيع ان نتخيّل هذا العالم, فهو غريب علينا على رغم أننا في كلية علمية من الضرورات الملحة فيها ان نتعرف الى هذه المسائل ولا نعرف الأسباب التي تضع العراقيل أمامنا". وتؤكد الطالبة (زينب فؤاد) من كلية اللغات قسم اللغة الانكليزية انها لم تسمع بوجود وحدة الانترنت في كليتها وان محرر الصحيفة هو من أخبرها بوجود وحدة الانترنت وقالت "لا أرى يافطة تشير الى هذا المكان، كأنهم لا يريدون للطلبة ان يعرفوا بذلك وعلى العموم ان الأمر لا يعنيني كوني أجهل ما هو الكومبيوتر فكلفة دورة تدريب على استخدامه تصل الى 15 ألف دينار".
وعلّق طالب الدكتوراه في قسم الإعلام ليث الراوي على التغيير الذي أحدثته شبكة "انترنت" على تلقّي المعارف وتداولها قائلاً: "ان المراكز التي افتتحت في الجامعات العراقية معدومة الفائدة ولا تساهم في تقديم المعلومات للطلبة، وذلك لأن المرشدين الموجودين في هذه المراكز يحتاجون الى من يرشدهم الى المواقع التي من غير الممكن ان تساعد طلبة العلم في دراساتهم وبحوثهم". مدير وحدة الانترنت في "جامعة صدام" الدكتور عماد حسن يرى ان "افتتاح مراكز الانترنت في الجامعات العراقية قدّم كثيراً من الخدمات للطالب ما وفّر عليه اللجوء الى المكتبات بحثاً عن المصادر والمراجع في كل الإختصاصات، اما بخصوص عدم السماح للطلبة بدخول بعض المواقع فانه لا توجد أية معارضة من الناحية العلمية ونحن نحاول مساعدة الطلبة في هذا المجال". في كلية اللغات يرى مدير وحدة الانترنت في الكلية السيد محمد قاسم: "ان التعامل مع – انترنت – يأخذ من الطلبة المال والوقت لكي تتسنى لهم الإفادة من هذه الخدمة بصورة أكبر، إذ ان أغلب الطلبة الذين يحضرون الى الوحدة ما زالوا الى الآن غير مستوعبين لهذه العملية ويحتاجون الى الحضور أكثر من مرة في الأسبوع لكي نستطيع مساعدتهم".
واذا كانت حال مراكز الانترنت في جامعة بغداد فيها الكثير من العقبات، فهي أسوأ بكثير في جامعة الموصل (400 كيلومتر شمال بغداد) فهذه الجامعة التي تضم 17 كلية، لا يوجد فيها سوى خطين للانترنت كما يقول معاون رئيس الجامعة الدكتور وديع ياسين محمد مؤكداً ان "الخط ضعيف جداً ولا يوجد الوقت الكافي لفتح المجال للطلبة للافادة منه، كما ان سعر الخط مكلف جداً، وقد استقطع المبلغ من صندوق الجامعة ومن حوافز الموظفين، كذلك قمنا بتخصيص استمارات خاصة بطلبة الدراسات العليا حصراً، ويدوّن المعلومات المطلوبة ويقدمها للموظف أي انه ليس للطالب الحق في استخدام الكومبيوتر بصورة مباشرة". ويشير الدكتور وديع الى ان "توفير خط الانترنت ضروري ويجب ان نتعامل معه بمستوى الحاجة الى الزي الموحد أو حتى الدوام، لأن البلد يعاني الحصار العلمي، علماً ان الجامعة تضم أكثر من (1300) طالب دراسات عليا، فضلاً عن طلاب الجامعة في المراحل الأولى وأن هذه الأعداد قابلة للتزايد وليس للنقصان". وبما يشبه المفاجأة يكشف واقعاً متردياً لانفتاح الجامعة على تقنية المعلومات، إذ يقول "لخدمة كل هذه الأعداد لا تتوافر لدينا غير حاسبتين (كومبيوترين) فقط".
*تقرير نشر في صحيفة "الحياة" 30 نيسان 2002 |