العازف جهاد عقل حين يستعيد بكمانه الفصيح أغنيات الراحل عبد الحليم حافظ

تاريخ النشر       21/09/2014 06:00 AM


القاهرة- علي عبد الأمير*
توافقا مع كون المطرب الراحل عبد الحليم هو شخصية مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية هذا العام، فقد حضرت الحان اغنياته واجوائها الوجدانية والموسيقية والاجتماعية ولكن في عرض موسيقي كان نجمه الوحيد والابرز عازف الكمان اللبناني جهاد عقل.
العرض الذي احتضنه المسرح الكبير بدار الاوبرا المصرية بدأته "مجموعة الحفني للموسيقى العربية" التي رافقت عقل في ادائه الساحر بعزف لحن اغنية "العندليب الاسمر" الذي وضعه موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب لاغنية "فاتت جنبنا"، وهو ما بدا تمهيدا رقيقا ومناسبا لعرض موسيقي فريد، فاداء العازف عقل، لم يكن مجرد ترجمة بالكمان لصوت المغني العاطفي الاول في الموسيقى العربية المعاصرة، بل هو قراءة شخصية فثمة التنويعات على اللحن الاساسي، وثمة التوافق الجميل بينه والعازفينن وقبل كل ذلك تلك الطواعية الهائلة في تعاطيه مع الة الكمان، حد انها ترقّ بين يديه ليحوله تارة الى آهات المغني الراحل او الى الة غيتار او الة عود تارة أخرى.
وابتدأ عقل بعزف لحن اغنية "جبار" الذي منحه حرية كبيرة في تقديم الاغنية واللحن معا بطريقة لافتة، لاسيما انه كلحن يتوافر على امكانيات تتيح لالة منفردة كالكمان وعازف بارع عليها كما هي حال جهاد عقل ان تبرز بقوة وقدرة على التعبير.
وفي ادائه لاغنية الرحل حافظ "بتلوموني ليه" حاكى العازف عقل رقة المغني في تجسيد الاغنية التي تعد واحدة من مراحل نتاج المطرب العاطفي الاكثر رهافة.
بينما كان ادائه اغنية "اهواك" تجسيدا لاسلوبه في تحويل العزف على الكمان المنفرد عرضا موسيقيا مشوقا، حيث التنويعات على اللحن الاصلي والحركات الجسدية والمشاعر المرسومة على الوجه ابتسامة وحبورا.

العازف جهاد عقل: "وان مان شو" ( كاميرا علي عبد الأمير)

وضمن سياق عاطفي محض كالذي كانت عليه اغنية "انا لك على طول" جاء اداء العازف عقل، حيث الرقة التي اتاحت لجمهرة المشاهدين الذين احتشدت بهم القاعة الكبرى لدار الاوبرا المصرية ان يستمتعوا بواحدة من الاغنيات النادر ان تتكرر مثيلتها في المشهد الغنائي العربي المعاصر، فيما جاء عزفه لرائعة الملحن محمد الموجي "رسالة من تحت الماء" وفق قصيدة الشاعر الراحل نزار قباني متنوعا كما في البنية الاصلية للحن الاغنية، ولكن دون ان تفقد تلك الصفة في تنوع الحن وتعدد مستوياته قدرة العازف عقل على ادارة ادائه وكأنه المغني تارة وقائد الاوركسترا وصانع اللحن تارة اخرى.
عقل الذي جال في مشاركته بمهرجان الموسيقى العربية التاسع عشر على اكثر من مسرح في القاهرة والمحافظات بات علامة ثابتة في فعاليات المهرجان حيث جاءت مشاركته هذا العام لتكون السابعة له، وفي ادائه الساحر امسية الجمعة عزف ايضا لحن اغنية عبد الحليم حافظ "كامل الاوصاف" وانهاه بنشوة وصلت حد انه رمى بقوس الكمان الى اعلى ليتلقفه بين اصابعه نازلا وبرشاقة.
وفي مستوى الاداء الرفيع ذاته عزف شيئا من لحن "حاول تفتكرني" ومقطعا من اخر اغنيات الراحل حافظ "قارئة الفنجان" ليكون فقرة يودع بها الجمهور الذي صفق له كثيرا ليعود عقل ويقدم الفقرة ذاتها باقتدار اكبر ونشوة وحبور، كانا حصيلة الجمهور من عرض لافت كهذا.
وفي الامسية ذاتها احيى المطرب السوري الياس كرم بامكاناته الصوتية العريضة حفلا تضمن تقديم عددا من الاغنيات التي صاغ كرم الحانها، وحاول فيها تأكيد قيما لحنية تستمد انغامها من اصالة الحان بلاد الشام وخزينها النغمي.
وبعد اغنيتي "قدروا يشيلوني من قلبك" و"قمري بتضلي قمري" يمكن للسامع ان يتساءل عن الهوية الشخصية لاداء المطرب الياس كرم الذي بدا وكأنه نسخة من اداء المطرب وديع الصافي. كما ان هذا الاداء يثير سؤالا : هل يبدو تشابه ما في الصوتين مبررا لتشابه في الاداء الغنائي حد التطابق احيانا؟
على الاغلب يخسر المطرب كرم حين لا يعبر الى منطقته الخاصة في الغناء، مع انه يتوافر على امكانات صوتية ولحنية مهمة.

* تقرير منشور في صحيفة "الغد" الأردنية 2010



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM