تخطيط للراحل قاسم عجان بريشة ابن شقيقته الفنان امير محمد تقي عجام
كيف يمكن ان نعيد للذاكرة شيئا من ملامح الراحل الكبير، وكيف يمكن ان نؤمــــــــن مجددا ان الابداع العراقي ليس مهددا، وان مبدعيه ايا كان تصنيفهم وعلى اية جهة فكريـة او سياسية كانوا هم الآخرون معرضون لاطلاقات ليست طائشة حيث ان الابداع قــــاب قوسين او ادنى من فكرة الموت؟
ولكن لماذا كل ذلك ولماذا يرحل المحبون هكذا دونمــــا وداع؟ ولماذا لاتستطيع صدورهم البيض ان ترد صدأ الرصاص واحمراره ودمــــاره ان تكون دروعا بعدما احاطتنا بكل التجلي والسمو والوطنية والنضال ... هل كان جديرا بنا الآن ان نستعيد ذكرى قتلانا وموتانا في غربة المنافي او في اغتيالات الداخل ومن يجب ان نذكره والبلاد اضحت على مقربة موت ما دام هنالك من يعمل ضد الآخر كائنا مــــن يكون؟
وهل نعود لنختبر صبرنا وذاكرتنا مجددا وما عاد في الذاكرة متسع لرحيل آخر والم آخر وموت آخر ودموع اخرى واحتراقات اخرى، لكن الذي يشفع لنا ألمنا هــــــــــــو ان الراحلين باقون فنارات مضيئة وعلامات شاخصة في سماء الابداع العراقي وهم وحدهم الذين يدلونا للحقيقة والبياض.
والمفارقة الكبيرة هو اعدادنا لحوار موسع مع الراحل قاسم عجام، كنا قد هيأنا اسئلتنا ومباركتنا له وقصدناه في دار الشؤون الثقافية باستقبال لم يكن إلا دليلا على عروبتــــــه وعراقيته وان منصبه الجديد لم يكن ليغير في نفسه الكبيرة وانسانيته النبيلة وهكذا اتفقنـــا على محاور تخص الدار وكان من المفروض ان يجيب عن اسئلتنا خلال يومين كان هذا يوم السبت 15 / 5 / 2004 وكانت الدهشة ان يكون الاثنين 17 / 5 / 2004 موعدنـــا معه، موعده كذلك مع الموت حيث صار جسده رفيفا.
هل نعد ذلك طعنا بنا، طعنا لافكارنا واخيلتنا وهي تسبح في امنيات لا ترى مــــــــن حقيقة الموت حتى بصيصا ام ان ذلك درس لنا يجعلنا الموت ننتبه الى ان ما نفكر فيـــــه ونقرره ليس له معنى ازاء الفعل القدري ام ان ذلك في قرارته هو ما يدعونا للتأمـــــــــل طويلا بمصير اناسنا ومبدعينا.
هكذا غيب الموت قاسم عبد الأمير عجام كما غيب غيره من مبدعي العراق.
وهكذا نودعه ونراه بيننا ابدا.
*مقالة نشرت في صحيفة "المؤتمر"بعددها الصادر في 19 آيار 2004 وحملت عنوان"في وداع الناقد قاسم عبد الأمير عجام"، وكاتبها الشاعر احمد آدم حين يتساءل :"لماذا كل ذلك ولماذا يرحل المحبون هكذا دونمــــا وداع ولماذا لاتستطيع صدورهم البيض ان ترد صدأ الرصاص واحمراره ودمــــاره"، لم يدر بخلده ان يلاقي مصير قاسم بالطريقة ذاتها تقريبا، فالقتلة اوقفوه وزميلا له بالقرب من اللطيفية(ليس بعيدا عن ناحية جبلة حيث قتل قاسم)، واردياهما قتيلين في اوائل العام 2005.