سهيل نجم*
كان اختيارك صعبا وأنت تختار مجابهتهم بوعيك الحاد، وكان اختيارك شجاعا فـــذا إذ يأتي في هذا الوقت الملتبس دون غيره. كنت قد إخترت مجابهة العقل بالعقل، كما هـو عهدك، وإذ لم يكن لديهم هذا العقل، كان من السهل عليهم أن يختاروا أسهل الحلــــــــول فكتبوا على جسدك الرقيق هزيمتهم ونخاستهم.
قاسم عبد الامير عجام ايار 2003
ما أشد تضحيتك لهذا الوطن وحبك له ! وما أسوأ سقوطهم وكرههم للعراق....! أنت اخترت الكشف والسمو إلى البناء وهم إختاروا التستر بالموبقات والهبوط إلى الهـدم. كنت مترفعا عن النزوات والمنافع الشخصية وكانوا دنيئين لا يريدون إلا حفنة مـــــــــن الدولارات الوسخة. هل ستمضي وحدك مجللا بحب الحقيقة والناس ؟ ليس سهلا على محبيك أن تمضـي هكذا ؟ ولا تكفي مواكب المعزّين للسلوى، لأنك حفرت في عمق ذاكرتنا ما يستحيل على النسيان. فاستبشر المثقفون خيرا، واستبشر الجاهلون شرا. لوّحت باسلحتك الوحيدة التـي لا تملك إلا إياها، الحوار والمنطق والمستقبل. فارتعد الظلاميون خوفا، فلم يعهدوا مثـــل هذه الأسلحة ، بل عرفوا السلب والقتل والطاعة العمياء للأسياد ، لم يعهدوا أسلحتـك البيضاء "الفتّاكة" ، لم يعهدوا هذا الوضوح وهذا العمق الجميل. أولئك الذين تربوا على فوهات النار والقلوب الحجرية انّى لهم ان يدركوا انك مسيح جديد يريد نشر الجمال والحرية للجميع على أسس الحق والعدالة، انّى لهم ان يدركوا انك المتسامح السامي على الجروح القديمة التي غرزوها في روحك ونويت اليوم ان تعيد ترتيب الاولويات ليـس إلا؟ أجلس اليوم في زاوية وأبكيك وحدي، خجلا من التصريح بقتلك، خجل من التفكيـــر انك غادرت هكذا في غفلة ملعونة إغتنمها اعداء الحياة واصدقاء الموت. لي ولغيري،لم تكن اخا" لعلي او أبا لربيع وحدهما ، بل يصطف حشد من الأخوة والأبناء ، ممن تربوا على أفكارك النبيلة وسمو مبادئك ، يبكون غيابك الممض هذه الساعة، يتامى ، يا ابانـــا الذي كشف عن سوءات القتلة ومصاصي الدماء......
*النص الاصلي لكلمة الرثاء التي كتبها الشاعر والمترجم سهيل نجم هي بعنوان" إلى قاسم عبد الأمير عجام شهيدا ..هل قتلوا الربيع حقا ؟"
|