واشنطن تبني تحالفها (الدولي) على عجل فيضيع (صوت عاقل) بين ضجيج بوش وصدام

تاريخ النشر       24/05/2013 06:00 AM


شرة أعوام من الأهوال العراقية(2) : واشنطن تبني تحالفها "الدولي" على عجل فيضيع  "صوت عاقل" بين ضجيج بوش وصدام*

عمّان- علي عبد الامير

       كان الشهر الممتد بين منتصف شباط ( فبراير) ومنتصف آذار (مارس)، شهر الصخب الاميركي والعراقي على حد سواء، ففيما كانت واشنطن تسابق الوقت لبناء تحالفها "الدولي"، كانت بغداد تؤكد قدرتها على المواجهة ورد "كيد المعتدين" عبر لقاءات تجمع الرئيس صدام حسين الى كبار ضباطه وقادة وحداته "المقاتلة" لكنها المنهكة تسليحيا ومعنويا. وبين ضجيج اميركي يقابله آخر عراقي على نحو فج، لمعت فرصة ما للخروج المشرف. ففي منتصف شباط (فبراير) قدم وفد دولة الامارات العربية المتحدة الى مؤتمر القمة العربية الطارىء بمصر، مبادرة حملت اسم رئيس الدولة الراحل الشيخ زايد آل نهيان تتضمن دعوة "خروج مشرف" للرئيس العراقي ضمانا لبلاده وحماية لها.

لا الاميركيون حملوها على محمل الجد ( كانت القوات وصلت الخليج واستحكت في قطر والكويت)، ولا العراقيون، بل ان الوفد العراقي قابلها برفض متبل بشيء من الشتائم طالت صاحب الدعوة التي كانت بمثابة صوت العقل في لحظة الضجيج التام المنذور باكمله لهدير الطائرات والمدرعات وحاملات الطائرات والصواريخ. وبحديث لا يخلو من عنجهية اعلن وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان بلاده ستحظى في حال وقوع الحرب ضد العراق بـ"دعم جميع دول الخليج تقريبا". واوضح رامسفيلد ان " كلا من هذه الدول قالت لنا على حدة انها مستعدة للمساعدة، عبر سماحها مثلا للقوات الاميركية باستخدام اراضيها، جميعها باستثناء واحدة". مشددا  ان "صيغة "باستثناء واحدة" ترمي الى السماح للدول المعنية بان تنفي عند الاقتضاء دعمها لاي تحرك عسكري"، حيث كان ينتشر اكثر من 200 الف جندي اميركي عند ابواب العراق.

الانفجار الاول : بغداد فجر 20 اذار (مارس) 2003 ( ا ف ب)

ما اهمله الاميركيون، اي دعوة الامارات في "الخروج المشرف لصدام"، عاد ليكون "مبادرة" اميركية اطلقها الرئيس بوش قبل الحرب بيومين، وتقضي بخروج الرئيس صدام ونجليه من العراق في 48ساعة، وهو ما قابله نظام بغداد بازدراء متوقع! 
الصخب امتد الى لندن، حيث تناهبها موقفان: الاول حين هدرت في شوارعها تظاهرات كبرى مناهضة للحرب، والثاني فيما خص "حجر الزاوية" في "التحالف الدولي" المؤيد لقرار البيت الابيض بشن الحرب على العراق، فرئيس الوزراء البريطاني توني بلير، كان انهى ستة لقاءات مغلقة مع الرئيس جورج بوش، قبل ان يؤكد ان "التظاهرات  ضد الحرب وتمرد اكثر من 120 نائبا من حزبه في البرلمان والتنازلات التي يقدمها صدام  لن تثنيه عن عزمه على نزع سلاح حاكم بغداد".

بلير كان يشدد ان التزامه بنزع سلاح صدام التزام صادق "بصرف النظر عن اميركا"، و انه "لو لم يكن الاميركيون يفعلون هذا لمارست الضغط عليهم من اجل ان يفعلوه".

بعد عقد من الزمن على غزو العراق فإن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، مازال يواجه التساؤلات الصعبة والمحرجة نفسها بشأن الدور الذي قام به مع حكومته في ذلك الغزو. صحيفة صنداي تلغراف تناولت هذا الموضوع بمناسبة الذكرى العاشرة لغزو العراق.

اليوم يكتب فيليب شيرويل في صحيفة "صنداي تلغراف" يستعيد موقف توني بلير، حيال رغبته القوية في إسقاط الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، ونظامه، وتأييده الذي كان قوياً وغير مشروط لبوش في خططه لغزو العراق، واستعداده للذهاب مع الولايات المتحدة في الغزو حتى النهاية. واستناداً الى مسؤول في البيت الأبيض في ادارة بوش فإن المسؤولين الأميركيين كانوا متأكدين من تأييد بلير بلا أدنى تحفظ لأية خطة اميركية لغزو العراق، والزج ببريطانيا، الى جانب الولايات المتحدة، في هذه المعركة، وان تأييده السياسة الأميركية تجاه العراق كان حاسماً قبل عام من غزو العراق خلال زيارته لبوش في مزرعته بكراوفورد في تكساس.

وبحسب السفير البريطاني في واشنطن ( قبيل الحرب) كريستوفر ماير، فان "أخطاء بلير بشأن العراق كانت تنبع من نظرة محافظة ومتزمتة يحملها بلير، وهي نظرة تفوق في تشددها نظرة اليمين المسيحي الأميركي. ان الدعم غير المشروط الذي قدمه بلير للرئيس بوش، قوض ما كانت تتمتع به بريطانيا من تأثير ونفوذ في عملية اتخاذ القرار الأميركي، بعد أن أصبح بلير واحداً من تلك المجموعة المحدودة من المحافظين الجدد وصقور الحرب من العسكريين الأميركيين الذين كانوا يبلورون اجندة خاصة بهم". كما انه يلفت الى نقطة جوهرية بقوله " هناك العديد من الخطوات الخاطئة التي قام بها القادة البريطانيون والأميركيون وان اكبر الأخطاء كان الخلط بين صدام حسين واسامة بن لادن، والمساواة بينهما وكأنهما من الطبيعة ذاتها".

بانتظار النسور ؟

في منتصف آذار ( مارس) كانت فرقة "النسور الصارخة" تستكمل وصول جنودها ومعداتها الى الكويت منهية بذلك الاستعدادات العسكرية الأميركية لشن الحرب على صدام. وهذه الفرقة التي تعرف أيضا باسم فرقة المظليين الرقم 101، انشئت خلال الحرب العالمية الثانية لتلعب دور رأس الحربة في عمليات الهجوم الأميركية، وشاركت في حروب الولايات المتحدة كافة منذ الأربعينات. وكما في "عاصفة الصحراء" 1991 ستكون الكويت نقطة انطلاق هذه الفرقة المجهزة بعربات مصفحة هجومية من طراز "برادلي" وبأسلحة حديثة من النوع الذي يسهل نقله كالصواريخ الموجهة المضادة للدروع ومدافع الهاون. ويأتي وصول هذه الفرقة في وقت يستمر تدفق الجنود الأميركيين الى منطقة الخليج وتتسارع وتيرة الحرب المحتملة. وتعدى عدد القوات الأميركية التي وصلت الى المنطقة 280 ألف جندي أميركي و48 ألف جندي بريطاني. وسيصل مجموع الجيوش المحتشدة في المنطقة الى نحو 333 ألفاً تضم مختلف التشكيلات البرية والبحرية والجوية.
وعلى الجبهة الكويتية تحديداً يوجد نحو 105 آلاف فرد من بينهم 17 ألفاً من فرقة المشاة الثالثة الأميركية، و45 ألفاً من مشاة البحرية و15 ألفاً من قوات التدخل السريع ولواءان محمولان جوّاً. وبدأت طلائع فرقة المظليين 101 بالوصول إلى الكويت في الخامس من اذار. ويتوقع أن تدخل هذه الفرقة ضمن التشكيل الذي سيكون رأس الحربة في الهجوم الأميركي على العراق. وفي البحرين يوجد أربعة آلاف فرد يتبعون لقيادة الأسطول الخامس الأميركي. وفي قطر يتمركز نحو 1000 فرد من القيادة المركزية الأميركية في قاعدة السيلية و3500 في قاعدة العديد وتوجد معدات وأسلحة تكفي لتسليح لواء مدرع أميركي عند الحاجة.
وفي قاعدة السيب العمانية يوجد 500 فرد من سلاح الجو الأميركي. كما يوجد في جيبوتي ثلاثة آلاف فرد من القوات الخاصة وعناصر بحرية وجوية. أما طائرات الشبح "ب-2" فهي متمركزة في دييغو غارسيا البريطانية وهذه القاذفات الاستراتيجية محملة بقنابل توجه بأشعة الليزر.

كما انتشرت قاذفات "ب- 52" و"ب-1" على مسرح العمليات في المنطقة، تضاف إليها 17 سفينة محملة بالدبابات كاحتياط استراتيجي.
وفي مياه الخليج تواجدت ثلاث حاملات للطائرات واثنتان في مياه شرق البحر المتوسط والسادسة في طريقها إلى المنطقة. ويوجد على كل حاملة طائرات أكثر من 50 طائرة مقاتلة وقاذفة من طراز "أف-14" و"أف-18". هذا في حين تشكل الطائرات من طرازي "أف-15" و"أف- 16" الجزء الأكبر من مقاتلات سلاح الجو الأميركي في القواعد البرية في الخليج وطائرات "آي - 10" للإسناد الأرضي. وستكون دبابة "أم-1-آ-3 أبرامز" السلاح الرئيسي لفرق المدرعات والمشاة الأميركية والمدعومة جوّاً من طائرات "أباتشي".

 أما القوات البريطانية فتألفت من 42 ألف فرد يعملون في القوات البرية والبحرية والمحمولة جواً، مزودة نحو 100 طائرة مقاتلة من طرازي "تورنيدو" و"جاغوار" تعمل من على متن حاملة طائرات بريطانية وبعض القواعد الجوية الخليجية والتركية. وستكون القوات البريطانية البرية مزودة دبابات "تشالنجر-2".

"النسور" انتظرت خمسة ايام لتطلق صرختها،  ففي العشرين من اذار (مارس) دوى انفجار ضخم خلخل هدوء فجر يوم بغدادي لتبدأ الحرب بمرحلة عنوانها "الصدمة والرعب".

* الجزء الثاني من تقرير مطول في "الحياة" عن الذكرى العاشرة لحرب الاطاحة بصدام

 

 

 



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM