ما بك يا عراق .. ما بك يضيق صدرك بالاصفياء ؟

تاريخ النشر       20/10/2009 06:00 AM


د. نادية العزاوي*
في حضرة الشهداء تقف اللغة مرتبكة عاجزة عن الاحاطة بالنكبة، عاجزة عن وصف الجرح النازف الذي ينزُ في الاعماق ويخنق في العينين الدمعة.                    
أبا ربيع .. تحاصرني الاسئلة وما من جواب : كيف يختزل الزمن هكذا بين صوتك المنساب عبر الهاتف مساء يوم الاحد محملا بزخم الحياة، مشاريعا ووعودا تنوي تحقيقها وبين صمتك الابدي صباح الاثنين؟ 
 

الراحل قاسم عجام 2002
 
كيف بهذه المباغتة وبهذه العبثية والهمجية ينتهي كل شيء؟ وفي هذا التوقيت اللعين، إذ في النفس توق وظمأ الى تعويض كل ما فات مما هو مؤجل ومنتظر بعد سنين من القهر والصدأ، فيا بلد ديدنه العقوق لمحبيه والتآمر على البررة المخلصين فيه، ما منهم الا وقد ارديته قتيلا او طوحت به في المنافي والمهاجر بعيدا!! ما بك يا عراق ما بك يضيق صدرك بالاصفياء وتنام الخفافيش والافاعي فيك آمنة مطمئنة؟ ابا ربيع نعلم ان الموت حق علينا ولكن الغياب موجع، وغياب الانسان والمثقف النزيه في زمن الشراسة والظلامية اكثر ألما وأوجع.
أبا ربيع تظل كل كلماتنا ودموعنا ولافتاتنا ثرثرة ما دامت لا تستطيع ان تسترد وجودك الذي كان بيننا، ذلك الوجه السمح، وتلك الضحكة المبحوحة الدافئة، والطوية النقية والوعي المستنير.
أبا ربيع ... يحضرني صوت حبيبك الجواهري يجدد عهده بالفكر الحر الذي سيظل يصلب دونه أبناؤه ومريدوه على مذبح الكلمة الشجاعة الادبية، إننا عليك ياقاسم لمفجوعون.    

* كلمة ألقتها الباحثة والأكاديمية العزاوي في الحفل التأبيني الذي أقامته وزارة الثقافة في قاعة الجواهري، ونشرت في كتاب "النور المذبوح"تحت عنوان "الطريق الذي الفته بين المسيب وبغداد ..غدا معبرا من الحياة الى الموت".


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM