(مارلي): 150 دقيقة توثق سيرة نجم غناء (الريغي) وحياته القصيرة العاصفة

تاريخ النشر       15/05/2012 06:00 AM


واشنطن- علي عبد الامير

مثلما كان الفريق الغنائي السويدي الشهير "آبا" دالا على بلاده، بحيث صارت مبيعات اسطوانته في سبعينيات القرن الماضي ووطرا من ثمانينياته، تدر مالا اكثر مما تدره شركة "فولفو" للسيارات، صار اسم المغني بوب مارلي دالا على بلاده: جامايكا، حد ان لا اعلان يروج للسياحة الان في ذلك البلاد الكاريبي الا وواحدة من اغنيات صاحب " نو وومان نو كراي" تكون خلفية موسيقية له.
عن هذا المغني واسلوبه الغنائي "الريغي" الذي صار مقترنا عالميا بتظاهرات الاحتجاج السلمية، جاء الفيلم الوثائقي "مارلي" الذي بدأت عروضه هنا في الصالات الاميركية الاسبوع الماضي، وتضمن قراءة فنية مرهفة وصادقة لسيرة المغني الذي مات متأثرا بالسرطان وهو في قمة عطائه، اذ لم يتجاوز السادسة والثلاثين حين اعلن عن موته العام 1981.

بوب مارلي في مشهد من الفيلم
 
الفيلم يبدو طويلا بعض الشيء (نحو 150 دقيقة)، لكن قراءة المخرج السكوتلندي الاصل كيفن ماغدونالد ( اوسكار احسن فيلم وثائقي 1999 عن فيلمه الذي تابع فيه اخر المشاركين الاحياء في عملية قتل الرياضيين الاسرائيليين في ميونيخ 1972) جعلته اقرب الى متعة الفيلم الروائي، فهو لم يتوقف عند سرد حكاية مارلي تحولاته في الموسيقى والفكر والسياسة، ولا عند علاقته بالمخدرات (مدمن الماريوانا) ولا علاقاته النسائية الكثيرة ( 11 ولدا وبنتا من 7 علاقات بينهم زيغي المغني والمنتج المنفذ للفيلم البالغ 44 عاما اليوم) بل تابع قصته بوصفها مثالا آخر عن قدرة الفن في التعبير عن الذات والبيئة وصولا الى المشترك الانساني، وهو ما وصل اليه صاحب" وان لوف وان هارت".

في الفيلم نتعرف على لحظات انسانية تتصل بجوهر حياة صاخبة لمارلي، فبعد ان تم اكتشاف سرطان الجلد الخبيث في إحدى قدميه، رفض العلاج عبر بترها، ذلك انه سيوقفه عن المتعة في الغناء الحي، عن الرقص  اثناء ادائه العروض الغنائية صحبة فريقه "وايلرز" او "النائحون".

ومع حكايات نشأته العابثة في الاحياء الفقيرة ولاحقا النساء والمخدرات واجادته كرة القدم، تتراجع صورته التقليدية التي تقاربه وكأنه "قديس"، حتى وإن بدأ الفيلم من مشهد العذاب الاسطوري للافارقة المهجرين الى الاميركيتين: ساحل غانا، حيث "باب اللاعودة"، الذي تغادره السفن محملة بالأفارقة في طريقهم الى العبودية، او توقفه مطولا عند "الجذورالأفريقية" لمارلي واحيائه عددا من الحفلات في الغابون و جمهورية روديسيا (زيمبابوي)، فضلا عن تقديره العالي لشخص امبراطور اثيوبيا الراحل: هيلا سيلاسي.

ولا يبدو الفيلم سيرة ذاتية عن المغني الذي كان السادسة عشر حين سجل اول اغنياته على اسطوانة، بل عن انتقالات فكرية عميقة تمثلت في حياته وبالذات في السنوات الخمس الاخيرة منها، اي بعد تعرضه لمحاولة اغتيال داخل وطنه في العام 1976، وبعدها التزم فكرة الدفاع عن السلام والحريات، فصارت جولته الغنائية " وان لوف وان بيس" العام 1978 بمثابة نداء شعوب العالم الثالث الى الحرية والتخلص من السيطرة الاجنبية.

 

للربيع العربي حصة؟

الفيلم ايضا يأتي ليتابع ارث مارلي، فكريا وموسيقيا، وكيف ان الاسطوانة التي ضمت مختارات من اعماله وصدرت العام 1984 بعنوان "ليجنيد" او "اسطورة"، باعت 25 مليون نسخة في العالم، وكيف ان موسيقاه تتردد في اجواء "الربيع العربي" حيث مشاهد من انتفاضتي مصر وتونس، لشباب يتظاهرون فيما صور مارلي على قمصانهم واغنياته تبث، حين يتوقفون بعض الشيء لالتقاط انفاسهم بعد يوم غضب طويل، والتخطيط لما سنتظرهم في الغد؟
الفيلم كما يقول عنه مخرجه كيفن ماكدونالد، يقيم ارتباطا وثيقا بين مشاهده وبوب مارلي: الانسان والمغني وصاحب الرسالة. التي جعلته معروفا على نطاق واسع لاسيما في البلدان النامية، حيث يعتبر" صوتا لنضالات مشتركة ولمسة حانية على قلوب مقهورة" وهو ما تنبه اليه ماغدونالد حين كان يصور فيلمه "آخر ملوك اسكتلندا" في اوغندا العام 2005، حين وجد صورا لبوب مارلي معلقة على جدران بيوت فقيرة في مدينة اوغندية كان يصور فيها فيلمه عن الديكتاتور عيدي امين.

* نشرت في "الحياة" 



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM