احتفاء بعازف التشيللو الصيني الأصل يويوما لاغنائه الثقافة الاميركية المعاصرة

تاريخ النشر       03/12/2011 06:00 AM


واشنطن- علي عبد الامير
في تقليده السنوي اواخر كل عام، يحتفي احد ابرز المراكز الثقافية في اميركا والعالم "مركز كينيدي للفنون" بشخصيات بارزة اثرت الحياة الثقافية الاميركية، ومن سيتم الاحتفاء بهم هذا في الاسبوع الاخير من العام الجاري عازف آلة التشيلو الأشهر في عصرنا، يويوما، الى جانب اربع شخصيات اخرى اسهمت في اغناء الحياة الثقافية والفنية الأميركية.
لمسة العازف الصيني الاصل تبدو شخصية تماما، فهو يقرأ العمل الموسيقي قراءة خاصة غالبا من تنطلق من روحية فياضة يسبغها على ما توثقه اوراق النوتة الاصلية، حد ان اعماله باتت عملا خاصا دالا عليه مثلما هي دالة على مؤلفها الاصلي، فهو يضفي شيئا من التعبيرية المعاصرة على القطع الكلاسيكية في نسيج ليس صعبا اكتشاف روحيته المفرطة.
وكانت اطلالة يويوما الاولى على المسرح حين كان في الخامسة من عمره، وما ان وصل التاسعة عشر حتى صار في موقع بارز لا يشغله الا العازفون المرموقون المتمرسون الذين تسعى كبريات الاوركسترات في العالم الى وجوده معها كي تكسب اعمالها بريقا وحيوية اكثر.
يويوما المولود في العام 1955 بباريس لابوين صينيين، بدأ دراسة الموسيقى وعزف التشيللو مع والده في الرابعة من عمره، ليكون لاحقا عبر آلته الشجية  ولأكثر من ثلاثة عقود مصدرا للالهام الموسيقي والروحي في المشهد الثقافي الأميركي فنال عشرات الجوائز ومنها عدة جوائز "غرامي" التي تعد بمثابة "اوسكار الموسيقى"، فيما نال "وسام الحرية" الرئاسي في وقت سابق من هذا العام وعزف أمام ستة رؤساء أميركيين.

 
وشكل العام 1998 علامة فارقة في وعي يويوما الموسيقي والانساني حين انشأ مشروعا تعليميا أطلق عليه اسم "طريق الحرير" وتخصص بإقامة برامج لتعليم الشباب حب الموسيقى الكلاسيكية واحترامها برفعة في العديد من المتاحف الوطنية والمدارس والجامعات على مستوى الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا، متخطيا الحواجز الثقافية عبر عمل قائم على نشر السلام عن طريق لغة الموسيقى مما حدا بالأمم المتحدة الى اختياره سفيرا للسلام.
والمشروع مبادرة ثقافية  تبرز التراث الموسيقي للبلدان الواقعة على طريق الحرير التجاري القديم وتكرم التفاعل الموسيقي بين الشرق والغرب، وله فرقة موسيقية مكونة من عازفي دول في مناطق عدة من اسيا واوروبا، وقدمت خلال جولتها في العام 2009 عروضا موسيقية منها تضمنت اعمالا لافتة منها ما قدم أول مرة كالذي اقتبسه المؤلف الموسيقي الأذربيجاني عزيز حجيبايوف من الأوبرا الكلاسيكية "مجنون ليلى"، المكتوبة اصلا  عن الروايات العربية والفارسية الشهيرة عن حكاية مجنون ليلى التي تعود إلى القرن السابع، وعادة ما تقارن مع عمل شكسبير" روميو وجولييت".
كما قدم مشروع يويوما في الاتصال الثقافي الانساني عبر الموسيقى عملا لافتا اخر هو "دروب الأمثال" الذي وضعه المؤلف الأوزبكستاني ديمتري يانوف يانوفسكي، المقتبس عن "المسالك والحكم الصوفية"، وهو عرض روائي بمصاحبة الموسيقى. وكان ثاني عمل ليانوفسكي ضمن "مشروع طريق الحرير" الذي بدا نموذجا للتفاعل الثقافي والاجتماعي بين طلبة المعاهد الموسيقية والعازفين الشبان في اميركا والعالم، مثلما تحول "ورشة عمل خلاقة" للموسيقيين المحترفين، فخلال العقد الماضي انشغل عدد منهم بوضع 60 عملا جديدا من الأعمال الموسيقية والمتعددة الوسائل الأدائية، ومعها تم تطويرأدوات ووسائل تعليمية وبرامج للمدارس والأكاديميات الموسيقية.
مشروع يويوما في الاتصال الانساني عبر الموسيقى اوجزه بعبارته " البلاد التي كانت في الماضي تعتبر بعيدة نائية لم تعد كذلك. فقد أصبحنا كلنا جيرانا".
والى جانب يويوما، سيحتفي "مركز كنيدي"  بالنجمة الأميركية ميريل ستريب، والمغني والشاعر نيل دايموند إضافة إلى نجمة "برودواي" باربرا كوك، وعازف الساكسفون سوني رولينز عن مجمل انجازاتهم الفنية.


*نشرت في "الحياة" اللندنية



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM