وزير الثقافة العراقية الى موقعه "الحصين".... وزارة الدفاع

تاريخ النشر       03/12/2011 06:00 AM


عمّان- علي عبد الأمير
حين قرأت "الحياة" في اوائل العام الجاري تولي وزير الدفاع العراقي السابق سعدون الدليمي،  (تولى المنصب في حكومة ابراهيم الجعفري العام 2005) حقيبة وزارة الثقافة في حكومة المالكي الثانية، على انه مؤشر على قضيتين باتتا تمسكان بخناق اللحظة العراقية الراهنة، الاولى تتعلق بالمحاصصة الطائفية التي جعلت "الثقافة" حكرا على "السنة" ابتداء من العام 2005، والثانية هشاشة الطريقة التي تتعاطى بموجبها الحكومة العراقية مع الثقافة، فهي تمنح "الحقيبة غير السيادية" للطائفة "الاضعف"، وغير "السيادية" تعني بلغة الارقام اقل موازنة مخصصة للوزارة من بين باقي الوزارات بل حتى اقل من هيئات رسمية اقل من مستوى وزارة، كما هي الحال في "شبكة الاعلام العراقي".
وبما ان الثقافة العراقية لم تعرف منذ "تأميمها" في العام 1958 غير الحكومة ممولا وداعما، كان من الطبيعي ان تتعرض حركتها الى تهميش شبه تام مع غياب التمويل اللازم لوزارة ثقافة مصنفة على انها "غير سيادية".
اليوم وبحسب الصراع السياسي المحتدم في العراق، اسندت وزارة الدفاع الى وزير الثقافة سعدون الدليمي اضافة الى وظيفته، اي ان الرجل عاد الى موقعه "الحصين: وزارة الدفاع.
اللافت في اليوم الاول للدليمي بوصفه وزيرا للدفاع تصريحه " عندما تسلمت مهام وزارة الثقافة قلت إني سأقود وزارة الثقافة بإرادة وزارة الدفاع، واليوم سأقود وزارة الدفاع بعقلية ومرونة وزارة الثقافة"، مستدركا أن "المرونة التي قصدها ليست بمعنى التهاون مع القتلة والإرهابيين والعابثين بأمن البلد".
ولا يبدو واضحا معنى القول "سأقود وزارة الثقافة بإرادة وزارة الدفاع" الا في حدود "الصرامة العسكرية" التي تتطلبها حقيبة الدفاع بما في ذلك خطورة المهمة التي تتولاها في بلد فيه امواج متلاطمة من العنف.
ومن هنا ان لا عملا بارزا عرفته الثقافة العراقية، خلال الاشهر السبعة الماضية التي تولى فيها الدليمي حقيبة الثقافة، والذي ظل يتذرع بضعف "الموازنة المالية" المخصصة للوزارة، وهنا يقفز سؤال: ما اهمية  الصرامة " سأقود وزارة الثقافة بإرادة وزارة الدفاع" في مؤسسة خاوية ماليا؟ وما اهميتها ايضا ثقافيا، لاسيما حين نعرف ان ارفع الاسماء المشكلة للثقافة العراقية حاليا وفي العقود السابقة هي خارج التنظيم الرسمي للوزارة؟

صحيح ان الرجل كان يرد على منتقدي تعيينه وزيرا للثقافة بوصفه رجلا عسكريا (كان ارسله النظام العراقي السابق الى لندن للدراسة العليا حين كان يعمل في كلية الامن القومي قبل ان يتحول الى معارضة النظام) بقوله "أتيت وزارة الدفاع من مدارج الثقافة وكرسي التدريس وفي تصوري أنني أقنعت أبناء شعبنا بأداء الضابط الوطني ورسوخ الوطنية ومهارة العسكرية العراقية الباسلة"، وانه كان يحاول التخفيف من عبء وظيفته بالقاء مسؤولية الترشيح للثقافة على ائتلافه السياسي (تحالف الوسط) بقوله "ليس هنالك رابط في مستوى التكليف الوزاري بين الدفاع والثقافة سوى قناعة الأخوة في (الوسط) بأنني سأقدم شيئا لهذه الوزارة وأحاول إخراجها من التهميش والانعزالية وغياب الانتاج وغلبة الطابع الطائفي على السياق الوطني".


الدليمي اثناء شغله منصب وزير الدفاع 2005 حين التقى نظيره الايراني شمخاني
 
لكن أي مراجعة لتعهد الوزير، ستكشف انه وضع نفسه حيال مهمة ضخمة كان سيحتاج جهودا جبارة لانجازها، ناهيك عن موازنة مالية لم تكن قد خصصت ابدا رغم الوفرة التي عليها موازنة البلاد مع الارتفاع المستمر لاسعار النفط، فضلا عن ان "انهاء غلبة الطابع الطائفي على السياق الوطني" في الثقافة العراقية الان يبدو اكثر من حلم "طوباوي" في ثقافة تنقسم طائفيا وعرقيا بقوة.
وفي حين يتذكر عراقيون عرفوا الدليمي، قوله النابذ للطائفية "أنتمي إلى العراق وأهله وخاصة الذين ينبذون الطائفية والتقسيم والمحاصصة، ويسعون نحو بناء مشروع وطني يؤسس دولة قوية تقوم على أسس مدنية ديمقراطية" الا انهم انشغلوا بمفاجأة انه قبل " الطابع الطائفي" لوزارة الدفاع بحسب حكومة المالكي التي تصر على انها "حقيبة من حصة السنة" وهو ما اوضحه، سامي العسكري، النائب المقرب من المالكي بقوله" رئيس الوزراء يرى أن هذه الوزارة (الدفاع) هي من حصة المكون السني، وهو ما يتماشى مع طبيعة انتماء الدليمي"؟


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM