مقالات  



تحدياتنا الحالية

تاريخ النشر       22/06/2011 06:00 AM


علي عبدالأمير عجام*

فيما تعيش مختلف أنحاء الشرق الأوسط احتجاجات واسعة في مشهد يشي بالحاجة الى الحرية والديمقراطية، يبدو العراق في فرصة مثالية لان يتقدم الصفوف في المنطقة، فثمة نوع من الاستقرار النسبي يوفر ارضية للنمو الاقتصادي، لا تبدو متوافرة الان لباقي دول المنطقة، وهو ما يعني فرصا عدة لبلادنا كي تأخذ زمام المبادرة.
فزيادة انتاج العراق من النفط يوميا وبعد أن ارتفعت أسعار النفط نظرا لارتفاع الطلب سيدفع معدل النمو الاقتصادي في العراق خلال 2011 الى أكثر من المائة 10 بالمئة، وهو ما سيضع العراق قبل الاقتصادات العملاقة الشهيرة مثل البرازيل وروسيا والهند والصين.
ايضا تتوافر في العراق كثافة من المستهلكين، وحاجة كبيرة للبنية التحتية بما فيها الطرق والموانئ والمطارات ومرافق معالجة المياه والسكن، وعدم نسيان قطاع الكهرباء الذي يميل إلى جذب المزيد من الاهتمام والجهود والاموال من الحكومة سنويا. من ناحية أخرى ، يقدر الإنفاق على الاستثمار للسنوات الثلاث المقبلة مبالغ تصل الى 186 مليار دولار على أكثر من 2700 مشروع.
هذه النعمة من الاستقرار النسبي والنمو المحتمل توفر فرصا كبيرة للشركات الدولية التي ستحاول الدخول الى العراق كسوق للمستقبل.
 

علي عبد الأمير عجام
 
وقد لايكون هناك شيء جديد عندما نقول بأن فرصنا لبناء بلدنا الجديد مرهونة بالحفاظ على ديمقراطيتنا الوليدة، وبالتأكيد دون ذلك ليس هناك فرصة لتحقيق الاستقرار في العراق، ودون استقرار ليس هناك تقدم اقتصادي قائم على ارضية صلبة وحديثة.
ان التوترات السياسية على الساحة العراقية، باتت تنعكس في صعود مؤشرات العنف، لذلك هناك حاجة ماسة شديدة على حل مشاكلنا الكبرى بدءا من إعادة النظر في العملية السياسية برمتها، ونبذ الجهوية والطائفية في المؤسسات الحكومية، وادخال المزيد من التكنوقراط في قيادة الوزارات والمشاريع الاقتصادية، وتحديث قانون الاستثمار وتبسيط اجراءاته . ولكن لتنفيذ كل هذه التغييرات الأساسية والقرارات بشكل آمن وفعال، يجب أن يكون هناك التزام تام بالديمقراطية وبالتداول السلمي للسلطة ونقلها، واعتبارها قضايا جوهرية وصلت الى "نقطة اللاعودة".
 نحن نتفق جميعا على أن البلدان بحاجة إلى التفكير والنظر دائما بعناية فائقة لاقتصاداتها وتأمين حاجة الأجيال في المستقبل.و إذا كنت تعتمد كليا على سلعة واحدة كمصدر للدخل (النفط يمنحنا اليوم شعورا بالارتياح نظرا لارتفاع اسعاره)، فان مثل هذا الاعتماد على عدد محدود من مصادر الدخل في نهاية المطاف سيخلق تحديات لبناء اقتصاد سليم وللمجتمع على حد سواء. ذلك المنطق يتطلب منا اليوم الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد العراقي، مع التركيز بشكل أكبر على الزراعة والخدمات والصناعات القائمة عبر تطويرها أو إعادة تأهيلها. ولإعطاء مثال جيد على التنوع الاقتصادي، يمكن أن تكون السياحة صناعة رئيسية بالنسبة للعراق.
ان نظامنا المالي لا يزال متخلفا، وعلى وجه الدقة يمكننا القول ان حوالي 15 في المائة فقط من العراقيين لديهم حسابات مصرفية، في حين لا تزال حتى الشركات الدولية الكبيرة العاملة في البلاد تدفع لموظفيها نقدا. ايضا نذكر أنه لا يوجد نظام اقراض عقاري فعال يمكن ان يسهم في سد بعض الحاجة إلى نحو مليوني وحدة سكنية لانهاء الازمة المتفاقمة الحالية، ويمكن للعمل الواسع في تامينها ان يحرك عجلة الاقتصاد العراقي بقوة، ناهيك عن حلحلة الكثير من الازمات الاجتماعية الناتجة عن الاكتظاظ السكني في محلات لا تليق بمواطني بلد غني كالعراق.
ثمة مسألة أخرى مهمة كي نتخطى العثرات التي تواجه انتعاش اقتصادنا الا وهي الحاجة الملحة لوقف وباء الرشوة والفساد.
هل هذه التحديات مستحيلة الحل؟ بالتأكيد لا، ولكن بدون رغبة قوية لمواجهتها باعتبارها قضايا رئيسية، نبدو أقرب الى فقدان الفرص الحقيقية التي بدأنا في الحصول عليها.


*المقال الإفتتاحي لمجلة "أسواق العراق" العدد الرابع تموز-يوليو 2011



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM