مقالات  



خسائر عراقية

تاريخ النشر       22/06/2011 06:00 AM


علي عبد الأمير عجام*
أي حقيقة هذه، حين يكون العراق بوصفه رائدا في صناعة النفط، احد اكبر الخاسرين الآن؟
قد لايبدو ان هناك شيئا جديدا في لائحة الاسباب التي ادت الى الوضع السيء للصناعة النفطية في العراق خلال العقود الثلاثة الماضية، لكن الجديد واللافت هو ان الموجة الجديدة من الخسائر العراقية هي خسائر الاقتصاد العراقي في قطاع النفط التي بلغت نحو 493 مليار دولار مابين عامي 2003-2011 نتيجة لتعطل وتأجيل المشاريع وسوء الإدارة والتخطيط، بحسب ما أوضحه الخبير نزار حيدر الذي يعمل في قسم البحوث بشركة دي  تي آي الأميركية لشؤون الطاقة  في دراسة أعدّها ونشرت عنها وكالة انباء "أصوات العراق" قصة صحافية نشرتها اوائل الشهر الماضي.
وبحسب الدراسة فان "خسائر العراق في القطاع النفطي للفترة بين عامي 2003 و 2011 بلغت نحو 493 مليار دولار، وهي خسائر ناجمة عن سوء الإدارة والتخطيط وتعطل المشاريع وتأجيلها، كما أن هذه الأسباب أدّت في الوقت ذاته إلى ضياع 8.5 مليون فرصة عمل محتملة كان من الممكن أن ترفع دخل المواطن السنوي من 3500 دولار إلى 18 ألف دولار سنوياً".

علي عبد الأمير عجام

ودائما بحسب السيد حيدر  فأن "خمس سنوات قد أهدرت قبل أن تتوصل حكومة المالكي إلى  الخطوة الضرورية لتحريك عجلة الإنتاج النفطي للوصول إلى معدلات إنتاج مقدارها 3.1 مليون برميل في نهاية عام 2011، و3.7 مليون برميل في عام 2012 ". ولكن الخسائر التي تعنيها تلك السنوات الخمس بالارقام تعني الكثير الكثير، فخسائر العراق المالية الناجمة عن تأخر المشاريع الإنتاجية للنفط بما مجموعه "227 مليار دولار بين أعوام 2006-2011  و 538 مليار دولار بين أعوام 2012-2016 في حالة محافظة أسعار النفط على معدل سعر يعادل 80 دولارا للبرميل الواحد". كما أن "خسائر العراق الاقتصادية من تأخر مشاريع الغاز الطبيعي تقدّر  بما مجموعه 52.9 مليار دولار بين عامي   2006 و 2011  و 147 مليار دولار بين عامي  2012 و2016".
ولسوء الحظ فان خسائر العراق الإجمالية نتيجة لإهدار الفرص وتأجيل المشاريع ستصل إلى 5.3 ترليون دولار وهي تبدو بذلك قريبة من خسائر العراق الاقتصادية نتيجة الحروب  التي خاضتها البلاد إبان عهد صدام حسين والبالغة نحو 7.8 ترليون دولار".
ان مواجهة لائحة الخسائر الكثيرة التي لحقت بالعراق، يجب ان تؤدي الى عمل استثنائي لتعويض بلادنا عن فرصها الضائعة، وقد تستوجب رؤية استثنائية قبل مثل ذلك العمل، فنحن نعتقد بضرورة ان تنجز مثل هذه الرؤية في خطوات سريعة وقوية، وان تكون تلك الرؤية نابعة من فهم لحقيقة ان العراق كان منطقة صراع بين قوى محلية واقليمية ودولية خلال العقود الثلاثة الماضية، وان عليه اليوم ان يكون ساحة للحوار بين تلك القوى، ولا شيء يمكن ان ينجز مثل هذا الحوار مثل العلاقات الاقتصادية، ولا شيء قويا في الاقتصاد العراقي مثل النفط، ولهذا فان عرض الثروة العراقية النفطية وفق مبدأ الشراكة، سوف لن ينقذ البلاد من وضعها الامني والسياسي الحرج، بل يبني أساسا قويا لبداية بعد عقود من المآسي، متذكرين هنا المثال الذي قدمته تجربة كوريا الجنوبية في جعل الاقتصاد وسيلة لانهاء الازمات السياسية. لكن المهم في هذا كله هو سؤال مفاده: هل نمتلك حقا مثل هذه الرؤية؟
 
* المقال الإفتتاحي للعدد الثالث (حزيران 2011) من مجلة "أسواق العراق"
 


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM