عمّان - علي عبد الامير يضفي ادباء وكتاب ومثقفون اردنيون وعراقيون "طابعاَ سياسياَ" على علاقتهم بكرة القدم انطلاقاَ مما يشيعه "المونديال" الحالي من اجواء تشغل قطاعاَ عريضاَ من الناس، غير ان هذا الانطباع عن كرة القدم لا يبدو منسجماَ وواحداَ، فثمة من يرى في "ملاحقة كرة جلدية تتقافز بين اقدام 22 لاعباَ في المستطيل الأخضر، عبثاَ لا طائل منه"، فيما يرى آخرون ان علاقتهم بكرة القدم و"المونديال" تحديداَ، محصورة بمتابعة مباراة واحدة فقط، هي المباراة النهائية اما الطريق اليها فلا يعنيهم أمر متابعته. الشاعر والقاص رسمي أبو علي، يتابع كرة القدم بشغف فهو لاعب سابق، والمباريات "جزء من اثارة مفتقدة في الحياة اليوم، لا سيما ان النكبات والاحزان تلاحقنا من كل جانب". يشجع (أبو علي) انطلاقاَ من حاجته للتنفيس عن اليأس والتخلص من الشعور بالاضطهاد، فريقاَ عربياَ أو من العالم الثالث على اقل تقدير، أو من الدول "غير المحتكرة" للكأس الاغلى في رياضات العالم. وقريباَ من رأي رسمي ابو علي، تأتي انطباعات الفنان التشكيلي والكاتب الساخر عصام طنطاوي، فهو يؤكد ان نظرته الى كرة القدم "نظرة سياسية" ولذا فهو مع كل فريق أسود ضد البيض، مع فرق الجنوب ضد الشمال، مع فرق العالم الثالث ضد الفرق الاوروبية. الفريق الذي يجتذب طنطاوي هو الفريق العربي التونسي، لكنه لا يتردد في الاشارة الى ان انتصاراَ عربياَ في "المونديال" هو أقرب الى الأمل، غير انه يظل مصّراَ على ثقته بفريق من خارج "دول الشمال" للفوز بالكأس. القاصة بسمة نسور ورئيسة تحرير مجلة "تايكي" المهتمة بالادب النسائي تلفت الى "جانب انساني" في اهتمامها بكرة القدم، وبـ "المونديال" تحديداَ، فهي "مع كل فريق يتوفر على عدد من اللاعبين الوسيمين". ولذا كانت نسور مع الفريق الايطالي، مستذكرة انها تتابع بقوة اي مباراة يشترك فيها لاعب وسيم جداَ مثل مالديني. الشاعر ورئيس الدائرة الثقافية في امانة عمّان الكبرى عبد الله رضوان، يتابع المونديال ولكن " ليس بالضرورة متابعة شاملة ودقيقة"، وعلى عكس التوقعات الذاهبة الى ترشح أحدى الدول المعروفة في رفع الكأس الذهبية، للفوز بـ "المونديال الاسيوي"، يرشح رضوان الفريق البلجيكي للفوز. عازف العود والمؤلف الموسيقي العراقي نصير شمة الذي صادف ان زار عمّان اثناء الاشتغال على هذا التحقيق، يوضح انه غير مهتم بالمونديال ومتابعة مبارياته، لافتاَ انه "من العبث متابعة كرة جلدية تتقاذفها اقدام 22 لاعباَ" غير انه يعلن عدم ممانعته قضاء نحو ساعتين في متابعة المباراة النهائية في كل "مونديال". الروائي والقاص العراقي المقيم في عمّان عبد الستار ناصر، شغوف بمتابعة "المونديال" لا بل انه يحدد اوقات خروجه الى "مقهى السنترال" وسط عمّان حيث اعتاد الذهاب يومياَ للقاء الكتاب والصحفيين العراقيين المقيمين في العاصمة الاردنية. وشغف صاحب قصص "بعد خراب البصرة" بكرة القدم ينصّب على مؤازرة الفرق الضعيفة ضد الفرق القوية، ولذا فهو مع اي فريق عربي او أسيوي أو أفريقي وفي افضل الحالات مع فريق من اميركا اللاتينية. اشهر رسام للكاريكاتير في الاردن، الفنان عماد حجاج، وصاحب الشهرة الذائعة اجتماعياَ، لا يبدو بعيداّ في متابعته لـ "المونديال" عن "الحاجة للتنفيس عن الضغط السياسي والشعور بالقهر"، فهو يرى في البرازيل كونها من فئة العالم الثالث "علاجاَ سحرياَ يمنحنا الاحساس بالانتصار وعلى المستطيل الاخضر". وصاحب الشخصية الكاريكاتيرية الشهيرة "أبو محجوب" والتي صارت رمزاَ وأسماَ لـ "شركة أبو محجوب للابداع الفني" يوضح انه لا يتابع الرياضة عادة، غير ان لـ "المونديال" وقعاَ خاصاَ عنده، فهو يحرص على متابعة المباريات، وايقاع لاعبي "السامبا" بخاصة، فهم اي "اللاعبون البرازيليون"، يؤكدون قدرة المقهورين والمعذبين والذين تثقلهم اعباء المديونية العالية لدولهم، على "الانتصار" ولو ضمن مجال هو أقرب الى الوهم منه الى الواقع. القاص والكاتب العراقي الساخر المقيم في عمّان علي السوداني يؤكد "الجانب السياسي" في تعاطفه على الرغم من ان النتائج تظهر خيباته دائماَ فلا تفوز الفرق الضعيفة والمنسية "انا مشجع سياسي، أورّط روحي دوماَ كي تحتمل كدمات محبة الفرق التي تنتمي الى دول مظلومة وتشجيعها، فإن لعبت انجلترا ضد افغانستان (مثلاَ)، صفقت للافغان ولروحهم الوطنية التي ستثأر بعد قليل من انجلترا الكولونياليه". ويضيف صاحب قصص "المدفن المائي": " النتائج دائماَ كانت ضد قلبي واعصابي، وهدوئي وسكينتي، مع ذلك، لن أتوب ولن اتراجع عن تلك العادة المزرية، واخر توقعاتي النسيج الخرافي، هو فوز سيلان (سريلانكا) بكأس العالم في مونديال 2006، تقديراَ مني لمعاناة الخادمات ووفاءَ لطعم الشاي اللذيذ ". * تحقيق نشر في "الحياة" العام 2002
|