ليدي غاغا: هل وجدت الثقافة الشعبية الأميركية أيقونتها الجديدة؟

تاريخ النشر       12/08/2011 06:00 AM


علي عبد الامير

أشعلت مغنية البوب الأميركية ليدي غاغا ليل واشنطن بصخب اغنياتها وازيائها ونار موقدة في بيانو توسط المسرح الذي غنت فيه صاحبة "باد رومانس"، بحضور تماهى مع عدتها في الازياء الغريبة وتسريحات الشعر الفاقعة اللون، وحتى الاكسسوارات الاكثر غرابة بما في ذلك النظارات المرصعة بالاحجار الاصلية والمزيفة على حد سواء.
ليدي غاغا واسهما الاصلي (ستيفاني جوان انجلينا جيرمانوتا) المولودة بنيويورك العام 1986، تبدو في مؤشرات صعود نجوميتها وكأنها ايقونة الثقافة الاميركية الشعبية الجديدة، فاذا كانت مادونا ايقونة الثمانينيات و مرايا كيري، بريتني سبيرز وكريستينا اغويليرا تنافسن بقوة على اللقب في التسعينيات من القرن الماضي، و كانت بيونسي ورفيقاتها من رهط الخلاسيات الجميلات ايقونات العقد الاولى من القرن الحادي والعشرين فان اللقب سيذهب على الاغلب الى ليدي غاغا لتكون ايقونة الثقافة الاميركية الشعبية في العقد الثاني من القرن الحالي.
غاغا تبدو اقرب الى تمثل سيرة مادونا (الاثنتان اميركيتان من اصل إيطالي)، كما انهما ربطتا كثيرا بين التغيير في النغم والتغيير في الثياب وتسريحة الشعر، والحركات الراقصة. تعلمت ستيفاني العزف على البيانو في سن الرابعة، وكتبت أول أغنية هادئة على البيانو لها في سن الثاثة عشر، وبدأت تغني في المقاهي في سن الرابعة عشر (العمر ذاته والسيرة ذاتها عند مادونا لويس سيكوني).
 

ليدي غاغا: الرومانسية الرديئة

في العام 2003، بدأت ستيفاني جيرمانوتا دراساتها الموسيقى وكتابة الأغاني التي تنوعت موضوعاتها ما بين الفن والدين والسياسة والمشاكل الاجتماعية، لكنها لم تحتمل اجواء الدراسة لتتمكن من اقناع المنتج الموسيقي روب فوساري باصدار اسطوانة لها وباختراع لقب "ليدي غاغا" المستوحى من أغنية فريق الروك الشهير "كوين" التي حملت عنوان "راديو غاغا" وليصبح اسمها الدال على اغنيات غريبة التصوير والازياء والكلمات والالحان ايضا.
وشكل العام 2007، نقطة فارقة في سيرة غاغا اذ تعاونت مع فنانة المسرح "ليدي ستارلايت"، التي ساعدت في ابتكار أزياء غاغا، وكانت الاثنتان تغنيان ضمن عرض بعنوان "مناظرة ليدي غاغا وستارلايت"، كما كتبت العديد من الاغنيات لاسماء معروفة بينها بريتني سبيرز.
و انتقلت صاحبة اغنية " باباراتزي" للعيش في لوس انجلس العام 2008 للعمل على اصدار أسطوانتها الأولى "ذا فيم" او الشهرة، التي تصدرت قائمة افضل اسطوانات العام الا ان اجماع المبيعات لم يكن كذلك نقديا، فقد انقسم رأي النقاد بشانها، فثمة من رآى اغانيها "ملهمة وصادقة"، فيما اعتبرها آخرون انها "تفتقر الى العديد من المميزات الغنائية الراقية ويميل اداؤها الى الصبيانية".
 
ومن اغنيات الاسطوانة الاولى البارزة ثمة "جاست دانس" التي وصلت إلى المركز الأول بسباقات الأغاني في أستراليا وكندا وإيرلندا وهولندا وبريطانيا وأميركا، وهناك "بوكر فيس" التي فازت بجائزة "غرامي" لأفضل أغنية راقصة العام 2009. فيما تم ترشيحها لنحو عشر جوائز جوائز في حفل "أم تي في" للعام ذاته، لتظفر بجائزة أفضل فنان جديد، بينما حازت اغنيتها "باباراتزي"، جائزة أفضل مؤثرات خاصة وأفضل إخراج فني.
وبعد النجاح الذي حققته الأسطوانة الأولى "ذا فيم" أطلقت غاغا أسطوانتها الثانية " ذا فيم مونستر" أو وحش الشهرة، اوائل العام الجاري، وبحسب ألمعيتها النقدية الحادة ، فانها بين اسطوانتين، قالت الكثير عن الفن وصناعته والشهرة واشتراطاتها، فاذا كانت الاسطوانة الاولى تعكس الجوانب البراقة من الشهرة، فان الثانية تظهر الجانب المظلم من الشهرة.
ان وقفة متمهلة عند أغنيتها "باد رومانس" (الاداء والكلمات واللحن فضلا عن عنصر الفيديو المهم) لتحيل الى سياق متهكم تندرج فيها اغنياتها (الطويلة بعض الشيء مقارنة بالاغنيات السائدة)، فهي لا ترثي مشاعر الحب "السيئة" بحسب مزاج هذه الايام، بل تمضي في مهمة "تبشيع" الاشكال السائدة اليوم عاطفيا، لكنها حتى وان قاربت السخرية في ادائها للمشاعر المتداولة، الا انها لم تتخل عن خامة قوية في صوتها وبناء متين في سياق الكلمات حتى وان جاء سياقا غريبا، لكن اللحن المبتكر بدا منسجما مع "غرابة" الاجواء التي صاغتها الكلمات. كما ان هذا السياق لم يكن مختلفا مع اغنيتها الجديدة "اليخاندرو" لجهة المزاوجة الغريبة بين الرقة والقسوة، بين الجمال وفوضى القبح!

غاغا في حفلتها بواشنطن: العزف على بيانو مشتعل!
 
وبما ان الوشم الكثير على مناطق عدة من الجسد والتعبير عن الاعجاب بمثليي الجنس، هما مؤشران على ان صاحبهما من فناني اميركا والغرب عموما، مواكب للجديد في الثقافة والفكر و "ستايل" تماما، فان ليدي غاغا لديها ستة انواع من الوشم، من بينها إشارة السلام، وكتابة بالألمانية على يدها اليسرى تحمل أقوال الشاعر راينر ماريا ريلكه، الذي تعتبره فيلسوفها المفضل، فيما نجوميتها "ضاربة" بقوة بين مثليي الجنس، وهي لا تخفي ازدواجية ميولها الجنسية. وفي حفلها بواشنطن جددت غاغا موقفها بدعم حقوق مثليي الجنس والتبرع لمن هم لا مأوى لهم.
وكي تستقيم عناصر اعتبار غاغا "ايقونة" الثقافة الشعبية الاميركية، لابد من اكتمال الحشد الرقمي للشهرة، فهي الشخصية الوحيدة التي جمعت في صفحتها على الفيس بوك 10 ملايين معجب، متخطية بذلك الرئيس باراك أوباما، الذي تحمل صفحته على الموقع 9 ملايين، كما جاءت بالمركز الرابع ضمن قائمة تضم مئة شخصية للأكثر نفوذا، التي تصدرها مجلة "فوربس" سنويا، ودخلت قائمة أكثر عشر سيدات تأثيرا في العالم.


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM