العراق 2002: الطلاب لا يعرفون العطلة... عمل الصيف مؤونة الشتاء

تاريخ النشر       25/06/2010 06:00 AM


عمّان – علي عبد الأمير
 ينخرط طلبة المعاهد والجامعات العراقية بعد انتهاء فصولهم الدراسية في اعمال تعتمد غالبيتها الأيدي العاملة الرخيصة في حال تمكنوا من "الإفلات" من حملات التعبئة العسكرية سواء عبر "التدريب العسكري الصيفي" أم "التطوع" في تشكيلات "جيش القدس" فيما تبدو فرصة النزهة والترفيه شبه غائبة.
     وتكاد تكون أسواق الشورجة وعلاوي جميلة والباب الشرقي والمناطق الصناعية في البياع, وكسرة وعطش, هدفاً مثالياً لبحث طلبة المدارس الإعدادية (الثانوية) والمعاهد والجامعات عن فرص عمل, تعينهم في تحسين اوضاعهم الإقتصادية وتوفر لهم شهرياً نحو 50 ألف دينار عراقي (25 دولار) وهو ما يعتبره الطالب في كلية القانون في جامعة بغداد أحمد الأنصاري, مبلغاً جيداً يمكِّن الشاب من اقتناء ملابس جديدة تتكون من بنطلون وقميص وحذاء, من دون ان يكلف العائلة المتعبة أصلاً بتأمين الاحتياجات اليومية.
     وإلى جانب ما تقدمه الأسواق الرئيسية في العاصمة العراقية من اعمال تعتمد بيع المواد الغذائية بالمفرق ونقلها وتوزيعها على المحال التجارية الصغيرة, وشراء كميات كبيرة من الخضار وبيعها عبر استخدام عربات يدوية بين الأحياء السكنية, تقترح منظمات شبابية وطالبية, فرص عمل مؤقتة على آلاف الشبّان من طلبة المدارس والجامعات, لشهر أو شهرين في مؤسسات حكومية صناعية.
     وهذا العام لم يعلن كل من الاتحاد الوطني لطلبة العراق والاتحاد العام لشباب العراق وهما منظمتان يشرف عليهما عدي النجل الأكبر للرئيس صدام حسين, برامج معتادة لـ "تشغيل الطلبة". ويبدو ان المنظمتين استعاضتا عن هذا المنهج, بآخر يتعلق برفع "درجات الاستعداد العسكري" فتعاونتا مع جهات من وزارة الدفاع وتنظيمات حزب "البعث" الحاكم للبدء في التدريب العسكري والتوجيه السياسي لنحو مليون طالب من المدارس الإعدادية والجامعات.
     وفي هذا الشأن ألزمت إدارات المدارس والجامعات كل طالب بتوقيع تعهد, يلزمه الانتظام بالتدريب العسكري, وإلا فإنه لا يعتبر ناجحاً في العام الدراسي.
     وظلت الرغبة في تحسين الوضع الاقتصادي ممسكة بالشاب العراقي, فهو يحاول العمل بعد انتهاء ساعات التدريب العسكري في الصباح وبرامج التوعية السياسية ظهراً, بينما القليل من طلبة المدارس والجامعات يجدون الوقت للنزهة أو الترفيه, ولو توافر الوقت فإنهم, سيكتشفون غياب وسائل الترفيه وأمكنته, فلا المقاهي اصبحت أمكنة جاذبة لاهتمام الشباب, ولا "البلياردو" والألعاب الإلكترونية مثيرة للإهتمام, لا سيما ان عمر الألعاب الإلكترونية المتوافرة يعود في معظمه الى أواخر ثمانينات القرن الفائت إذ توقف استيرادها بسبب الحصار.
     وفي حين شهد العراق انفتاحاً جزئياً على عالم الإنترنت, (افتتاح عدد من مقاهي الإنترنت في العاصمة والجامعات) إلا ان ذلك لم يدخل الشباب في موجة متابعة الشبكة الدولية, فثمن استخدامها للساعة الواحدة (1500 دينار عراقي) ظل كبيراً ويعجز معظم الشباب العراقي عن تأمينه في حال اختياره الإنترنت مصدراً للمعلومات أوالتسلية.
     ولم يعد مشهداً لافتاً اكتظاظ الأسواق الرئيسية في بغداد, وأرصفة الشوارع في أحياء مثل الكرادة داخل وبغداد الجديدة وشارع فلسطين والكاظمية والبياع وشارع الربيع بالآلاف من الشبّان وهم يفرشون بضائع للبيع, تبدأ من علب الدخان وزيوت الطبخ والحليب المجفف ولا تنتهي بالتلفونات والراديوهات المستخدمة مروراً بالملابس الجديدة والمستعملة أيضاً.
     فراس مهدي محمود (21 عاماً) من بين طلبة الجامعة الذين يعملون في أوقات العصر والمساء على رصيف في بغداد الجديدة وهو يوزع عدداً من الجوارب والملابس الداخلية على قطعة بلاستيك هي من عدة شقيقه العسكرية, ويقول "أربح بين 1500 و 2000 دينار يومياً وهذا في حال استمراره الى آخر العطلة الصيفية وإذا نجوت من حملات تفتيش مراقبي امانة بغداد التي تمنع البيع على الأرصفة, فإنه يعني مبلغاً جيداً يكفيني لتأمين احتياجاتي للعام الدراسي المقبل من دون الحاجة الى معونة الأهل".
     طالبات الجامعات العراقية يحاولن أيضاً ايجاد فرص عمل في العطلة الصيفية, وتقول بتول هاشم الجبوري (20 عاماً) انها تعرف عدداً ليس بالقليل من زميلاتها في الجامعة التكنولوجية يعملن بشكل مؤقت في مكاتب تجارية وهندسية ومكاتب خدمات الكومبيوتر بشكل خاص. وتجني الطالبة 1200 دينار مقابل ست ساعات عمل تقوم خلالها بطبع اوراق بحث جامعية ودراسات خاصة لشركات صناعية ومكاتب تجارية.
     وتجد طالبات المدارس الإعدادية والجامعات بعض التسهيلات التي توفرها منظمة "الاتحاد العام لنساء العراق" لإقامة مشروعات عمل صغيرة ومنها مشاريع ورش الخياطة, وتقدم المنظمة النسائية آلات الخياطة والقماش وتساعد العاملات في توزيع المنتوج (ملابس رخيصة) وصرف مبالغ من الأرباح المتحققة عليهن.

*تقرير نشر في "الحياة" 30تموز 2002



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM