رعد خلف: حوار موسيقي بين الشرق والغرب

تاريخ النشر       07/06/2010 06:00 AM


"أوركسترا زرياب" في "الأيام الثقافية السورية"
رعد خلف: حوار موسيقي بين الشرق والغرب

عمّان – علي عبد الأمير

 خلافاً للإعتقاد السائد, لا تبدو الموسيقى العربية الراهنة في أسوأ حالاتها, فهناك غير واحة خصبة من الإبداع النوعي وسط صحراء الموسيقى الإستهلاكية السائدة, وما قدّمه قبل أيام المؤلف والمايسترو رعد خلف البصري, خير دليل. شارك الفنّان العراقي المقيم في سورية, برفقة "أوركسترا زرياب" في عرض ضمن "الأيام الثقافية السورية" التي تنظمها وزارة الثقافة الأردنية على هامش احتفالات "عمّان عاصمة للثقافة العربية 2002" وأبرزَ مهارة لافتة في مقاربة الأشكال الكلاسيكية الغربية مع الألحان العربية او "الروحية" العربية في البناء النغمي.
     وتميزت التجربة هذه بثلاثة ملامح, الأول في تقديم مؤلفات موسيقية كتبها مؤلفون عرب ضمن الشكل الكلاسيكي الغربي: "قصة حب" للمؤلف صلحي الوادي.
     وفي هذا العمل جاءت "الروحية العربية" واضحة لا  بسبب المرجعيات التي استمد منها المؤلف مقطوعته وإنما بسبب الطابع الروحي السلس لعازفي الأوركسترا في تقديم العمل وابتعادهم من التعقيدات التقنية التي يستخدمها احياناً بعض العازفين لتأكيد موهبتهم.
     والمدار الثاني الذي تتحرك فيه "اوركسترا زرياب" واسع ومتحرك, فهي تنفتح على أعمال لحنية عربية بعضها اصبح من الموروث والآخر ما زال معاصراً, وذلك حين أعادت الأوركسترا الميلودي الأساس في عشرة ألحان عربية, فاستمع الجمهور الى أصداء من العراق "فوق النخل" ولبنان "يا مايلة على الغصون" و "على مهلك" ومصر "خايف اقول اللي في قلبي" و "جبار" فضلاً عن اغنيات وطنية مثل نشيد "وطني الأكبر".
     واللافت في عمل الأوركسترا على هذه الألحان, التفوق في ادراك شكل موسيقي يجمع بين الشكل الموسيقي الغربي وبين الخصائص الفنية والروحية للعمل العربي الأصلي, ودائماً ضمن شكل من الأداء يجمع بين عنصري الرصانة والتسلية, وهذا نسيج في غاية الأهمية لجهة قدرته على جذب اهتمام قطاع كبير من الجمهور وتقريبه الى اجواء الموسيقى الجادة.
     والمدار الثالث في عرض "اوركسترا زرياب" كان في إعادة إحياء الآلات الموسيقية القديمة التي إكتُشفت آثارها في بلاد الرافدين و (اوغاريت).



     وضمن هذا المدار قدمت الأوركسترا رفقة موسيقية جريئة ما بين آلات وترية قديمة: "السنطور", "الجوزة" و"القيثارة السومرية" وآلات ايقاعية "النقّارة" وآلات نفخ "بان فلوت أو الناي المتعدد" الى جانب غناء إعتمد نصوصاً قديمة وثّقت "حوارية بعل وعنات" وذلك بعد اكتشاف رقيم في اوغاريت لا يوضح النص الشعري فقط وإنما مفردات معينة هي في حقيقتها, دلالة لألحان تتوافق مع الكلمات كي تصبح غناء.
     يُذكَر ان المايسترو والمؤلف رعد البصري, هو نجل الملحن والمؤلف الموسيقي والباحث العراقي المقيم حالياً في هولندا حميد البصري, وكان درس علومه الموسيقية في موسكو قبل ان يقيم في دمشق استاذاً في معهدها العالي للموسيقى.

* متابعة نشرت في "الحياة" الاثنين 23 ايلول 2002



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM