نقد أدبي  



ندوة الرواية العربية في بغداد 2002

ِعلي عبد الامير

تاريخ النشر       17/01/2010 06:00 AM



اوراق نقدية في " ادب ام المعارك"*
ندوة الرواية العربية في بغداد : التكرلي واليوسفي ابرزالحاضرين

اختار "ملتقى بغداد الاول للابداع"  الذي نظمته "دار الشؤون الثقافية العامة" في وزارة الثقافة العراقية للفترة من 26-29 تشرين الأول ( اكتوبر) محور" الرواية العربية المعاصرة" كي يبدو فرصة لأختبار " نوايا" عدد كبير من الأدباء العرب في ما خص "موقفهم من  التهديدات الأميركية، وتضامنهم مع العراق " كما اشارت الى ذلك صحيفة " الثورة " البغدادية في لقاءات مع ضيوف الملتقى من المثقفين والروائيين العرب : نادية خوست ، وجيه فانوس ، حسن حميد وهاشم غرايبة ومحمد على اليوسفي وغيرهم.
وفي حين كان البحث عن تجليات " روايات ام المعارك " مهمة نقدية عراقية ، فان الأدباء العرب اكتفوا بالحديث عن " خطورة التأثيرات الأجنبية في الرواية العربية " كما في بحث السوري عبد الكريم ناصيف.
 الناقد العراقي د.عمر الطالب قدم في بحثه"الفضاء في روايات ام المعارك" مقاربة لأربع روايات تدور احداثها في "ام المعارك" ( حرب الخليج الثانية) وهي "مربع المجابهة" لعباس عبد جاسم و"برج المطر" لامجد توفيق و"افياء في النار" لثامر معيوف و"الغرانيق" لمحمد عطا الله. ويورد الباحث ان سبب اختياره هذه الروايات دون غيرها  هو" لاختلاف احداث هذه الروايات واختلاف الفضاء فيها وطريقة البناء القصصي لتكون نموذجا لهذا النوع من الروايات الممثلة لاجواء العدوان واحداثه". وفي حين سمى الباحث " الفضاء الروائي"   على انه "الحيز المكاني الذي تتمظهر فيه الشخصيات والاشياء متلبسة بالاحداث تبعا لعوامل عدة تتصل بالرؤيا الفلسفية ونوعية الجنس الادبي وحساسية الروائي" ، فانه انتهى الى وجود "تكامل وتلازم بين مختلف مستويات الفضاء في نصوص الروايات الاربع بحيث نجد تلازما وتكاملا بين طبيعة الامكنة وطبيعة الشخصيات حيث الاقدام والخوف في النفوس ناتج عن انغلاق الامكنة بسبب زمن العتمة وظلاميتها".

ما لا ترمقه تظاهرات ثقافة صدام: الازمة الانسانية العراقية (كاميرا فؤاد شاكر)

وفي سياق نقد " روايات ام المعارك " ذاته، درس الناقد العراقي  سلمان البكري في بحثه  "رواية رد العدوان والمقاومة .. انساق السرد في تحولات الواقع الى الرواية " العلاقة بين وقائع حرب الخليج الثانية والرواية العراقية :"هل تصلح تلك العلاقة سياقا لتخليص ماحدث من عدوان ودمار والتعبير عنه بين مفهوم المنازلة الكبرى او مفهوم العدوان /الدمار /الحصار/الموت وحدث مثل "جريمة ملجأ العامرية" وما يمكن ان يتضمنه من دموية ترتبط بما هو تاريخي تراجيدي يستل منه الروائي العراقي في نصه المقاوم".
وخلص البكري في بحثه الى مناقشة روايات عدة "عنيت برد العدوان" منها رواية "رغوة السحاب" لمحمود عبد الوهاب و"برج المطر" لامجد توفيق و"ضحكة اليورانيوم" للطفية الدليمي و"الخروج من الجحيم "لناطق خلوصي و"غسق الكراكي "لسعد محمد رحيم و" ميسوبوتاميا "للكاتبة ابتسام عبد الله .
شهادات لعدد من الادباء والروائيين العراقيين والعرب تحدثوا فيها عن تجاربهم  ورؤاهم الفنية في  الكتابة الروائية ، ومنهم الروائي العراقي المقيم في تونس  فؤاد التكرلي والاديبة السورية نادية خوست والقاص العراقي احمد خلف والناقد التونسي محمد علي اليوسفي الذي "آثر عدم الحديث في شهادته عن تجربته الشخصية ، انما تحدث عن رؤيته للناس في تونس وحبهم للعراق واهله ، فجاءت شهادته مفعمة بحب اهل تونس لاهل العراق واعجابهم بصمودهم" كما تورد ذلك صحيفة " الثورة العراقية.
 خوست ترأست جلسة من جلسات "ندوة الرواية العربية المعاصرة "وقدم فيها الناقد والأكاديمي العراقي د. مهند يونس بحثا عن "رواية  بضمير المتكلم" ،ثم  بحث القاص العراقي محمود عبد الوهاب عن "انداد المؤلف" و بحث الناقد طراد الكبيسي عن "شعرية الرواية" وبحث  الناقد محمد صابر عبيد "مفارقة المعنى الروائي".
 وضمن اعمال الندوة ذاتها ترأس الروائي والقاص الاردني هاشم غرايبة جلسة تضمنت بحث الأديب السوري عبد الكريم ناصيف  "الرواية والمؤثرات الاجنبية" وفيه اكد ان  "عوامل كثيرة ادت الى تأثر الادب العربي بالاداب الاجنبية منها البعثات المصرية الى فرنسا كبعثة محمد عبدة ورفاعة الطهطاوي وسواهما " ، مثلما "جاءت رواية "موسم الهجرة الى الشمال" للطيب صالح متأثرة بالاجواء الغربية (…)".
وقارب الناقد العراقي  فاضل ثامر فكرة  في بحثه"ما وراء الرواية" معتبرا ان هناك العديد من النصوص الروائية خارج التجنيس و اسماها "ميتا فكشن" لافتا الى الروائي الانكليزي جون باوز كمثال ،وفي الرواية العراقية اشار الى القاص محمد خضير في نصه "كراسة كانون" مؤكدا انه "نمط من الكتابات  التي يطلق يمكن وصفها بما وراء الرواية".
وهاجم الناقد العراقي  صفاء صنكور في ورقته" السرد - الرواية وروح العصر" جائزة نوبل و"دورها في تحديد مسارات  الاعمال الروائية في العالم"، لجهة ما اعتبره الناقد  "توظيف المسارات الفكرية التي تخدم الايديولوجية الغربية" .
ورأى صنكور ان "ثلاثية نجيب محفوظ "الحاصل على جائزة نوبل " تقترب من الرواية  الأوروبية المكتوبة في القرن التاسع عشر" وهذا دليل اخر - كما اكد الباحث - على ان "اللجنة المسؤولة عن منح نوبل تنحاز لمن يقترب بل ويتماثل مع النهج الفكري الغربي ".
وكانت  الجلسة ذاتها  التي شهدت " الهجوم على محفوظ " تضمنت بحثا راى في صاحب " اولاد حارتنا " قدرة على نقل الصراع الفكري والحيرة العقلية الإنسانية من المستوى المجرد الى المستوى الدرامي المتدفق بالحياة كما في روايته " ميرامار" ، فبحث الناقد   د.فائق مصطفى "وجهة النظر على المستوى التعبيري - ميرامار نموذجا " اكد فيه تعدد الاحداث وتنوع الأفكار  في رواية "ميرامار"، وبراعة محفوظ في هذا المستوى من الكتابة الروائية.
وفي ما مضت مناهج دراسية في عاصمة عربية بتكريس الرواية مادة في دراسة الأدب ، تضمنت" ندوة الرواية العربية المعاصرة"  جلسة مفتوحة بشأن تدريس الرواية ، تحدث فيها وجيه فانوس  بشأن  " امكان تدريس الرواية" ، وراى قسم من المشاركين امكان تدريس الرواية ، بينما نفى قسم اخر  ذلك .
وعلى جاري عادة " التظاهرات الثقافية " في بغداد ، لابد ان يكون ختام الأعمال ممهورا ببرقية يوجهها المشاركون الى " راعي الإبداع والمبدعين " ( الرئيس صدام حسين) ، فتولت ادارة" ندوة الرواية العربية المعاصرة" القول نيابة عن الروائيين والأدباء العرب :
ان "الروائيين والنقاد يدركون ان اهتمامكم ورعايتكم للابداع عموما وللابداع الروائي بشكل خاص هو افصاح عن رغبة اصيلة في التعبير ملحميا عن جهاد وتطلعات الامة التي تشكل نضال الشعب العراقي والشعب الفلسطيني الدلالة المتميزة الزاخرة بالمعاني التي اوقدتم شموعها عبر نضالكم الجهادي".

* نشرت في صحيفة "الحياة".


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM