من نافذة بيت عبد الله صخي في " كريستال سيتي" قرب واشنطن (كاميرا علي عبد الأمير)
في ظهيرة تحت سماء داعبتنا بغيوم تعرف كم من صحارى الهجرات مشينا، وكم من شموس تحجّر فيها صحو ايامنا، وكم مدينة اودعتنا خديعتها رغم اننا لم نملك غير صدق ارتعاشتنا وقلوبنا اللائبة من الخوف، في ظهيرة كانت خطواتنا فيها اخف على الرصيف من خطوات طائر حذر كسر جناحه فحط مرعوبا كأن الأرض صارت فخاخا لاتنتهي، بتلك الخطوات البطاء عبرنا تيجان الاشجار وقد انزلها الخريف ذهبا على الأرض، عبرنا الى مكان منفتح على غابة من ايامنا وقد احتضنت بألفة عجيبة كنيسة كآبتنا، فيما التراتيل كانت ترسلها فتيات ضحك القداح في اعناقهن ذات يوم ببغداد.
عبد الله صخي عند ضفة نهر بوتامك قرب واشنطن
تقف دمعة دائماعلى طرف قلبه، فيما عقله يزن بلدا، صحيح ان الكدمات ارخت سدولها على ليله وصحيح انه ينظر الى يديه كلما فرغ من اخبار الفجيعة في عراقه خشية دم يلاحقه وان وصل قطب الله البعيد، وصحيح جدا ان قوارب من اللاجئين تحطمت على ضفة احلامه، الا انه صحيح ايضا ان فيه من بياض الصباحات قدر ما غطى الحزن افق البلاد بعباءات سود، وفيه من السعادة ما يملأ محيطات الأرض سفنا ومرافىء آمنة .
هنا بين ثناياه رقة خريف لاتحتمل، هنا بين ارجاء بيته الحميم استعدت نكهة كونتني، هنا كنت مطمئناعلى سيرة الألم والهجرات، على فكرة عنه كانت جديرة بان اعبر المحيط كي اصل اليه، هنا وصلت الى قلبه الكسير الذي يقلل وحشة العالم.
* نشر النص للمرة الاولى في موقع كيكا 2005