استفتاء شباب عراقيين حول (الشخصية المثالية)2003

تاريخ النشر       12/12/2009 06:00 AM


بغداد - علي عبد الأمير

بدأ الأمر اقرب الى الحوار مع مجموعة من الشباب العراقيين حول "الشخصية المثال"، وعن امكان الحديث عن تأثير لشخصية ما على الشاب العراقي الذي عاش مرحلة لم يعهد فيها الا شخصيات محددة كانت ترسم له وعيه السياسي والفكري والعلمي، وبات اليوم في وسط بحر من التأثيرات لشخصيات كانت تذكر اما بالسرية او بصفتها شراً ينبغي محاربته (سياسيون وكتاب واكاديميون عراقيون عاشوا في الخارج واتخذوا مواقف مناهضة للحكم السابق).

وتطور الأمر الى فكرة استبيان مكتوب، وتطوع عدد من الشباب لتوزيعه بين اوساط طلبة الجامعة، ومتعلمين عاطلين من العمل، وآخرين من الشباب الكسبة الذين لم يكمل بعضهم التعليم الجامعي، وصولاً الى شباب بالكاد انهوا الدراسة المتوسطة.

كانت الفكرة ان يتضمن الاستبيان فقرتين، الأولى في الشخصية السياسية العراقية التي تستحوذ على "اعجاب" الشباب والثانية في الشخصية الدينية، لا سيما ان "التوجهات الدينية" باتت حاضرة بقوة بين قطاعات عريضة من الشباب العراقيين، غير ان حماسة الشباب الذين راقتهم الفكرة جعلت الاستبيان يتوسع ليشمل 7 فقرات هي: الشخصية الدينية، السياسية، الثقافية، العلمية، الفنية، الاقتصادية والرياضية.


اي ارث فكري وقيمي ابقاه نظام صدام لشباب العراق؟
 
وزعت نحو 500 استمارة في مواقع عدة من بغداد بقصد استطلاع آراء شباب من مستويات اجتماعية مختلفة ضمن الفئة العمرية 18 - 26 عاماً. وبما ان الاستبيان اقتصر على بعض مناطق بغداد، فهو لم يتضمن شخصيات كردية او تركمانية.

في مجال الشخصية السياسية وزعت الأسماء بين فئتين: شخصيات من تاريخ العراق السياسي منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 (نوري السعيد، الملك فيصل الثاني، عبد الكريم قاسم، عبد الرحمن عارف، صدام حسين، سعدون حمادي وطارق عزيز)، وشخصيات لعبت ادواراً في مناهضة النظام السابق (اياد علاوي، احمد الجلبي وابراهيم الجعفري).

في الفئة الأولى جاء الترتيب كالآتي: عبد الكريم قاسم (رئيس اول جمهورية في العراق) ونال 44 في المئة من الأصوات، نوري السعيد 36 في المئة، الملك فيصل الثاني 5،6 في المئة وكامل الجادرجي 5,5 في المئة واخيراً صدام حسين وطارق عزيز ولكل منهما 4 في المئة.

واللافت في نتائج "الشخصية السياسية"، ان الشباب الذين شملهم الاستبيان كانوا على معرفة بتاريخ بلدهم السياسي على رغم الإقصاء الذي مارسه النظام السابق. وكشف الاستطلاع ان هناك رؤية جديدة للتاريخ السياسي، فنوري السعيد (رئيس الوزراء لأكثر من عشر مرات خلال الحكم الملكي والذي كان يعرف برجل بريطانيا في العراق) جاء في المرتبة الثانية، في مؤشر على ان مفهوم "العمالة للأجنبي" ينظر اليه اليوم في العراق بطريقة مختلفة.

في الفئة الثانية من الشخصيات السياسية، ظهرت اسماء سياسيين عراقيين ممن كانوا "معارضين" وباتوا اساسيين. وجاءت النتائج كالآتي: ابراهيم الجعفري 31 في المئة، اياد علاوي 28 في المئة، عبد العزيز الحكيم 21 في المئة، احمد الجلبي 11 في المئة، وعدنان الباجه جي 6 في المئة، ومحسن عبد الحميد 3 في المئة. وكانت الاختيارات في معظمها قائمة على "الشخصية القوية" للسياسيين، فيما كانت "الخدمة الوطنية" و"الأفكار" في المرتبتين الثانية والثالثة.

وعلى مستوى "الشخصيات الدينية"، جاءت النتائج كالآتي: آية الله علي السيستاني 52 في المئة، آية الله الراحل محمد باقر الحكيم 24 في المئة، الشيخ احمد الكبيسي 8 في المئة، كاظم الحائري 7 في المئة، مقتدى الصدر 5 في المئة ومحمد تقي المدرسي 4 في المئة، فيما لم يجد الشباب في الشيخين صبحي الهيتي وعبد الغفار العباسي اي مؤشر على انهما "مثال". وجاءت النتائج مفاجئة في ما يتعلق بشخصية السيد مقتدى الصدر. ففيما اختارها شباب من منطقتي "الثورة" و"الشعلة"، لم تحظ باختيار شباب "الكاظمية" و"الكرادة"، على رغم الفكرة القائلة ان الزعيم الشيعي الشاب يتمتع بشهرة كبيرة في اوساط الأجيال الجديدة.

"الشخصية العلمية": (اطباء ومهندسون وعلماء احياء مجهرية)، أدرج اسم "السيدة جراثيم"، كما يصفها الإعلام الغربي، د. رحاب طه التي كانت المشرفة على برنامج الأسلحة الجرثومية في العراق، ضمن لائحة المقترحين على المستفتين. وجاءت النتائج كالآتي: كامل الدباغ، الشخصية العلمية ومقدم برنامج تلفزيوني شهير "العلم للجميع" 36 في المئة، كمال السامرائي (طبيب النساء والتوليد والمؤرخ) 24 في المئة، زها حديد (المهندسة المعمارية) 12 في المئة، سعد الوتري (اختصاصي جراحة الجملة العصبية) وعلاء بشير (طبيب تجميل وفنان) ولكل منهما 8 في المئة، رفعت الجادرجي (مهندس معماري) 5 في المئة، ونعمة السحار (طبيب) 4 في المئة، وخليفة الشرجي (طبيب) 3 في المئة، ولم تحقق "السيدة جراثيم" والمهندس المعماري قحطان عوني، اي حضور في الاستفتاء.

وفي فئة "الشخصية الفنية": صاحب "نصب الحرية" (المعلم البارز في بغداد) النحات والرسام الراحل جواد سليم أعلى الأرقام بين الشباب، اسماء، فاعتبره 54 في المئة، "مثالاً" جاء بعده كاظم الساهر 20 في المئة، يوسف العاني (الممثل والكاتب) 8 في المئة، الرسام فائق حسن 4 في المئة، والنسبة ذاتها لكل من المخرج المسرحي سامي عبد الحميد، والملحن والمطرب عباس جميل، وحققت التشكيلية الراحلة (قتلت في قصف اميركي على بغداد عام 1993) ليلى العطار 3 في المئة والممثل سامي قفطان 2 في المئة والممثلة شذى سالم 1 في المئة. وغابت عن الترشيحات اسماء فنية عراقية معروفة، فلم يختر المستفتون المطربة مائدة نزهت والعازف والمؤلف الموسيقي نصير شمة والمطرب سعدون جابر والممثلة والكاتبة عواطف نعيم.

الشخصية الثقافية: الشاعر محمد مهدي الجواهري كان "المثال" لدى 32 في المئة من الشباب في الاستبيان، وجاء عالم الاجتماع الراحل د. علي الوردي المعروف بجرأته في تحليل الشخصية العراقية ثانياً بـ 28 في المئة من الأصوات، الشاعر بدر شاكر السياب 20 في المئة، الشاعرة نازك الملائكة 8 في المئة والنسبة عينها للشاعر مظفر النواب، والشاعر عبد الوهاب البياتي 4 في المئة. وفيما كانت غالبية الشخصيات الثقافية التي اختيرت من تلك التي عاشت فترة طويلة في المنفى الا ان شخصيات اخرى من داخل العراق لم تحقق حضوراً في الاختيارات، فاستبعد المستفتون مثقفين وكتاباً معروفين، مثل عبدالرزاق عبدالواحد، رعد بندر، لطفية الدليمي، محمد خضير، كذلك استبعدوا الشاعر سعدي يوسف والشاعرتين لميعة عباس عمارة وامل الجبوري.

الشخصية الاقتصادية: الأكاديمي في الاقتصاد السياسي (وزير التخطيط حالياً) الدكتور مهدي الحافظ الذي كان يعمل خارج العراق ضمن مؤسسات اقتصادية دولية منذ آخر سبعينات القرن الماضي، نال 63 في المئة من الأصوات. وجاء الأكاديمي في جامعة بغداد، د. همام الشماع ثانياً بـ17 في المئة من الأصوات، ونالت الشخصية التجارية المعروفة حكمت كبة 8 في المئة وعبد الستار الراوي 8 في المئة وعبد اللطيف هميم 4 في المئة، فيما لم يحصل نجل اشهر شخصية تجارية عراقية (محمود بنية) على اي صوت، وكذلك كانت حال التاجر سعد طبرة.

الشخصية الرياضية: عمو بابا، اشهر لاعب كرة قدم وأشهر مدرب في العراق، استحوذ على اهتمام المصوتين، فنال 41 في المئة من الأصوات، وجاء بعده المعلق والأكاديمي الرياضي المعروف مؤيد البدري 32 في المئة، والمهاجم العراقي المعروف فلاح حسن 13 في المئة وحارس مرمى المنتخب العراقي العائد من الخارج رعد حمودي 8 في المئة ولاعب كمال الأجسام علي الكيار 4 في المئة والمصارع الدولي عدنان القيسي 2 في المئة.
 
نشرت في صحيفة الحياة 2003/09/30 وساعدني في اعداد المادة وبخاصة الجانب الاستقصائي فيها الشاعر حسام السراي الذي كان بدأ معي تجربته الصحافية .


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM