سالم حسين: كتابة عن الموسيقى العراقية من احد اعلامها البارزين
ويبحث الامير في "الالات الموسيقية في العراق: منذ القديم حتى اليوم" مستعرضاً انواعها ووظائفها ومواصفاتها، متوقفاً عند بعضها مطولاً مثل: آلة (العود) وآلة (السنطور) و(القانون).
وحين يصل الى بحث "الموسيقى في عصر ما قبل الاسلام" في عنوان منفصل، يفاجئ سالم حسين القارئ بالانتقال بعد سطور قليلة الى بحث الموسيقى في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين، ثم العصري الاموي، والعباسي بشىء من التفصيل الذي غاب عن المراحل السابقة فذكر حياة اعلام الموسيقى والغناء في (العصر الذهبي العباسي) ومنهم: حكم الوادي، ابن جامع، المطرب سياط، ابراهيم الموصلي، اسحق الموصلي، الخليفة ابراهيم بن المهدي والاميرة علية بنت المهدي والكندي والفارابي، وابن سينا وعلوية ومليح بن ابي العوراء ومنصور زلزل ومخارق والخليفة الواثق بالله وعبيدة الطنبورية ويحيى بن علي بن يحيى المنجم ودنانير ولحاظ وصفي الدين الارموي البغدادي وزرياب.
ويذكر ان للموسيقيين مكانة في عهدي المغول والتركمان (1258-1534)م، ويشير الى اسماء علماء موسيقى مثل زين الدين الموصلي، وفخر الدين الشهرباني وياقوت المستعصمي وشرف الدين السهروري وبدر الدين الاربلي والكمال النوريزي والسلطان ابو سعيد وشمس الدين السروردي والصيرفي ونظام الدين بن الحكيم وجمال الدين الداسني وكمال بن البرهان الصوفي والسلطان احمد الجلائري.
المقام العراقي
ينتقل المؤلف الامير من متابعة موضوعته (الموسيقى في بلاد الرافدين) تاريخياً، الى بحث (المقام العراقي) كلون من الغناء الذي يتميز به العراق ويمتد تاريخه الى عدة قرون خلت -ويتابع ينابيع المقام في العراق واصله والتسميات الاعجمية التي ترافقه وطبيعة ادائه وغنائيه، ووصفه من حيث الايقاع في موسيقاه، وخصائص المقام العراقي في شهر رمضان ويبحث لاحقاً في شكل غنائي هو (الزهيري-الموال)، و(الجالغي) البغدادي -التخت الموسيقي المرافق لغناء المقام -ثم يقدم المؤلف متابعة ارشيفية رصينة لاعلام المقام العراقي خلال قرنين وصولاً الى ايامنا.
غلاف الكتاب
الغناء العراقي: ريفي، بدوي، مربع
ومنولوج، عربي كردي وتركماني
مثلما تتعدد تضاريس العراق وتتعدد اثنياته وقومياته، تتعدد اشكال الغناء فيه، هكذا نصل الى قراءة في الغناء الريفي العراقي واعلامه والغناء البدوي واعلامه وغناء (المربع) و(المونولوج) كسمات لافتة في غناء المدينة العراقية، كذلك نجد رصداً للغناء الكردي، والتركماني في العراق.
واذا كان سالم حسين الامير درس الغناء والموسيقى في العراق بحسب المراحل التاريخية تارة وبحسب الانماذ الفنية تارة اخرى، فانه يعمق دراسته بالتوقف عند علامات بارزة ومهمة في الفن الموسيقي الغنائي العراقي، ومن اكثر هذه العلامات "معهد الفنون الجميلة" الذي ترسخت فيه وبوجود عميده ومؤسسه الشريف محي الدين حيدر ومساعده حنا بطرس ابداعات وجميل بشير وسلمان شكر ومنير بشير وغانم حداد وجميل سليم والحاج حسين عبدالله وفريد الله ويردي وزكريا يوسف وروحي الخماش وعشرات غيرهم من كبار المؤلفين والعازفين الذين ادخلوا الموسيقى والغناء في العراق الى افاق الحداثة الواسعة.
العراق الرجولي فيه مطربات ناعمات!
وبحكم تاريخ فيه تحولات عنيفة وصاخبة جعلت من تاريخ العراق ذكورياً لعنفه قبل كل شيء، الا ان في الغناء والموسيقى وجوداً لمطربات بما يعادل بعض هذا الحضور الذكوري الطاغي فيذكر المؤلف اسماء: مطربات بدأن الغناء اوكائل هذا القرن، ليصل حتى نهايته، ويذكر مائدة نزهت، غادة سالم، احلام وهبي، لميعة توفيق، زهور حسين، وحيدة خليل، سليمة مراد، منيرة الهموزوز، عفيفة اسكندر، امل خضير، وصولاً الى الاسم الاحدث في الغناء النسوي العراقي: سيناء.
وللغناء (الرجولي) مساحة كبيرة في كتاب الامير، قدم خلالها اسماء كثيرة، بل انه لم يتردد عن ذكر فصل خاص للمطربين في التسعينيات.
وللتلحين فسحة في كتاب سالم حسين مثلما للعازفين وعلى مختلف الالات شرقية وغربية، كذلك مثلما للفرق الموسيقية العراقية، متوقفاً عند صناعة العود، وثمة فصل خاص بالنقد الموسيقي واعلامه في العراق وكانت خاتمة لطيفة وجميلة حين وضع المؤلف نصوصاً واغنيات ونوتاتها الموسيقية، هي من علامات الغناء الجميل في العراق.
*قراءة في الكتاب نشرت في صحيفة "الرأي" 25/10/1999