الموسيقى العراقية في نهايات القرن العشرين 4

تاريخ النشر       27/11/2009 06:00 AM


حاتم العراقي وصلاح البحر وجناية جيلهما بحق اغنية الشجن العراقية
 
كتب: علي عبدالأمير
اظهر المطربان حاتم العراقي وصلاح البحر مستوى من الإعتداد بالنفس واشارات عن " انجازهما" في الغناء العراقي من خلال حوارين لهما على صفحات" الغد" ونشرا خلال الأيام الماضية ، وباستغلالهما عدم معرفة الزميل الصحفي والقارىء الاردني على حد سواء ، فاضفيا على دوريهما في الغناء العراقي " فرادة " ومكانة هما ليسا عليها ، ذلك انهما من جيل يعرفه العراقيون بـ" جيل تلفزيون الشباب" الذي رعاه وروج له عدي النجل الأكبر للرئيس العراقي السابق صدام حسين ضمن نهج قصد منه النكاية بمطربين عراقيين رفضوا التحول الى انيسي حفلاته الشخصية ، وفي مقدمتهم المطرب كاظم الساهر بل ان عدي طلب من الساهرالذي كان مضى قدما في انجازه الغنائي والتلحيني ، الظهور في اوائل العام 1994 ضمن لقاء عبر شاشة " تلفزيون الشباب" مجبرا صاحب اغنية " اني خيرتك"التي كانت صدرت ضمن مجموعته لذلك العام على الإشتراك مع مطرب شاب مرتبك اسمه حاتم العراقي ، ليضع الساهرفي "مستوى واحد" مع من كان يمضي خطواته الأولى في الغناء .
 

حاتم العراقي: سذاجة الصوت وانحطاط الذائقة
وتنطبق حكاية " تلفزيون الشباب" على المطرب صلاح البحر ذاته ، وكيف انه وجد وكثيرون من جيله ممرا واسعا الى الجمهور من خلال نافذة اعلامية لم تقم اعتبارا لإي شرط فني في تعاطيها مع الغناء العراقي ، وشهدت فترة صعود المطربين : العراقي والبحر ، تراجعا متواصلا انتهت معه ملامح الغناء الشفاف الذي عادة مايسمى " الغناء العراقي الحزين" ، وعلى الرغم من محاولات مهند محسن ، هيثم يوسف ومحمود انور فمن النادر ان كان المتلقي العراقي يستمع الى صوت يشجي النفوس ، ولا الى لحن من تلك القماشة التي كتب وفقها الملحنون : محسن فرحان ، محمد جواد اموري ، طالب القرغولي ، فاروق هلال ، جعفر الخفاف وغيرهم ، كما ان الغلبة التي حققها جيل العراقي والبحر كانت في تملقه رأس الدولة وولديه في مئات الأغاني ، ويتذكر المستمعون لحاتم العراقي وضمن هذا السياق اغنيته المتهافتة " ابو الليثين"، حتى ان صحافيين ونقادا عراقيين يرون في هجرة مغنيين من نمط صاحب " ابو الليثين" هروبا من مشاعر المواطنين الغاضبة ، وخوفا من ردات فعل غير محسوبة .
 

صلاح البحر: من منتجات تلفزيون عدي صدام حسين وذائقته المشوهة
 
ان اصواتا غنائية روجها " تلفزيون الشباب" هي اصوات غير مصقولة، وتعاني عيوبا جوهرية في الصوت فضلا عن جهل في الثقافة الموسيقية ، كما في غناء حاتم العراقي ، باسم العلي ، باسل العزيز ، جلال خورشيد ، صلاح البحر، قسم السلطان ، حبيب علي وغيرهم ممن يسمون "مطربو قاع المدينة" الذين خلطوا بطريقة ساذجة بين غناء الغجر وغناء الريف وتقليد الغناء العربي المعاصر القائم على الحان الإيقاعات الراقصة.

وبعد ان طويت صفحة الرعاية" الأبوية" لمطربي قاع المدينة في العراق طفت على سطح الأحداث ظاهرة انتاج الأغاني من اولئك المطربين، ولكن انطلاقا من دبي حيث اقام حاتم العراقي وصلاح البحر وعلاء سعد صاحب " البرتقالة"  فضلا عن ما ينتجه مطربون عراقيون اقل شهرة في دمشق وعمّان . و وجد هؤلاء عوضا عن " تلفزيون الشباب" قنوات البث الغنائي العربية الى جانب بعض القنوات العراقية التجارية وهي تتساهل مع الحانهم الهابطة واصواتهم غير المنسجمة مع الشروط الفنية . ومن بين استثناءات الأغنية العراقية " المهاجرة" نجد الألحان التي يغنيها المطرب رضا العبد الله ، وفيها يحقق صاحب " ظالم" تعبيرية وروحية بدت متوارية عن النتاج الغنائي العراقي، وان كان العبد الله غير ملتزم القوالب الغنائية العراقية التقليدية، فضلا عن براعة تحسب للانيق في خطاه واختياراته المطرب ماجد المهندس.
 
واذا كان الإنطباع العربي السائد عن الغناء العراقي هو في" الطابع الحزين" لذلك الغناء فانه اليوم تعرض الى تعديلين بارزين الأول في سيادة ايقاع " الجوبي" بوصفه ملمحا عاما عن غناء بلاد الرافدين، كما في انطباع سائد في الأردن وسوريا ولبنان الى حد ما ، والثاني في " كلام ساذج ولحن متهافت " يختصر الغناء العراقي المتداول في دول الخليج وكما في لحن وكلام اغنية السعودي راشد الماجد " العيون " او كما تلمح اليه اغنية العراقي علاء سعد " البرتقالة" ، والأغنيتان ، كما تعزز ذلك صورتيهما المتلفزة ، تعتمدان وفرة الأفخاذ الراقصة لتغطية تهافتهما الفني .
* متابعة نشرت في صحيفة " الغد " الاردنية صيف العام 2004


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM