تضمنت اناشيد فيروز لمدن عربية اسطوانة "معكم" تلويحات الشعر والموسيقى لامكنة في الوجدان
كتب: علي عبد الامير
ليس جديدا، كما ذهبت الاعلانات التي علقتها مجلات بيع الاشرطة الغنائية والموسيقية، بل هو جديد من ناحية توفره على محور واحد، الا وهو محمور الغناء والتغني بالمدن العربية..هكذا يمكن الحديث عن شريط "معكم" الذي انتجته ( شركة EMI- الفرع العربي) وتضمن سبع اغنيات، هي اناشيد حقيقية عن مدن بيروت، عمان، دمشق، الكويت، مصر وبغداد..وسبق للفنانه فيروز ان انشدتها على مدى سنوات طويلة واثناء تواجدها فنيا للغناء في تلك المدن.
ومع شريط "معكم" يمكن ملاحظة الاهتمام اللافت بطريقة احتفاء (الرحابنة) بالمدن العربية، فقد كانوا يحيون الدلالات الانسانية العميقة في تلك المدن: حكايتها التاريخية، المعنى في مواجهاتها وتجاربها الطويلة مع معاناة تتعدد مصادرها واشكالها.. وعبر تلك الطريقة، ابتعد الرحابنة عن طريقة سيئة ابتدعها (المداحون) من اهل الغناء الا وهي تمجيد اسماء القادة والحكام وربطها بتاريخ المدن العربية . ومثل هذه الطريقه في تمجيد المدن وانسانها، اضافت للرحابنه عنصر محبة مضاعفة عند الناس البسطاء، اصحاب المدن الحقيقيين.
فيروز والرحابنة يحيون الدلالات الانسانية العميقة في المدن العربية لا قادتها وحكامها
في الوجه الاول من الشريطتغني فيروز "بيروت" وهي من شعر الاخطل الصغير، واللحن يلعب على عناصر القوة والجمال الرقيق في ان: "بيروت هل ذرفت عيونك دمعة؟" ومع رقة الاداء عند فيروز، يرسم لحن الرحابنة صورة حية عن مدينة لاتقدر الا ان تكون نفسها، مجبولة على المحبة ومجبولة على الحرية .
وفي اللهجة الدارجة واعتمادا على كلام صاغه الاخوان رحباني تغني فيروز "يامينا الحبايب"، فيما ذهب اللحن الى استعارة بعض الجمل الموسيقية الشعبية، لتظهر الاغنية جانبا اخر من مكان مفتوح هو "بيروت" حيث الهوى والطفولة وزهرة الياقوت.
ومن شعر سعيد عقل يضع الاخوان رحباني، صياغة موسيقية رفيعة لاغنية او نشيد "عمان او هذا الضحى" ففي عمان الطقس والمكان والانسان، يقترب العمر من مكابدة البوح والتعبير عن بداهة المحبة .. و "اواه يااردن انت لها/ مصراع باب الشمس وانفتحا" .
وتختتم فيروز الوجه الاول من شريطها "معكم" باغنية "حملت بيروت" والتي كتبها ولحنها الاخوان رحباني، نشيد محبة مشتركة من "بيروت" الى "دمشق"، ومع توالي زخامة اللحن الشرقي وجزالته، تاتي قصة المصير المشترك، وعبر قراءة عميقة في التاريخ .
في الوجه الثاني تغني فيروز من كلمات والحان الاخوين رحباني للكويت، الوطن والمكان.. لتعبر بنغم صاف الى ارض الكتابة وتغني لها "مصر عادت" والتي سبق ان انشدتها فيروز عند منطقة الاهرام في حفلتها الغنائية التي اقامتها في مصر عام 1989 .
وتختتم فيروز اناشيدها المتالقة عن المدن والامكنة والانسان، لتتوقف عند "بغداد" وتنشد "بغداد والشعراء والصور". التي صاغها كلاما ولحنا الاخوان رحباني، ومعها تتفنن فيروز في ابتداع اشواق الوحدة من (اعذب) المدن العربية واكثرها (عذابا) .
*عرض نشر في صحيفة "الرأي" 28/4/1997 |