مايكل جاكسون يصدم عشاقه بموت مفاجىء

ِعلي عبد الامير

تاريخ النشر       25/11/2009 06:00 AM


مايكل جاكسون يرحل عن خمسين عاما:
اسطورة الموسيقى الاميركية المعاصرة يصدم عشاقه بموت مفاجىء


بعد ان صارت اغنياته ايقونة موسيقية لنحو عشرين عاما ابتدأت اوائل ثمانينيات القرن الماضي ، وبعد ان انتكس حياتيا وفنيا في العقد الاخير لجهة افلاسه وارتباطه بفضائح تتعلق بعلاقات غير سوية مع اطفال (على الرغم من تبرئته منها في العام 2005 ) ورحيله السري الى ممكلة البحرين ومشروع شراكته مع ولي عهدها،ثم عودته الى الاضواء والاستعداد لجولة من الحفلات الغنائية واصدار اسطوانة جديدة يعيد بها بعضا من مجده الضائع، توقف قلب مايكل جاكسون عن الخفقان في بيته المستأجر بولاية كاليفورنيا الاميركية في الواحدة والنصف بعد ظهر الخميس بالتوقيت المحلي للولاية التي يتخذها نجوم الفن في اميركا مقرا لهم، ومات بعد نقله الى مشفى قريب بعد فشل الاطباء في تحريك عضلات قلبه الواهن.
وكان صاحب اسطوانة " ثريللر" التي تعتبر اكثر الاسطوانات مبيعا في تاريخ الموسيقى(نحو 100 مليون نسخة) عاد الى كاليفورنيا استعدادا للدخول في اجواء فنه الموسيقي من جديد بعد توقف وخيبات حياتية لم يوقفها زواجه ثانية بعد زوجته الاولى (ابنة الفس برسلي)  وانجابه ثلاثة اطفال، وكان يأمل من مران يمتد لنحو ست ساعات يوميا الى استعادة بعض ملامحها التي شحبت منذ اصدار اسطوانة " انفينسبل " في العام 2001 ولم يتمكن من بث حياة جديدة حتى مع اعادة اصدار عمله الاكثر اهمية "ثريللر" قبل عامين بمناسبة مرور 25 عاما على صدورها اول مرة.
والمغني الاميركي الراحل كان بدأ الشهرة منذ العام 1965 حين كان في السادسة من عمره ويغني مع اخوته في فريق "جاكسون فايف" قبل ان يختار الغناء منفردا عبر اسطوانة "اوف ذي وول" 1981 وفيها حقق نجاحا كبيرا يدين بالفضل له الى المنتج الموسيقي والملحن كوينسي جونز الذي صنع له الشهر الاكبر في اسطوانة لاحقة " ثريللر" ثم عمله التضامني الانساني " وي ار ذي وورلد" الذي غناه جاكشون رفقة اشهر مغني اميركا لصالح ضحايا الجوع في افريقيا، ثم اسطوانة "باد" التي رسخته اغنياتها ايقونة قوية في الموسيقى الاميركية والغربية المعاصرة، ومنها اغنية فريدة في لحنها وادائها " مان ان ذي ميرر" التي  كانت تدعو لمواجهة الانسان نفسه، والى ان يجعل مرآة الصدق مرجعاً لها، ومنها يبدأ مرحلة التغيير كلما انتكست روحه وفكرته.
غير ان ملامح التراجع بدأت منذ اسطوانة " دينجرص" العام 1991 على الرغم من استمرار فكرة اغنيات التضامن فيها وتحديدا عبر "اغنية الارض" و" انقذ العالم" اللتين وجه فيهما جاكسون رسالة قوية ومؤثرة (زادها تاثيرا الفيديو الجميل بتعبيراته القوية) عن مخاطر ما يلحقه الانسان من مخاطر بالارض عبر التلوث والحروب.
وعلى ذكر فيديو اغنياته، فان ما صوره مايكل جاكسون في اغنياته الشهيرة الاولى: "بيلي جين"، "بيت إت"  و"ثريللر" العام 1983 صار علامة غيرت طريقة تصوير الاغنية ليخلق منه فنا جديدا عرف لاحقا باسم "الفيديو كليب".

 
مايكل جاكسون: صعود نجم وأفوله
 
ومثلما احبه الاميركيون من اصل افريقي لانه صار علامة نجاح ساحقة اخرى تمثلهم عرقيا، انتقد بعضهم نكرانه لبشرته السوداء وانفه الافطس عبر سلسلة من عمليات التجميل فيما رآى اخرون في ذلك امرا شخصيا لا يؤثر من عمق تاثيره في الموسيقى الاميركية المعاصرة.
لكن الانتقاد الحقيقي جاء من ملاحظة بعض ميوله الى الغرور وتحديدا حين بدا رجل عصرنا بل تاريخ اللحظة المعاصرة، حيث يذهب الفيديو كليب الخاص بمجموعته الاستعادية " هستوري"  الى صنع نصب فخم له، يمتد عالياً وبالكاد ترتقي اليه طائرات الهليوكوبتر لتصوير ومن زوايا ومساقط رؤية متعددة، وهو ومعه فريق العمل الخاص صنع ذاته قائدا و احضر الالاف من الجنود، ووضع لهم ميداناً كان يستعرضهم خلاله بصرامة بعض قادة عالمنا المعاصر كأنه بذلك يقول لنا: "انني احكم بطريقتي وفي استخدام (القوة) ايضا"!
وحين كان مايكل جاكسون يطوف في جولات غنائية تأخذه الى عواصم عدة، ( منها عاصمة عربية وافريقية هي تونس)، كانت تحضر، مع كل تلك الاستعراضات الموسيقية- الغنائية، "استعراضات" اخرى، وصفت بانها تقارب الغرور، فمن اشكال الحماية المحكمة الاسوار والمجالات، الى ما يشبه حالة الطوارئ التي تعلن في الامكنة التي يصل اليها ويقيم فيها مروراً بجزعه من "هواء" تلك الامكنة والاصرار على وضع كمامة على انفه وفمه، منعاً لتلوثه المحتمل ودفعاً على رئتيه الرقيقتين مالا تحتملان من "انفاس" غالباً هي ملوثة بالنسبة له، مع انه عبر اغنيتين "اغنية الارض" و" سيف ذي وورلد" بنى ملامحه كمدافع لا يتزعزع عن البيئة وحق الانسان في هواء نظيف  !
وفي اسطوانته "بلوود اون دانسينغ فلوور" الصادرة العام 1997 اعاد مايكل جاكسون نفسه، بل ان اغنياته في تسعينيات القرن الماضي مالت الى تشابه شديد، اكان ذلك في طريقة العرض ام في الالحان ناهيك عن الاداء الثابت لصوت مايكل.
ولم تكن مجموعته الغنائية تلك التي حققت حين صدورها نجاحا بارزا في عمّان الى جانب غيرها من عواصم العالم، اختلافا عن هذه الملامح المتشابهة فهي قريبة الى الحانها الى مجموعته السابقة "دينجرص"، او انها تتضمن اعادة لاغنيات ماخوذة من اسطوانته المزدوجة التي صدرت العام 1985 "هيستوري" ، وياتي ذلك كي تصبح الاغنيات ضمن بناء ايقاعي راقص منذ بداية الاسطوانة حتى نهايتها، فتغيرت الحان هادئة مثل "غريب في موسكو" لتصبح اغنية راقصة، تناسب مزاج محبي ايقاعات الراب.
وكانت الانتقالية من اغنية الى اخرى غائبة لا بسبب الربط التقني، بل بسبب التشابه بين الالحان الذي يصل حد التطابق احيانا، وهذا ليس بالغريب على قصد اختاره جاكسون لاغنياته في هذه المجموعة، فهو اختار ان تكون الاغنيات راقصة وتناسب عنوانه "الدماء على ارضية الرقص".
وملمح "الدماء" في العنوان وجد في الاغنيات دلالاته، فهناك ازمات من عصرنا، وازمات "غربية" بامتياز مثل المخدرات والتي تناولها في اغنية "مورفين" وقضية تعقب اللاجئين والتعامل العنصري معها كما في اغنية "سيء للغاية" اضافة الى ملامح "الغربة" و "التلوث البيئي" التي عرف بقضيتها جاكسون في اغنية شهيرة هي "اغنية الارض" التي اعادها في مجموعته الجديدة هذه، بطريقة الالحان الراقصة ايضا‍‍‍‍‍‍‍، وهذا ما افقدها بعض عناصر فاعليتها الاولى حين قدمها قبل فترة بلحن هاديء تعبيري، مع بعض الوان الاداء المحببة من صوت مايكل. ولاقت اغنية جميلة اخرى نفس المصير حين تغير لحن اغنيته "انت لست وحيدا" الهاديء والغني بالتعبيرات الوجدانية الى لحن راقص اخر، رغم ان صوت مايكل جاهز للاحتفاظ بنفس الاثر الذي كان عليه في الاغنية الاصلية.
وفي اسطوانته الصادرة العام 2001 "انفينسبل" لم يمكن سماع مايكل حاكسون الا وملامحه الجسدية الناحلة، الشاحبة التي خضعت لعشرات عمليات التجميل السرية والعلنية تحضر، ومعها يحضر جسد كانه "المومياء" في السينما، ميت ولكنه يتحرك، ولايمكن سماع صوته المنبعث من نتاج روحي يعاني الاضطراب والتقوقع (لا يرى في زوجته الاسترالية غير موضع طبيعي لمنحه اولادا ويبالغ في خوفه من البشر منعا لاصابته بمرض، ويضع كمامة على فمه وانفه حين يخرج الهواء الطلق منها للتلوث) !
تلك كانت حال صاحب "ثريلير" في اسطوانته، وهو اذا كان اعتاد حصول خمس نجوم من اصل خمسة في اشارة الى علامات التقييم التي يضعها النقاد والصحافيون الفنيون، كما كان ذلك حصل في اسطوانته "باد" وغيرها، فانه لم يحصل الا على ثلاث نجوم من اصل خمسة، ولم تسفع المبيعات لاسطوانته الجديدة في تغيير الانطباع النقدي عن المستوى العادي لموسيقى اغنياته اجديدة والحانها.
وفي حين كان عنوان الاسطوانة ماخوذا من عنوان اغنية تتضمنهما "انفينسبل" او "حصين" بالعربية، فان هذه الاغنية كانت عادية في لحنها الذي قارب ايقاع "الراب" الراقص، مثلما هي حال اغنيات لا تبدو جديدة، بل وكان المستمع الذي عرف جاكسون من قبل يجد نفسه في اجواء اغنية اخرى عرفها من قبل.
افضل ما في الاسطوانة، عدد من الاغنيات الهادئة المحتفلة بالمعاني الوجدانية العميقة كما في "بريك اوف دون" حيث العناية بملامح الحياة وهي تتفتح مع "بزوغ الفجر او في تلويح الوداع التي تضمنتها "دونت ووك اواي" كذلك لمسات الحزن والحنو الانساني في اغنية "كراي" بينما تظل لاغنية "ذي لوست جيليدرن" مساحتها الحميمة التي وفرتها اغنية استغرقت في جو تطهري اشاعة استخدام جاكسون كورال الانشاد الديني "غوسبل" واصوات اطفال تاتي كأنها الحبور فيما انغام الغيثار الصافية ترسم جوا من الصفاء النادر يذكر المتابع لاغنيات جاكسون باغنيته التي ينتصر فيها للطفولة "أنقذ العالم".
* نشرت في مجلة "الاسبوعية" العراقية


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM