العازف سلمان شكر
ويعتبر منير بشير من تلامذة محيي الدين حيدر، ولكنه حاول ان يميز نفسه، وان يعتمد منهجية تقنية ساعدته على انتقال العود العربي الى اذواق وثقافات الغربيين، كما ساعدت على تنمية الافكار الموسيقية والقدرة التعبيرية للعزف على العود.
ومع ان علي الامام العازف العراقي مشدود الى الطريقة التقنية التي يعزف بها الشريف محيي الدين حيدر الا ان يمتلك الكثير من المعارف في المجال المقامي والنغمي، ويستفيد من فريد الاطرش ورياض السنباطي، ويختزن باصابعه الكثير من الافكار وطرائق العزف على العود.
العازف علي الإمام(كلميرا علي عبد الأمير)
واذا كان هذا العرض تميز بقراءة تاريخية لاتخلو من النمطية لأساليب العزف على العود ، فان الحال تبدو مختلفة حين نقرأ الأساليب التي ابتدعتها وكرستها تجارب العازفين العرب المعاصرين . فالتجارب التي مثلها عازفون يقدمون لنا لمحات ترسم على اختلافها المشهد الموسيقي العربي المعاصر ، اختلفت باختلاف الغايات ، فهناك :
اولا: اسلوب العزف التقليدي
والمقصود بالتقليدي هنا لا المحافظة على تقاليد العزف المتوارثة ، وانما اسلوب العزف الذي يبقي الة العود في حدود ضيقة، كمرافقة الفرقة المصاحبة للمطربين، و تضييق مساحة تأثير الآلة بجعلها وسيلة تعليم للموسيقى(على الرغم من اهمية هذا الأمر لجهة تعلقه بحفظ الإصول) .
ثانيا : اسلوب العزف الإبداعي
انه اسلوب العزف الذي يذهب بالعود الى مساحات الخلق عبر الإرتجال وايلاء الروحية في العزف اهمية تفوق التكنيك.
ثالثا : اسلوب العزف المتقن
وهو المزج المتجانس بين روحية العزف وتكنيكه ، وهو مايتميز به العازفون الذي تحصلوا على ميزتين ، ميزة العزف البارع على العود وميزة القدرة على تأليف الأعمال الموسيقية اكانت للعود ام لغيره .
رابعا : اسلوب العزف على الات معدلة تكنولوجيا
وهو اسلوب العزف على الات عود اما تكون مربوطة الى اجهزة تضخيم للصوت ، او مضمرة في "كيبورد" .
وفي فحص الإسلوب الأول نجد ان طائفة واسعة من عازفي العود في الوطن العربي وفي الشرق ايضا ، تندرج في مهمة مرافقة الأوركسترا ، واحيانا مهمة تشكيل خلفية موسيقية لمطربين او مطربات وحتى شعراء او عروض تقافية متعدد ة ، يغيب فيها حضور العود كآلة فردية تتمتع بقدرات مميزة ، لتصبح مجرد اشارة صوتية لاتكاد تلتقط بين عناصر تسرق الإنتباه عادة ، مثل اللحن الغنائي ، صوت المطرب ، طبيعة العرض الفني وغير ذلك .
كما ان بقاء الة العود كآلة للتعليم وفي حدود الدرس، اوجد اساليب بدت مميزة لعازفين ، استهواهم البقاء في القالب فبدت شخصيتهم مؤثرة في نقل صورة ما عند العازف المتعلم ، وهي صورة تبدو متشككة بالإبداع والتطوير وتعتبر الأسلوب المدرسي في العزف مثالا يحتذى.
وفي اسلوب العزف الإبداعي نجد اليوم مجموعة بارزة من العازفين العرب ، مجموعة تأخذ على عاتقها ، نقل العود من آلة موسيقية مجردة ، الى وجود نغمي حي ومتداخل مع بناء ثقافي وروحي . وفي ذخيرة النخبة من عازفي العرب المعاصرين ميل شديد الى اعتبار العود مركزا في بناء موسيقي قائم.
ومن بين هذه النخبة نشير الى اسلوب عزف للعراقي عمر منير بشير ، في فيض روحيته واظهار الميلودي الغني بالإيحاءات واعتماد السهل الممتنع في التكنيك ، وكذا الحال عند السوري حسين السبسبي ، وعند الأردني صخر حتر الذي قطع مشوارا طيبا في طريق الإنتقال من الإلتزام الصارم بالقوالب الى اختيار اسلوب يتميز بطواعية الريشة وخبرتها ايضا في التعامل مع الأوتار.
العازف حسين السبسبي (كاميرا علي عبد الأمير)
واسلوب العزف المتقن ، هو الأسلوب الذي ينجح عازف في تحديد ملامحه ، لا عبر النظام الموسيقي للقوالب المعروفة وحسب ، بل اغناء اسلوبه وتعميق ملامحه عبر اعمال موسيقية يضعها العازف ذاته .
العازف والمؤلف نصير شمة
وظاهرة العازف المؤلف في الموسيقى العربية تكرس ما ذهبنا اليه في اسلوب العزف المتقن ، فهنا العازف يبدو متوحدا مع مقطوعته ، ويجسد فيها خلاصة اسلوبه . وفي تجارب العازفين المؤلفين : العراقيون نصير شمة، خالد محمد علي، احمد المختار، ورحيم الحاج، واللبناني شربل روحانا امثلة بارزة على اسلوب العزف المتقن ،حيث الروحية من فهم المقطوعة وبنائها المقامي ، وحيث التكنيك ليس استعراضا بل وسيلة لاظهار ما في المقطوعة من غنى تفاصيل. والبارز في اسلوب العازفين المؤلفين انهم يقدمون العود كمركز للعمل وليس تنويعة نغمية.
العازف والمؤلف شربل روحانا