غادة رجب، محمد الجبالي، حياة الادريسي وآخرون أصوات غنائية جديدة تخرج من معطف أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم
كتب: علي عبد الامير
مايلفت الانتباه في المهرجان السابع للموسيقى العربية بالقاهرة، وجود مجموعة من الاصوات الغنائية الجديدة، من دول عربية عدة، ادت اشكالا وقوالب غنائية، تعود في غالبيتها الى انماط الغناء العربي الرصينة، ومثل هذا الحضور يؤكد جانبين مهمين، الاول: ان الاصالة الغنائية تجد من يسخر حياته لاجلها من شباب الاغنية العربية، والثاني: ان ابواب اكبر محفل للموسيقى العربية مفتوحة، امام المواهب والطاقات الغنائية العربية الجديدة وهاذ مايبعد الفكرة العابرة التي تقول في ان تظاهرات الموسيقى العربية، لايمكن ان تكون الا لقاءات مغلقة لشيوخ الموسيقى والغناء العربي.
ومثل هذا الحضور للاصوات الغنائية الجديدة، تاكد عبر الاداء المؤثر والانيق من غادة رجب واحمد ابراهيم (مصر) وحياة الادريسي ونادية ايوب (المغرب) ونور الدين الباجي ومحمد الجبالي وايناس السمار وعبير النصراوي (تونس) وايمان باقي (سوريا).
غادة رجب: صوت يجمع بين الطراوة والشجن حضرت المطربة الشابة غادة رجب (مصر) خلال امسيات المهرجان السابع، مرة اثناء الاحتفال بمرور مائة عام على مولد ام كلثوم حين قدمت مع فرقة ام كلثوم بقيادة سامي نصير، اغنية "جمال الدنيا يحلى" التي كتبها احمد رامي ولحنها زكريا احمد، وكان اداء غادة رجب لها بمزيج من الطراوة والشجن، تميز به صوتها المدرب بعناية. كذلك قدمت فاصلا غنائيا بمفردها بصحبة فرقة الموسيقى العربية التي قادها الفنان نبيل كمال، وغنت خلاله، مجموعة من اغنيات وردة الجزائرية وعبد الحليم حافظ، الا انها، ادت تلك الاغنيات وطبعتها باحاسيسها ومشاعرها الخاصة، وكانت لمسة طيبة ولفته جميلة ان يشاركها والدها الدكتور ابراهيم رجب، الوقوف على المسرح حين عزف منفردا على الة الكمان.
وكانت الدكتورة رتيبة الحفني، قدمت صورة غادة للمرة الاولى في المهرجان الرابع للموسيقى العربية، ووجدت فيها عناصر البراعة والاصالة وهو ماحرصت غادة على اظهاره بادائها المفعم بالروحية.
حياة الادريسي: تقدم اغنيات ام كلثوم دون تقليدها على مدى ثلاث سنوات متتالية حضرت المطربة المغربية حياة الادريسي في مهرجان الموسيقى العربية، لثؤكد ان اصالة الغناء العربي تجد اصواتا من الجيل الجديد، تحافظ عليها. وعلى اشكال الاداء الرصين. وتجد الادريسي نفسها من مدرسة ام كلثوم الغنائية، وهو مابدا طبيعيا في ادائها خلال (لقاء السحاب بين اغاني ام كلثوم وعبد الوهاب)، او في فاصل غنائي استحضر مقاطع من عدة اغنيات لام كلثوم ضمن ليلة الاحتفال بمرور مائة عام على مولد ام كلثوم . في الشكل الاول غنت الادريسي بصحبة المطرب التونسي الباجي في لقاء بين اغاني عبد الوهاب (دويتو) حيث غنيا وردا على بعضهما في اداء منسجم، وفي الشكل الثاني غنت منفردة (كشكولا) من اغنيات ام كلثوم ولذلك اخذت اجمل مقطع (كوبليه) من اغنيات:"الاطلال" ، "سيرة الحب"، "دارت الايام"، "عودت عيني"، شمس الاصيل"، و"اسال روحك"، وبذلك صنعت اغنية واحدة من اغان متعددة وجمعة عباقرة الموسيقى العربية، (ام كلثوم والسنباطي والموجي وزكريا احمد).
وحياة الادريسي ترى ان مزيجها الكلثومي هذا، يمكن ان يصبح شريطا غنائيا ناجحا، وهو ماعملت عليه، اذ بدات الاستعدادات لتسجيله في استوديوهات القاهرة.
من اجواء مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة
نور الدين الباجي: ظلال عبد الوهاب في صوته
المتحمس جدا للموسيقى العربية وفنونها الاصيلة، المطرب التونسي الشاب نور الدين الباجي، سبق له ان جاء وشارك في مهرجان الموسيقى العربية لاربع سنوات متتالية، حرص خلال حفلات غنائية عديدة شارك فيها ان يكون جديرا بلفت الانتباه اليه من جمهرة مهتمين وفنانيين وباحثين بالموسيقى العربية، الى جانب جمهور عريض من المستمعين.
وازاء نجاحه اللافت هذا العام في اداء مجموعة من روائع محمد عبد الوهاب، كان مشهدا جميلا، حين تقدمت اليه السيدة نهلة القدسي، زوجة الموسيقار الراحل، لتقدم له التهنئة والتحية لاجادته في تقديم اعمال صاحب "كيلوباترا" و "الجندول" و "من غير ليه".
ورغم حضور ظلال عبد الوهاب في صوت نور الدين الباجي، الا ان روحية خاصة بها، حاولت ان تجعل تلك الظلال تناسب اداءه الشخصي. مثيرة في الوقت ذاته لموهبة عربية في الغناء الرصين، لم تجد ذاتها رغم اربعة اشرطة غنائية مسجلة باسمها.
محمد الجبالي: كل هذا الحضور الدافيء في الغناء ومن تونس ايضا، كان الفنان الشاب محمد الجبالي يوكد حساسية دافئة في صوته، اكان ذلك باشتراكه في "ثنائيات غنائية" مع المطربة نادية ايوب من المغرب ام في اشتراكه في سهرة "الليلة..بعد الالف" التي تشكلت كعرض ابتكره عازف العود والمؤلف الموسيقي نصير شمة، واقامة على الحان وضعها شمة لنصوص شعراء واصوات عربية، كان من بينها محمد الجبالي الذي يرى انه حقق مشوارا طيبا في بلده تونس، ولكنه عربيا مازال في حدود الخطوة الاولى. كما انه يحرص على تاكيد عشقه وارتباطه بالجيل الذي تربى عليه وعلى اغنياته، الا ان ذلك لايمنعه من التصريح، بضرورة ان يكون (متنوعا ومتفتحا وموجودا في ساحة الغناء العربي اليوم شرط الا يكون ماسورا بالهابط والسطحي).
إيناس السمار وعبير النصراوي: حكايات الغناء الرقيق بصوتي ايناس السمار وعبير النصراوي، المطربتان التونسيتان الدارستان للموسيقى والغناء وعلم الصوت في المعهد العالي للموسيقى بتونس، يمكن للغناء الرقيق، ان يجد فسحة له، فهاتان المطربتان، اكدتا في العرض الذي جمعهما مع موسيقى نصير شمة وعيون الشعر العربي المعاصر، طاقة تعبيرية في الغناء، بالذات ذلك الذي يخرج عن الشكل السهل السائد، ويمضي نحو مهمة، تليق بالغناء كمعنى ولحظة وجدانية شديدة الصفاء.
علي عبد الأمير وعبير النصراوي(كاميرا نصير شمه)
صوتاهما المدربان جيدا وفق اصول الاداء المتقن للغناء العربي، اضافة الاداء لحساسيتهما النابعة من روحية خاصة هي مشاعر الانثى الرقيقة، ومحاولتهما لاثبات وجودها في موسم فني ضخم كمهرجان الموسيقى، أسباب جعلتهما تقدمان، مستوى من الاداء العذب والجميل، سيحفظ اسميهما في خارطة الغناء العربي.
*متابعة نشرت في صحيفة "الرأي" 27-11-1998 |