ملامح باريس كما رسمها صوت اديث بياف

ِعلي عبد الامير

تاريخ النشر       22/11/2009 06:00 AM


فضاء من غناء روحي بين "اربعة جدران"
الثنائي الفرنسي"مالين": ملامح باريس كما رسمها صوت اديث بياف

كتب:  علي عبد الامير
استعاد جمهور متذوق حضر الى قاعة "اربعة جدران" في "فندق شيراتون-عمان" ملامح العاصمة الفرنسية في اربعينات القرن الماضي وخمسيناته كما رسمتها اغنية اشهر مغنية فرنسية في القرن العشرين هي اديث بياف (1916-1963) حين غنى "الثنائي مالين" القادم من جنوب فرنسا عددا من اغنياتها بحسب صوت المغنية مالين التي حرصت على ان تقدم شخصيتها وصوتها، ودون ان تسقط في محاكاة فجة لتلك البحة المميزة لصوت اديث بياف.

بياف: أيقونة الاغنية الفرنسية
 
 العزف على الغيتار تولاه ميشيل فونييه (زوج مالين) وكان التقى مالين قبل 15 عاما، وليبدأ معها ثنائيا (ديو مالين) منذ سنة 1990، وكان عزفه حيا اما الايقاعات والمؤثرات فتولتها اجهزة اليكترونية مدمجة صممها ميشيل لتبث اصوات الالات التي كانت ترافق المغنية الباريسية الجوالة بياف، صديقة الادباء والفنانين، والمتاثرة باجوائهم: من الشاعر والفنان جان كوكتو الى جيل السورياليين وهم يمضون في زعزعة "التقاليد الجامدة" لاداب الصالونات وثقافتها وفنونها.
الفرنسيون يقاربون تاثير غناء (بياف) بالاثر الهائل الذي تركه شعراء "مشردون كبار" وفنانون ومسرحيون، فهي كانت صديقة الماخوذين بالمشاعر الحقيقية، تغني لعشاق مخذولين، ولشعراء متمردين، ويعزف لها كبار الموسيقيين تارة، مثلما لا تتردد في موافقة موسيقيين جوالين تارة اخرى.
 

بياف :صديقة المأخوذين بالمشاعر الحقيقية

ومن شاهد فيلم "بياف" الذي اخرجه المخرج الفرنسي المعروف كلود لولوش كان سيجد اتصالا عذبا بين غناء "ديو مالين" في عمان وبين تلك الشعلة المتوهجة من البهجة والالم التي تجسدها بياف.
اجواء باريسية حملتها اغنيات مثل " لا لن اندم على شيء"، "نشيد الحب" و "رجلي" التي كتبها خصيصا لبياف عازف البيانو والمغني والممثل شارل ازنافور وغيرها، تلقاها جمهور "اربعة جدران" وجال بينها من يجيد لغة الشاعر الفرنسي "رامبو" وصاحب "ازهار الشر" وبودلير مثلما استمتع بها متذوقو النغم التعبيري.
 اغنيات بياف تحفل بالمرح، وبالتهكم والسخرية "باريس البربرية" مرورا بندم كثير ، ندم اصحاب القلوب الكسيرة، فهي كانت تغني بحسب اسلوب "التايترو" والمسرح الموسيقي الكبير وحتى "الفلامنكو" السائد في المناطق الفرنسية المحاذية للحدود الاسبانية.
المغنية مالين تقول ان اغنيات بياف مازالت معروفة ويقبل عليها حمهور كبير، فالاطفال والصبية يحفظون اغنياتها (لما فيها من براءة وصدق)، ومن ثم يتحولو عنها حين يصبحون شبابا ومراهقين، ليعودوا اليها على كبر (لما في اغنياتها من احساس بالندم).
مالين، التي بدأت الغناء مبكرا، وفهمت جوارح بياف، غنت بطريقة حيوية، ما دفع الجمهور الذي اكد انه نخبوي ومتذوق و "فرانكوفوني" جدا الى ترديد مقاطع من الاغنيات معها، كاشفا عن وعي للشكل الغنائي والموسيقي للمغنية الفرنسية الاكثر شهرة في القرن العشرين، التي صارت صورة عن باريس في النصف الاول من القرن الفائت.
* متابعة نقدية نشرت في صحيفة "الرأي" 25تموز2001


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM