محمد عثمان صديق: نباهة عراقية في كتابة الموسيقى الجادة
نعم فالمقطوعة هي نشيد، تتصاعد هنا، وروح الموسيقى لم تكن تخفي مرجعيتها فهي تختزن "محليتها" الشفافة والرقيقة تلك التي تنتمي الى روح انساننا الذي خبر الالم والمصاعب وبإرادة كتب تاريخه هنا, العمل لم يتمكن منه الخوف من الشكل السيمفوني الذي كتب به واستطاع ( محمد عثمان ) ان يقدم من عنده ما يتمكن به من جعل ذلك الشكل يتدفق بمضمون موسيقي حي كان زاخرا بتعبيرية عالية كانت ستصل الينا صافية تماما لولا بعض الهنات العزفية والبرود الذي اتضح في اداء بعض الآلات.
" حبيبتي بغداد " لعصام الحكيم
عصام الحكيم نتعرف عليه هنا مرة اخرى ككاتب موسيقي متمكن, فعن طريق افتتاح تصويري اعتمد على تداخل عزفي بين الآلات افقدته بعض النشازات البسيطة في الاداء بعض حيويته أوصل الينا ما كان يريد كاتب الموسيقى ان يقوله ... نشيده المترع بالمحبة لبغداد المدينة, الايقاع, الناس, التاريخ ونهوضها من تحت ركام الخرائب التي خلفتها الحرب.
كل ذلك تجده مضمرا في كتابة موسيقية حافظت على جماليتها التي اخذت من الروح المحلية الموسيقية عدة ايحاءات واشتغلت عليها دونما الانصهار تماما في سطوة الشكل السيمفوني فبدت لك عملا موسيقيا سيمفونيا مكتوبا بحيوية الصديق والقريب منك الذي له عين العازف ومشاعر المغني الرقيق المحافظة على التأليف ونظامه الذي يحكم العمل بقوة, جعل المقطوعة خاصة في حركتها الثانية وقد استغرقت في "انشائية " قللت من حيوية العمل وجعل البرود قد تسلل الى روحها التي عادت متوثبة على زمن المقطوعة.
سوناتا من فيفالدي على ( جلو ) علي حسين موسى
"تعتبر سوناتا رقم [5] للجلو والاوركسترا الوترية واحدة من ست سوناتات كتبها المؤلف انطونيو فيفالدي عام 1740 حيث اظهر فيها فيفالدي مقدرة تكنيكية وادائية عالية متمثلة في الالحان المتأنية والبطيئة وكذلك في الحركات والايقاعات والالحان السريعة".
العازف علي حسين موسى: لمسة عراقية على التشيللو
هذه المقدمة المأخوذة من الرأي والتعريف الذي تتضمنه ورقة البرنامج عن سوناتا فيفالدي, حاول عازف الجلو علي حسين موسى – بغداد 1961 – دبلوم فنون موسيقية, بكالوريوس ادب ولغة روسية, رئيس قسم الوتريات ومدرس آلة الجلو ونظريات وتاريخ الموسيقى في مدرسة الموسيقى والباليه, حاول العازف ان يقربها الينا وليخبرنا عن كل الاشياء التي تتضمنها السوناتا على الرغم من وجود محبة وقرابة لآلة ( الجلو ) ذاتها التي تثير الشجن الرخيم ...
بيتهوفن في ضيافة الفرقة السيمفونية الوطنية
على الرغم من كون السيمفونية الثانية لبيتهوفن ليست من الاعمال المفضلة له حسب رأي ( ماريون. ام سكوت ) في كتابه عن بيتهوفن ضمن سلسلة "اسياد الموسيقى " كونها ظلت بحركتها البطيئة تمثل ذلك الحلم الطويل عند بتهوفن لتطويع موضوعات محببة بالنسبة له وادخالها في موسيقاه, هذه السيمفونية اي الثانية كتبها بيتهوفن ( 1770 – 1827 ) باربع حركات في مقام ( دي ميجور ) باربع حركات ، وهي تنتمي الى المرحلة الفنية الاولى لبيتهوفن والتي تأثر خلالها بتقنية البناء السيمفوني الكلاسيكي المعروف عند هايدن وموزارت وكطابع عام مميز في اسلوب بيتهوفن في هذه السيمفونية نجد القوة في الاداء والتداخلات الايقاعية التي تضفي تأثيرا خاصا على النسيج الفني الذي تميز عند بيتهوفن ومنذ هذه السيمفونية, بالاطالة نوعا ما واستخدام الذروات المتعددة التي تجسد النوع الموسيقي والدرامي الذي اختص به بيتهوفن.
وقد عزفت الفرقة السيمفونية الوطنية وبثلاثين عازفا هذه السيمفونية باداء تميز بعلو كعبه وبانسجام ازال التأثير السيء لبعض الاخفاقات البسيطة التي ظهرت في الاعمال الثلاثة الاولى واستطاعت الفرقة ان تدخلك الى جو بيتهوفن منذ الضربة الاولى ولكن ضارب الطبول عموما كان بحاجة لابداء المزيد من الحيوية والانسجام مع الاوركسترا فبدت ضرباته وهي تأتي متأخرة احيانا او متقدمة وباردة عموما, ولكن الامر ما لبث ان اصبح غاية في الاتقان حين انسجمت الاوركسترا وبإشارات من المايسترو محمد عثمان الذي قدم جهدا في توزيع الآت فرقته القليلة العدد بالاصل والتي تفتقد لتأثيرات آلات غائبة بسبب عدم توفر عازفيها.
اسعد محمد علي : حفاوة خاصة
الاستاذ اسعد محمد علي عازف الكمان الاساسي في الفرقة الذي لعب دورا بارزا في اسناد اداء الفرقة للاعمال الاربعة كان قد بدا في غاية الحيوية بعد انتهاء الحفلة ولم يستطع اخفاء فرحه وحفاوته الخاصة بالعملين العراقيين لمحمد عثمان وعصام الحكيم وكان قد كتب عنهما في جريدة القادسية قبل يومين من الحفلة مقالة بعنوان " الابداع في زمن الحرب"، واعتبر العملان بمثابة "صاروخ " ثقافي من الممكن الرد بهما على صواريخ الحرب، وبالموسيقى الراقية التي يتميز بها العملان وغيرها اخرى من المؤلفات العراقية نستطيع ان نوصل صوتنا الحضاري الى الشعوب كافة فليس اعظم من الصدى الذي تتركه الموسيقى في وجدان الشعوب.
مشاهدات
** تقاليد الحضور في الاستماع الى عزف الفرقة السيمفونية لم تكن في احسن حالاتها حيث وجدنا بعض الاحاديث الجانبية وهي نسوية دائما, فهناك بعضهن وقد حضرن متأخرات .
** صبيان وقفا عند الباب كانا يضحكان بصوت مسموع, يدخنان ثم يخرجان فيصفقان الباب بقوة ... ولا ندري كيف دخلا !
** كانت هناك حركة بائنة في الكواليس اثناء العزف.
** الاضاءة ليست حسنة التوزيع في الصالة بحيث ان جانبا من جوقة الهوائيات وعازف الطبول لم يظهر بصورة واضحة.
** بياتريس اوهانسيان من الوجوه الموسيقية المعروفة كانت حاضرة وحيوية.