الثلاثي الاميركي انجيلا هاغينباخ: موسيقى الجاز.. سمراء جميلة

ِعلي عبد الامير

تاريخ النشر       22/11/2009 06:00 AM


كتب: علي عبد الامير
بعد ان احيا ثلاثي موسيقى الجاز الاميركي "انجيلا هاغينباخ" امسية على "مسرح الالفية" بمركز كنيدي للفنون في العاصمة واشنطن قبل ايام، احيا الثلاثي المتكون من : انجيلا هاغينباخ "غناء والات ايقاعية" وجوي كارترايت "بيانو" وستيف ريجازي "كونتر باص" في السفارة الاميركية بعمان امسية ضمن سلسلة امسيات "سفراء الجاز" التي تعرّف بالوان موسيقى الجاز الاميركية التي اصبحت احد معالم مومسيقى القرن العشرين البارزة.
والثلاثي القادم من مدينة كنساس والممثل لجمعية موسيقى الجاز فيها، اظهر لجمهرة من المهتمين بهذا الفن الموسيقي الرفيع والشخصيات، ان بناء روحيا عميقا عنت موسيقى الجاز بتصويره استطاع ان يقيم موازنة مع الضعوط المادية لوقائع الحياة الاميركية في النصف الاول من القرن الماضي، ومذكرا باساطين تلك الموسيقى وفي مقدمتهم المؤلف والعازف الابرز ديوك الينغتون الذي سطعت موسيقاه في الامسية وشعت مشاعره العميقة عبر صوت ساحر منذور لجمال الروح، وهو صوت السمراء الجميلة انجيلا هاغينباخ التي منحت اسمها للفريق.
ومنذ اولى المقطوعات شهق الحضور امام هذا التكوين النادر لصوت انجيلا، فهو كالمخمل ناعم ودافيء وحميم، ومع توقيعات "البيانو" و"الكونتر باص" امكن خلق موالفة مع مديات صوت انجيلا، غير ان سؤالا فرض نفسه: من اين لها كل هذه الخبرة وهذا الحضور الطاغي وملامحها تذل على صغر سنها؟ بدات مسيرتها الفنية عام 1990.
هذا السؤال اجابت عليه انجيلا بطريقة ادائها الرفيعة وهي تغني "عيون الملاك" فتلاعبت بصوتها وارتجلت شكلا للغناء، وهذا اذ يصبح الدرس الاول في الجاز فانه ياخذ شكلا خاصا مع اداء انجيلا وهي تغني اللحن الايقاعي "انا وانت فقط" وصاحبت تلويناتها الصوتية، مهارات في العزف: حرية الاصابع ورشاقتها على "البيانو" او براعتها في نقر اوتار "الكونتر باص".
واذا كان اللحن الايقاعي نموذجا لملامح موسيقى الجاز كما في الشمال الاميركي فان انجيلا هاغينباخ برعت ايضا لا في الغناء وانما في تقديم مهارات في فهم انسجام الايقاع والغناء معا، حين غنت ايقاعات لاتينية مميزة للجاز كما في الجنوب الاميركي.

ثلاثي موسيقى الجاز الاميركي "انجيلا هاغينباخ"
 
وحين نعرف ان موسيقى الجاز بفسحة الاتجالاتها النغمية، هي موسيقى الية صرفة قبل ان تكون مصحوبة بالغناء، لذا كان طبيعيا ان نستمع الى مقطوعة اسماها عازف البيانو جوي كارترايت بـ"اللحن الاساسي" لجولة الفريق الفنية والتي ستاخذه الى خمس عواصم غير عمّان. وكانت مقطوعة غنية الايحاءات رشيقة الايقاعات قريبة الى وصف العازف: انها تجعلنا نرى باذاننا.
ومن بين المقطوعات اللافتة التي عزفها الفريق وطبعنها انجيلا بحميمية صوتها وبهجته، مقطوعة تحتفي بموسيقى الجاز واعلامها فنسمع بين ثنايا الكلام اسماء: لوي ارمسترونغ، بيلي هوليداي وتشارلي باركر. ومن لا يعرف موسيقى الجاز ولا يحبها سياخذه اكثر من الفضول لمعرفتها حين يسمع هذه المقطوعة، فثمة فيض النغم الذي سيغمره بمشاعر نادرة.
وفي مقطوعة كتبها المؤلف الموسيقي الاميركي الشهير جورج غير شوين "احبك يابورغي" غنت انجيلا هاغينباخ بطريقة جعلت وصف احد النقاد الموسيقيين لموسيقى الجاز بانها "امراة سمراء جميلة" لا يبدو مشابها للواقع بل متطابقا معه تماما، فانجيلا سمراء جمليلة وصاحبة حنجرة من مخمل ايضا.
ان ميزة لافتة توفرت عليها الامسية التي قدمها ثلاثي الجاز الاميركي، وهي اظهار انماط الجاز الكلاسيكي بثوب جديد، فيما تذهب اغلب تجارب موسيقى الجاز الان، الى نمط جديد كليا عن الملامح التي عمقتها اساطين هذا الفن الرفيع. ففي الولايات المتحدة اضافة الى اوروبا واكثر من دولة في الشرق. صارت موسيقى الجاز فكرة اكثر من كونها قالبا موسيقيا، واصبح "الجاز الحديث" شكلا بديلا للجاز الكلاسيكي.
كما ان الامسية قدمت اعادة اعتبار لمكانة الصوت الغنائي الذي بدا وكانه خارج اهتمام موسيقى الجاز المعاصرة، وعبر صوت انجيلا هاغينباخ امكننا الاستماع لاجمل الانغام بما يعوض عن اوركسترا الات وليس مجرد الة موسيقية واحدة.
*متابعة نقدية نشرت في صحيفة "الرأي" 2/5/2000


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM