كتب:علي عبد الامير
في واحدة من امسياتها الموسيقية الرفيعة، قدمت اوركسترا المعهد الوطني للموسيقى في المركز الثقافي الملكي امسية كان نجمتها مغنية الاوبرا الشابة الاردنية ديما بواب.
بدات الاوركسترا التي قادها بتمكن الفنان محمد عثمان صديق يعزف "افتتاحية حلاق اشبيلية" للمؤلف الايطالي جياكومو روسيني"1982-1868" وبرعت الاوركسترا في نقل اشارات القوة ثم الرقة حتى اللحن الرئيسي البهيج الذي اوجز فيه روسيني جل المشاعر الانسانية بتدفقها وحذرها، بطيشها وشجنها، بعزفها وغنائها. وبكل هذا التدفق عزفت الاوركسترا واجهد محمد عثمان صديق-بمحبة- اعضاءها ليعزفوا الافتتاحية بمستوى لائق كالذي ظهرت عليه.
وعلى ضوء الشموع حيث اوقدت الشموع الصغيرة على جانب حاملات النوته عزفت الاوركسترا سمفونية الوداع لجوزيف هايدن "1732-1809" التي جاءت باربع حركات. كانت الاولى منها حاملة لشجن صاخب وموجات متدفقة من الالم كانها نذير بـ "الوداع" والحركة الثانية هادئة ومتكرره، كانها تشير الى حياة ملولة كان هايدن بصدد نقل مشاعره عنها في السيمفونية.. والحركة الثالثة نمطية ثقيلة ادتها الوتريات بشكل اساسي. ثم الحركة الرابعة برشاقة اندفاعها حيث تعبر الالات عن تصاعد درامي في الفكرة التي اراد هايدن الاحاطة بها "الوداع"،"والرحيل" وفي عرض ذكي ولافت كان عازفو الالات الموسيقية التي تنتهي من دورها في السيمفونية يقومون باطفاء الشموع القريبة منهم لتطل شمعتان فقط: عازف الكمان الاول "تيمور ابراهيموف" وعازف الكمان الثاني "احمد جوداي" ثم ليعم الظلام مع نهاية اللحن كان "الوداع" ظلمة وصمت .
كما عزفت الاوركسترا "افتتاحية ليلة فينيسيا" للمؤلف يوهان شتراوس "1825-1988" ولانها ليلة فينيسيا ولانها من ابداع شتراوس فلا بد من لحن راقص وهو ماكان يجيده صاحب الفالسات الشهيرة، كما تضمنت الافتتاحية الوانا ايقاعية وانغاما بهيجة اخرى نقلتها الاوركسترا بتمكن بارز.
واذا كانت ديما بواب قد دخلت ومنذ خمس سنوات للمعهد الوطني للموسيقى لدراسة الصوت الغنائي والعزف على التي "البيانو" و"الهورف" فهي التي قد اصبحت اليوم عضوة نشيطة في "اوركسترا" و "باند" المعهد كما في فرقة "الكورال" التابعة له.واكدت ديما بواب انها "سوبرانو" اردنية شابة يمكنها ان تضفي لمسة محلية على هذا الفن الغنائي الرفيع، فقد غنت في الامسية عملين الاول هو: "اغنية الضحك" من تاليف يوهان شتراوس وكان اداؤها طليقا وان بدا مغلفا بخجل خفيف افاد الروحية في الغناء.
اما العمل الثاني فكان اغنية"قلبي يمضي قدما" التي تغنيها سيلين دايون في الفيلم السينمائي الشهير "تيتانيك" وفازت بجائزة اوسكار لافضل اغنية في فيلم قبل اشهر قليلة، وقد برعت الاوركسترا بعزف مقاطع من الموسيقى التصويرية التي صاحبت الفيلم وهي من وضع جيمس هورنر قبل ان تصل الى لحن الاغنية التي غنتها ديما بواب بشكل يكشف نعومة اللحن وما يتضمنه من احالات الى لحظة الحدث "غرق سفينة تيتانيك" وابدية المعنى عاطفة الحب التي جمعت اثنين من المسافرين على ظهرها.
ديما بواب: سوبرانو اردنية(كاميرا علي عبد الأمير)
وادت ديما بواب اغنية سلين دايون التي تحقق منذ فترة نجاحا ساحقا في لائحة الاغنيات الاكثر نجاحا في غير عاصمة من عالمنا اليوم، شخصيتها الغنائية الخاصة وابدعت صورة سلين دايون وصوتها عنها، لتترك بصمة من صوت ديما على الاغنية، ولنجاحها والاوركسترا ولحفاوة الجمهور بهما فقد اعيد تقديم الاغنية لتتردد بين ارجاء المسرح الرئيسي في المركز الثقافي الملكي اغنية رقيقة المشاعر "عالمية" في شكلها الموسيقي والغنائي و "محلية" هذه المرة عبر صوت السوبرانو الاردنية الشابة ديما بواب.
* متابعة نشرت في صحيفة "الرأي" 2 حزيران 1998 |