وداعا للموسيقى العربية التقليدية!

ِعلي عبد الامير

تاريخ النشر       17/11/2009 06:00 AM


وداعا للموسيقى العربية التقليدية!
اوركسترا فرنسية ترافق مرسيل خليفة على العود
اكد الفنان مرسيل خليفة ان العود ليس مجرد الة مرافقة لالات الاوركسترا فيما لو اتيح المجال له ليلعب نغمة بحيوية و "يقول" فكرته الصريحة، كما اكد وجود نذرة صالحة زرعها في تربية النغم الموسيقي هي موهبة نجله رامي الذي عزف على البيانو بطريقة لافتة تشير الى امتلاكه ادوات العازف المقتدر.
ذلك كشف عنه الحفل الموسيقي الذي اقامه المعهد الوطني الاردني للموسيقى واحيته اوركسترا معهد بولون-بيانكور الموسيقي الفرنسي بقيادة الفريد هيرزوغ الذي وصف وجود الفنان خليفة بين الاوركسترا وهي تقدم عملا موسيقيا له، بانه "حدث في بارز يمثل لقاء بين الشرق والغرب" .
بدأ الحفل بعزف "افتتاحية البارون تزيجان" للمؤلف يوهان شتراوس وتميزت الافتتاحية بما يناسب افتتاح الحفل، حيث جمعت الانغام بين البهجة والقوة والفخامة، واثبت اعضاء الاوركسترا مستواهم التقني البارع في العزف، علما بانهم طلاب من مراحل مختلفة تجمع المتوسط والمتقدم في الات الاوركسترا التي زادت على الستين.
وتأكد المستوى المميز لعزف اعضاء الاوركسترا فظهروا كانهم (اساتذة حقيقيون) اثناء تقديم عمل للمؤلف جورج بيزيه وتالف من خمس حركات، الاولى جاءت على شكل (المارش) الذي يحيل لمشاعر القوة والاحساس بالعظمة، لتنكسر تلك المشاعر وتصبح رقيقة (رومنسية) في الحركة الثانية وحركة ثالثة جمعت بين القوة والحدة والرهافة، ورابعة عادت للرومانسية، وفي حركة اخيرة اجتمعت الات الاوركسترا معا في لحن غامر بهيج.
على هامش ورقة البرنامج ثمة اشارة الى ان العمل اللاحق سيكون للمؤلف موريس رافيل وهو كونشرتو البيانو، وان عازف البيانو هو رامي خليفة الذي سيشارك 60 عازفا يكونون الاوركسترا، من الاصدقاء وزملاء الدراسة، فهو طالب في المعهد وانهى قبل ايام دروس العزف على البيانو بامتياز.وكان رامي نجل الفنان مرسيل خليفة، اكد في عزغه للكونشرتو الذي جاء بثلاث حركات، انه عازف مقتدر، واكب بقوة جوانب العمل الذي تميز بالتركيب والتعقيد لاسيما في الحركة الاولى منه، التي جاءت بلحن غاضب ومتوثب وحالم.
 

مارسيل خليفة من الانشاد على العود الى مؤلفات"العود والاوركسترا"
 
وحلق رامي بخفة اصابعه وانامله على البيانو، في عزف الحركة الثانية التي بدات حالمة وبضربات ناعمة كانها تحاولة ازالة الاثر المخيف لضربات الحركة الاولى، ونوع رامي من لمساته على مفاتيح البيانو، بطريقة تظهر تقنية في العزف مما لايتوفر لدى عازفي البيانو الكبار .وما ان انتهت الحركة الثالثة حتى بدا واضحا الرضا لمستوى عزف رامي خليفة، من قبل قائد الاوركسترا الفنان الفريد هيرزوغ الذي قبل جهة رامي تقديرا للموهبة التي يختزنها.
واحسن الفريد هيرزوغ صنعا اذ اشار الى تبديل البرنامج ليصبح عمل الفنان مرسيل خليفة، خاتمة البرنامج، وقبلها عزفت الاوركسترا"فالس الامبراطور" ليوهان شتراوس الذي جاء مشبعا بالمرح وعلامات القوة والانتصار .
ومع "المتتالية الاندلسية" للعود والاوركسترا، جاء الدور لختام مميز ورفيع للحفل، عبر مشاركة مرسيل خليفة الذي قدم الحركة الثالثة من عمله "جدل" والذي سبق وان طاف به في اكثر من 260 مدينة كانت عمان بينها، ولكن وجود الاوركسترا اعطى الحركة تاثيرات اعمق.
وقد استطاع خليفة بمبادرته للعمل مع اوركسترا سيمفوني على هذه السعة، ان يقدم الموسيقى العربية بطريقة لافته تثير الاحترام والتقدير، بين اهل الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وكما نقل الموسيقى العربية الى مدى تستحقه كنشاط روحي. اللافت ان الاوركسترا هنا لعبت دورا رئيسيا في توفير التمهيدات وتجسيد جوانب كثيرة من تفاصيل العمل الاصلي، فيما تولى مرسيل خليفة اثارة المركز الحي، النغمي الاسر في توقيعاته على العود.
وانطلاقا من صورة مرسيل خليفة محتضنا عوده وخلفه مايسترو واوركسترا سمفوني بعشرات من العازفين اصبح بامكان الموسيقى العربية ان نقول وداعا لقوالبها التقليدية: السماعي، اللونجا عربيا معاصرا، يقدم مغامرته الجديدة دون ان ينسى اتصاله بشذرات موروث النغم العربي، حيث امكننا الاستماع الى "بنت الشلبية" "ياعذولي لاتلمني" او "قدك المياس". وجاءت مهارة خليفة اكان ذلك بالعزف الاخير من القطعة لتحقق الذروة حين كان خليفة (يقسم) على العود، فيما الات الاوركسترا في اداء لحن غاضب.
* متابعة نقدية نشرت في "الرأي" 23-7-1998


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM