قاسم عبد الامير عجام قبيل اغتياله بايام
وإذن كما ترى كان تواصلي مع تطوير أدواتي النقدية واستفادتي من المناهــج النقدية التي أعلت من شأن النص وسيلتي لتعميق الموقف الأساس وهو إنسانيــــــة العمل الادبي وارتباطه بقضية اجتماعية وإرادة الانسان دونما قطيعة بمستجــدات الفكر، وما زال الفكر يزودني بروح البحث عما ينطوي عليه العمل من جماليـات وما يربطه. وفي البحث الذي قدمته الى الحلقة الدراسية للمربد الثالث عشردعوت الى استثمار أكثر من منهج واحد لإضاءة أكثر ما يمكن من جوانب النص وأعماقه وصولا الى تفعيل البعد الثقافي للنص وعلاقته بالقاريء العام. بمعنى أنه لم تكـــن العملية النقدية التي أمارسها مستندة الى مسطرة، فاذا قطعت او كسرت المسطــرة اضطربت، ولم يكن النقد الذي حاولته استنادا الى جدار يؤدي انهياره الى توقـــــف العمل النقدي .
2انت شاهد عصر ممتاز لما جرى خلال هذه الحقبة من أحداث بضمنها هذا التغيـر
الجذري الذي طال البنية الثقافية العراقية. ما نمط التعامل الكتابي الذي اعددتــه
لتسجيل هذه الاحداث إبداعيا ؟
- شكرا لهذه الثقة اولا، ولكنك ترجع بي الى مئات إن لم أقل آلاف من الصفحات التي كتبتها خلال فترة العسف الصدامي. ولو رجعت معي الى تلك الصفحـات لرأينا معا انها تعاملت مع أحداث تلك الفترة وبنيتها الثقافية خاصة بطريقتين :
الاولى: تعتمد اسلوبا مباشرا ولكن نصوص هذه الطريقة لم تر النور إذ كانت على شكل يوميات ومتابعات في السياسة العربية والداخلية .... أو معاناة العسف اليومي
وهذه اعتمدت الكثير من التورية او ممارسة نوع من "الحياد" إن لم أقل"التقية"خوفا من وقوع تلك الاوراق في قبضة الاجهزة القمعية .
بهذه الطريقة كتبت العديد من الدفاتر لتسجيل يومياتي في خطوط الجبهة ابان حرب صدام ضد ايران،وكثيراما قلبت في صفحاتها بأمل إعادة كتابتها كرواية وما زال هذا المشروع يشغلني....ولي رغبة شديدة لنشر عدد من تلك اليوميات كنموذج للكتابة الخفية . أما الطريقة الثانية: فقد اعتمدت البوح باسلوب غير مباشر من خلال المقالات النقدية التي استطعت نشرها في صحف ومجلات النظام واخص منها مقالاتــي فــي النقـــــــد التلفزيوني.. وتلك المتعلقة بقضايا الفن لاسيما الغناء والسينما، فقد اتخذت من تلك المقالات قناعا لنقد الحياة الثقافية والاجتماعية فمنذ عدت للكتابة عام 1970 حتـى
اليوم (اقول عدت..لاني بدأت عام 1960 وانقطعت عنها بعد انقلاب شباط الدموي حتي عام 1970)ولو قرأنا نقدي للتلفزيون ابان السبعينات وأكثره نشر في جريدة" طريق الشعب"لرأينا انني كنت أكتبه ناقدا للواقع الاجتماعي الذي تناوله العمل التلفزيوني ومــــن خلال النقد أدعو الى البديل الذي أراه. وحتى المقالات التي نشرتها في " آفـــــــاق عربية" و " فنون" بعد تدمير الجبهة الوطنية واغلاق "طريق الشعب " لم تخـــل من ذلك النقد الاجتماعي وان اتخذ اسلوب التخفي أو المواربة ،لكن نقدي للغنــــــاء وكان آخر ما نشرت فيه مقالي في جريدة"الجنائن" الحلية عما أسميته" غنـــــاء القطعان الراقصة"،كان عنيفا في نقده لتوجيهات التلفزيون واثرها في تدميـــــرالذائقة الاجتماعية واشاعة التفاهة والرداءة ،حتى أن احدا من الاصدقاء قال لي بعـد أن قرأ المقال ..انه لاينشر في الصحف البغدادية "المركزية"لوارسلته اليها،وحذرني من معاودة هذه الحدة !! لكنني في الواقع مارستها في مقال لي في جريدة"الثورة" بعنوان:"حزنا على حلم صريع" وكان يعني بتدهور الغناء عبرشركات الانتـاج التلفزيوني التي تركت أهداف إنشائها وانشغلت بتسويق الرداءة. وحتى مقالاتي في نقد القصة والرواية لم تخل من ذلك الهم الناقد للحياة الثقافية إبان تلك الفترة لمــــــا حملته من إشارات الى ما نأمله او نرفضه متخذا من شخصيات القصة أقنعة لمــــا أريد نفيه أو إثباته.. حتى ليمكن القول أن ثمة مقال خفي وراء السطور المعلنة. أما وقد دالت دولة الظلام فما أكثر المشروعات والاتجاهات التي أشعر أنها تناديني ...
واتمنى أن يسعفني الوقت أن اخوض فيها....... وهنا لست مع الرأي الذي يقول أن الكاتب العراقي ما زال مذهولا لما حدث مما يمكنه من مغادرة قاموس الكتابـــــــة الماضية .. بل أشعرأن الكتّاب الذين قبضوا على جمر تلك الأيام يحتشدون الآن بل وقد بدأوا التدفق وعسى أن أكون منهم .
لبناء المسرح الذي يحترمنا ويعلمنا ويرمم انهيارات النفس
3كيف يمكن توظيف الحرية في الاعمال الادبية الجديدة ؟
ما دمنا نتحدث عن الحرية، فهل يجوز لنا أن نضع وصفة لتوظيف الحرية ؟؟؟ وكيف لنا ذلك أصلا ما دامت الحرية حافزا مستمرا لإبتكار أشكال جديـــــــــــــدة وحتى لغة جديدة. قل دعنا نأمل أن تتيح لنا الحرية حين تتعمق في حياتنا أن نذهب للأعماق التي كان الخوف يهدد فيها بأية طريقة ذهبنا بالرواية، بالشعر، بالمقالــــة بالقصة القصيرة، وأن نبتكر لغة وشخصيات قادرة على حمل خطاب يحررالإنسان من العجز والخوف والتوكل والشك في الآخر. قل دعنا نعيد ترميم انفسنا بالثقة وبالآفاق التي تفتحها الحرية ،واذا كان التلفزيون سوط النظام الكاذب وحامل زيفه الرئيس فلعلنا نحيله في جو الحرية الى نافذة للعقلانية ومتعــة الروح معا!. وبالحرية نمضي الى ازالة الخراب في المسرح لنقيم المسرح الذي يحترمنا ويعلمنا ويرمم انهيارات النفس.وبها نستعيد السينما من كبوتها. الحرية دعوة للحياة.. ومن يحب الحياة أكثر سيحسن إستثمارها في العيش والإبداع .
الحرية قاعدة الإبداع التي لا إبداع بدونها
4أين يمكن لنا بالتحديدالإشارة الى إسلوب عملكم الجديد بوصفكم رئيسا لإتحاد أدباء
بابل؟
- لادباء وكتاب بابل تجربة ثرة على المستوى الفردي، وعلى مستوى عمل الإتحاد منذ تأسيسه عام 1984، فقد كانت أماسيه التي زادت على 750 أمسية طيلـة عمره ملتقى لمثقفي المحافظة ومنبرا لهم.
فضلا عما أقامه الإتحاد من حلقــات دراسية متخصصة لدراسة أعمال وشخصيات أدبية متميزة.ذلك كله والمتاح مجرد هامش ضيق فكيف الآن ؟ لا ليست الأماسي كافية، لا بـــد لنا من معالجة قضايا الاديب الشخصية المعيشية والإبداعية... كيف نيسرله مشاركة أكبر في الحياة الثقافية والإجتماعية.هي مشروعات ولكن أين التمويل؟وهل سنجد في مفردات حياتنا المقبلة ما يعيدنا إلى التقاليد الثقافية ؟ الحريـــــــــــةالإقتصادية او لنسمها بإسمها.. البحبوحة التي تؤمن للأديب عيشا كريما في جـــــو الحرية وهذه قاعدة الإبداع التي لا إبداع بدونها.. ولذا لابد للتنظيم النقابي للأدباء أن يعني بهذه المسألة عنايته بمتطلبات تطوير الابداع وتنظيم الحياة الثقافية ..