اخي الحبيب علي
كم مضى من الوقت دون أن أحدثك كما اريد؟ ربما كان كل الوقت كذلك فقد فرضت علينا أيامنا أن نفترق منذ دراستك المتوسطة! ولست أدري أي قدر هذا الذي يضع أخوة مع وقف التنفيذ او ما يشبه ذلك حين يحل الفراق محل التواصل المقيم، إيه .. دعنا من هذا ولنحمد الله على ان ما اقام في القلوب من الود ما يسخر من تلك الافتراقات الجغرافية التي استمرأت الامتداد لتتحول الى زمن من شوق وعمر من قلق وأمد من مخاوف ولهفة لا يعلم إلا الله نهاية لها أو تطامنا على الاقل. عذرا، عزيزي علي، إذ فرضت هذه البداية نفسها لأن كل ذلك كتبته لك فيما سبق كان على عجل .. وفي إحدى المرات كنت أكتب والرسول الذي سيحمل كتابتي يجلس امامي منتظرا أن انتهي لكنني اكتب الآن ولست ادري هل ستجد كتابتي هذه من يحملها لك اولا، وان كنت أعترف إنني اكتبها بوحي من معلومة ان ثمة من سيأتي اليك قريبا، حسنا فاسمح لي ان أعبر الحديث عن الاشواق إذ إتخذت مسراها في دمي الذي يستوعب يومياتنا بكل تناقضاتها العجائبية، ولن أكرر الآن مخاوف تعصرني وتثقل أحيانا حد أن تجد مساربا لها في الحديث المسموع مع النفس كالهذيان وما هو كذلك بل هو فيض مداراة او كتمان، وسأحاول ان اتخلص من الوقوف عند العديد من ملامح الزمن الذي يحملني او أعيشه حتى ان كنت أنت ترغب في أن تعرف الكثير عني الآن، ولذلك سأبدأ بداية أخرى فأشكرك كل الشكر واقبلك قبلة الامتنان إذ اسعدتني بذكريات "مجرد ذكريات"* الذي تدفق بمفردات صنعنا مثلها بذات الروح وبالصفاء نفسه وبالحماس نفسه، لقد انعشت تلك الذكريات / الوقائع في عقلي وقلبي رغبات جديدة من عزم الاستقامة على النقاء، واقول جديدة لأن القديم من الاستقامة ما اهتز لحظة واحدة ولم يخب بصره رغم مضي السنين بالتوالي ورغم علامات مرورها على الجسد، ولذا أحاول ان أجد فسحة من وقتي الضيق كخرم ابرة لإعادة قراءتها!.. إن تيسر لك ان تكتب لصاحب الذكريات فاكتب له عني هذا واضف اليه رغبتي ان اقول له اننا نخطيء كثيرا حين ننكمش في الحديث عن انفسنا بعد الذي قدمناه وكأنه الهواء في طبيعيته أو كأنه البديهية بينما كان غيرنا يدوسون علينا كي يفرحوا او يكسبوا، لقد كنَا – دونما اية مزايدة او ادعاء – ملائكة في دنيا شيطانية ولعل الشر الذي يفتك بها الآن هو العقاب الذي ينزل بها لانها لم تصغ لغنائنا ولم تصدق حلمنا، وانا هنا اتحدث عمًن انسجم في القول والعمل مترفعا عن رذيلة النفاق متعاليا على مكاسب انانية، لقد قرأته وأقرأته لطه فطار به مثلي فرحا، فالشكر لك موصولا بعدد حروفه وحروف كانت معه. ثم أقف عند "بغداد ذلك الزمان" .. وأدهش للكثير مما رشح لي عن مؤلفه .. فهو فيه ليس كالذي كان من جمال التعبير، ام ترانا كنا ننظر اليه بصورته الاولى فنضفي عليه ما ليس فيه؟ لقد كان اسلوبه أو بنائه أدنى بكثير من موضوعه رغم ما فيه من حميمية وأهمية، تخيلته بعد قراءتي عنوان الكتاب انه سيرتقي فيه عتبة ادبية رفيعة لتلج السيرة او التاريخ الاجتماعي، لكنه كان ساردا عاديا، ولذا كانت ملاحق الكتاب اجمل من المتن أي ان ما كتبه غيره أجمل مما كتب هو، حين يخلط أو يجهل من هو المدفون الى جانب موسى الكاظم (ع) حين يقول انه محمد الباقر؟ ومع كل ذلك يبقى مسعى في درب نحتاج لجهود اخرى ان تسير فيه .. ويبقى وثيقة عملية للمقارنة بين الاستقامة التي مثلها مؤلف "مجرد ذكريات" وكيف تنفخ في الإسلوب والسطور ألق التوهج والتماسك، وبين التقلب الذي يفرز التفكك حتى في استرجاع عمر صاحبه نفسه! وهي مقارنة تصلح في باب دراسة اجتماع الادب او علم نفس الكتابة، والأدهى من تفكك إسلوب المؤلف ان النسخة التي وصلتني فيها ملزمة مطبوعة بين صفحة واخرى ( كتابة / بياض ) مما اضاع عليّ نصف احد الفصول. هل استمر فاشكرك على "حوارات الشهر" **هذه الحوارات الخصبة – وهي الآن لدى طه، يقرأها بعد ان حدثته عنها – ام على غيرها وهو كثير؟ ولكني اضافة للشكر أو فضلا عنه اجدد دعواتي الصادقات بأن ينشر الله عليك جناحي رحمته وحماه وان يحيطك بجنة تقيك دواعي كل مكروه .. وان يغدق عليك وأسرتك عافية ورزقا وأمانا. لعلك ايها العزيز تريد ان احدثك بغير هذا .. عن احوالي مثلا .. وانا ماض في استعادة قراءات قد تغري باستعادة غيرها ولكن لا تلمني فهذه القضية هي الآن مشكلتي الأم كشخص، لأن العمر قد تقدم كثيرا عن مسوغات الانتظار والتأجيل ولذا تكاد كل الاحلام الثقافية والمشروعات الابداعية ان تتبدد او تنثر سرابا امام حصار اكتساب القوت، انا اعمل يوميا 14- 16 ساعة اذا اعتبرنا ساعتي السفر والعودة .. وعملي فيه الكثير من المنغصات .. أخطاء فنية هي الخطايا، غباء إداري او غرور ثمرته خراب انتاجي، نفاق وغبن يشمل كثيرين ومنهم أخاك بالطبع رغم إنني في رأس احد أهم اقسام المصنع او على قائمة الرواتب الثقيلة، ان العمل يستهلكني جسديا ونفسيا .. وحين اعود، ابدأ كفاحا ضد المنطق البايولوجي في الجسد، اريد لجسدي الاّ يتعب لكنه تعب، واريد له الاّ يستسلم للنعاس ولكنه ينهزم، والشقة تتسع بين ما يجب عليّ انجازه ثقافيا وبين ما يتاح لي فأسقط في حزن الفقدان وعار التخلف .. قدم لنا في احد اماسي "اتحاد ادباء بابل" – وما زلت نائبا لرئيسه بعد الانتخابات الاخيرة – الاخ ناجح المعموري محاضرة عن تجربته في عمّان وكيف انجز ستة كتب وكيف كتب وكيف قال وكيف وكيف .. وقد عقبت عليه بدعوة المستمعين لاستخلاص الدرس الاهم من حديثه وهو تحرر الكاتب من سوط العيش ومتطلباته .. فان اغراق المثقف العراقي بهموم الفقر اكبر اهداف الحصار "الثقافية "وأخطر معاولها لتدمير الروح العراقية اخلاقيا، ولذا فان تخصيص رواتب للادباء اخيرا قد حرّر الكثير منهم من هموم عديدة،وكالعادة لم يشمل ذلك اخاك،فقد جاءني امس من يقول لي ان ثمة لجنة للاعتراضات فسارع اليها قبل فوات المهلة المحددة .. فنهرته قائلا انا لا استجدي، ومن تجاهل عمرا من الكتابة المستمرة لا يستحق استعطافي له، ادع لي بالعافية كي استمر بالعمل فجاءني في اليوم التالي ليقول لي انك اخجلتني، ولكن أليس مضنيا ان تستمر هذه المكابرة حتى انطفاء العمر؟؟ لقد كنت اخطط كي اتفرغ للارض والزراعة فاكسب وقتا لعملي الثقافي، فأصاب الجفاف وسوء ادارة الري خططي بالبوار إذ تفاقمت شحة مياه الري الى حد عجزنا عن زراعة الموسم الصيفي المنقضي . لقد جاء ما ارسلته لحيدر في اليوم الذي اعلن فيه التحول من الدولار فانخفضت قيمته فحل التردد بين القبول بها وبين الانتظار، وما سبق لك أن ارسلت به من قبل اضفت اليه وارد موسم زراعي جيد سابق فاشتريت قطعة ارض مجاورة لنا من جهتين مما لا يمكن السماح بأن تذهب لغريب يحاصرنا ولذا كان لا بد من شرائها، وهكذا حدث، ولكن ذلك حدث في زمن الجفاف مما جعل المشروع مجرد أمل قد يتحقق او لايتحقق لكن المنطق كان يفرض الدخول فيه ! ولا بأس أفليس هو عمر الخسائر ؟؟ قل لي انت كيف احوالك؟ ومتى وكيف سنلتقي بحق السماء؟ انا افكر جديا بزيارتك وحين ادبر نفسي ماديا لدفع رسوم السفر فسأفعل فلا اتوقع بديلا غير هذا (دعوة مثلا) وعسى الله ألاّ يخيب مسعاي هذا تحت وطأة مفاجآت او مشكلات ليست متوقعة أو بالاحرى هي منذرة، فصحة ام ربيع ليست مستقرة منذ اكثر من شهرين، وصارت هي حساسة لأقل هاجس أو اصغر حدث حيث تتسارع ضربات قلبها وتخنقها "الضربة الهاجرة" كما يسميها الاطباء، فتسارع الى حبة من اقراص "الأنجيد" تحت اللسان واحيانا اكثر من واحدة! ولا يكاد يمر شهر دون ان ادفع لحيدر مبلغا كبيرا يتابع به معاملة تسريحه التي لا تريد ان تنتهي منذ اكثر من عشرة شهور جزاء لخدمته الحسنة دون غياب !! وبالمناسبة، ان ما ترسله اليهم اعطيه لهم فعلا طالما خصصته لهم بالاسم فما لأزهر لأزهر ومالربيع لربيع وهكذا، عافاك الله ورعاك. وكيف صحة ام سلام؟ انا اشعر انها من خلال الاشارات القليلة التي تصلني من بين كلماتك – غير مرتاحة ولكن اي بديل لنا في مثل حالتها سوى ان تستقبل بك وباسرتها جميعا يومها وغدها؟! دعائي لها بالصحة والطمانينة مادام الحب من حولها، وصدقني وصدقيني يا "ام سلام" ان العلاقات الموروثة قد سقط اكثرها في العطب وكأنها ماكنة توقفت أو انقلبت للعمل بالاتجاه المعاكس. اتحزنين لمفارقة علاقات محنطة دب فيها الخور كهذه؟ دعك من اشواق لصورة ليست بعيدة عنك اصلا .. ان الحب الذي تصنعه أسرة مستقرة يفجر الوانا متجددة منه، فاقبلي عليه، مع كل احترامي لمشروعية الشوق بل واللهفة المحرقة للأهل والاخوة، هل تصدقون ايها الاحبة ان البقاء في البيت ليوم كامل صار من احلامي العزيزة؟ وحين اخطط لاقتناص يوم واحد أشم فيه رائحة البيت واثاثه وكتبه أو غبارها، تنقض المفاجآت فتمزق الخطط .. بضيف غير متوقع (ثقيل لسوء الحظ) أو الواجب يبرز على حين غفلة أو أو .. فامضوا يحرسكم الله على الحب والتفاؤل ولتكن كل الاشواق المشروعة نبعا سريا للرقة والاحتفاء بالجميل المتاح .. واسلموا حتى يأذن الله بلقاء ودائما ....
اخي الحبيب : بودي الاستمرار في البوح ولكن هل هذا ممكن؟ لست ادري ولكني سأفعل ولتكن وقفة عابرة عند الرسالة الشفهية التي نقلها لك الاخ ابو محمد، هذا المتعب النبيل الذي عاد بكرامته وخسارته .. وكل ما اقول في الموضوع انها صارت لي مصدر قلق عليك، و دع عنك ما سأقوله عنك فالطرف الآخر لديه صورة أو مقياسا خاصا به بصرف النظر عن قولي، ومع اني لم اخبر أم ربيع بزيارتي لهم إلا ان الامر تسرب اليها من بوابات اخرى بصيغة انك موضع استفهام فامتلأت رعبا يمتد منك ويمر عبري ولا ينتهي بالأولاد! ولكنني هونت عليها المسألة .. واتفقنا ان نزيد دعواتنا لك بالسلامة.. دعوات اخرى .. وليحفظك الله ولا تبتئس بما يفعلون فلنا رب يرحمنا غير انني اتمنى عليك كأب واخ ان تكون – وهذا ما يلقي عليك عبئا – في الدرجة القصوى من التحسب واليقظة لتبقى النموذج الاحلى، ومن الله التوفيق، وتذكّر انك معنا دائما حتى ان حيدر قد رآك ذات ليلة في منامه واستيقظ يحدثنا مسرورا لأنه رآك انيقا مهيبا ومتأسفا لانه لم يتحدث معك، وطافت صورتك في منام احدى خالات ربيع وانت تزف الى عروس بهية جدا، ثرية جدا حتى انها جاءت بسيارتها المرسيدس لتحملكما الى عش العرس وكنت انت متألقا وكلنا معك وكاننا نزفك لعروسك! والحق انني تشاءمت لذلك .. واستحالت الاضواء والبريق في منام هذه الاخت الى كابوس يؤرقني. علاوي الحبيب برغم كل تلك التجاذبات وحصار العمل الطويل اسهمت في مؤتمرات علمية وأدبية قدمت فيها ابحاثا ومداخلات تتعلق بالبيئة والتلوث واقتصاديات اللقاح البكتيري ( جامعة بابل و جامعة القادسية ) وعن البعد الثقافي للنقد الادبي – عبد الجبار عباس نموذجا ( جامعة الكوفة ) اضافة لمداخلات في جلسات المؤتمر، وامسيات مطولة عن المسؤولية الثقافية وعن تجربتي مع الصحافة الادبية ضمن البرامج الثقافية لاتحاد الأدباء في بابل ونقابة الفنانين فيها ... وانجزت دراسات مازالت مسودات لأني لا اجد الوقت لاعادة كتابتها!! ناهيك عن المشاريع المبتورة .. والمؤجلة،غير انني صرت اسمي ذلك (الابداع ركضا) فأنا انجز ذلك وانا اركض ما بين العمل وسيارات الاجرة وملاحقة الواجبات .. حتى انني حضرت امس الاول لموعد أمسية اتحاد الادباء ركضا لتقاطع موعدها مع وجودي في المعمل ولانني كنت سأقدمها نيابة عن الشاعرة ريم قيس كبه التي اعتذرت لمرضها ولانني هيأت دراسة عن مجموعتها الاولى .. وعدت الى البيت ليلا لأكمل مسودة عن مجموعة شعرية لناهض الخياط وهكذا. الاولاد بخير ( والاهل والموتى يخصون الاقارب بالسلام ) والحمد لله و ( القشه معدن ) و ( يادار مادخلك شر ) و ( توته توته خلصت الحدوته ) ... الخ، المهم ان تسلم انت وان اسعد بنجاحك، والناس الذين تحبهم جميعا يبادلونك الحب والتحيات والتمنيات، تحياتي لأحبتي الشباب سلام وامير و لأمهما تحية خاصة ودعاء بالصحة، تحيات حارة للاخ جاسم عاصي وسؤال عن مشروع الرواية الفلسطينية الذي حدثني عنه وتمنياتي له بالتوفيق.
*هنا يشير الى كتاب "ذاكرة عراقية" للكاتب روفائل بطي بجزئيه الذي كنت ارسلته اليه مع مجموعة اخرى من الكتب بينها ايضا كتاب عزيز الحاج عن بغداد وذلك رفقة الشاعرة الصديقة رم قيس كبه التي كانت تزور عمّان واحملها لقاسم بعض ما يحب . **مطبوع مسلسل تصدره مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافية في عمّان.
الحلة في 21/10/1999
اخي الحبيب .. السلام عليك والأمان والعافية، دعائي الدائم لك ولعائلتك، ما وقف اخوك تحت قبة من قباب آل البيت عليهم السلام وقرأ الدعاء "اللهم لا تدع لي في هذا المكان المعظم والمشهد المكرم .. ذنبا إلا غفرته ولا ... إلا ... ولا ... ولا غائبا حتى أرد فيها بقوله، وهو علي أخي، ليقول : ولا غائبا – وهو علي أخي .. إلا أدنيته وحفظته .. إلا حفظته وأدنيته" .. وهو شأن ام ربيع بعد كل صلاة .. بعد وفي كل زيارة أو تلاوة، فانت هاجسنا الدائم وشوقنا الموجع ومحبتنا المقيمة، فأنت بيننا حديثا يدور أو تساؤلا يتشعب ثم لا ينتهي .. لا بمتى؟ ولا بكيف؟ نصطنع عن سلام واخيه حديثا ونرسم لهما صورة ثم نمضي الى مجرد فراغ، أو ندير حكاية كانت لنا وانت فيها القطب والرحى ثم نغادر دفتر الحكايا الى كأس من صبر مر، اصطلح على ان يوصف بأنه الصبر الجميل! وإني لأجرعه كل يوم مرارا، تسقيني إياه سيارة بطيئة ( ترقل ) بي بين مسكني والحلة أو يسقيني إياه ركابها الذين توهموها انها بعض مضايفهم فأطلقوا لاحاديثهم اعنة الصراخ والخوض في كل شأن .. وما عليك الا الصمت او التظاهر به وانت تضج بالقرف والمرارة أو تغص بكأس الصبر الجميل إياه، ويسقيني اياه نهار من الكد يسلمني الى ليل مظلم نستعين على ظلامه بالنوم او بشيء من القراءة على ضوء كليل يتحالف مع تعب النهار لنشر شبكة النوم على الجسد المستنفذ أداء" لواجب او رغبة وخيبة .. وتطلعا في اللاشيء او كل شيء بعين ناظرة او بعين طائرة، تلك هي الحلقة التي يدور فيها ما بقي من عمر (تسرسب) كطحين ما بين الاصابع، واعجب ما فيه مكابرته .. مكابرة إذ يتطلع الى انجاز مالم ينجزه في اوانه، ومكابرته إذ يصر على الحلم محلقا اليه من قواعد النقاء باهظ الثمن، ومكابرته في تعاليه المستمر على الهرج والمرج الى نغم صاف لا يسمعه الا هو، ولا يضطرب لنغماته إلا قلبه، ومكابرته اليومية في ضحك يصنعه للسخرية مرة وللضحك مرة ولدعابة راسخة فيه مرة اخرى. هذه كلمات عجلى – قد أو انشاء الله تصلك مع الاخ الدكتور صباح المرزوك وهو في الطريق الى ليبيا وهي عجلى رغم اني احاولها منذ ايام، فلا خثرة الصبر تنزاح لأكتبها ولو على ضوء فانوس، ولا نزيف وقتي يسمح لي باقتناص ساعة من عمل كي ابثها اليك .. غير انني اقتنصها منه اخيرا،على مكتبي قبل ان اسلم الكتابة الى حاملها.. واسلم معها غير الشوق ولهفة المحب صورة لأخيك وحفيديه (علي وياسمين) في بيتنا .. بصالة الاستقبال (بعد التحسينات) وسأكون جد سعيد إذ تصلك هذه الصورة التي لا املك نسخة منها. هل اشكرك لما ارسلته من كتب او ملابس او ...؟ لا .. الأبهى ان اعرب عن سروري لانها اشياء تردد لغيري ما اردده انا لنفسي من انك معي ابدا. ولكن لا تنس ما قلته لك عن التفكير والمباشرة بارسال ما اشتري به لك دارا، ولا تنس ان تكتب لي كلما استطعت. هنا .. كلنا بخير،الكل يدعو لك ويتمنى لك التوفيق والسلامة والنجاح،واكبر الاخبار ان حيدر يستعد للتسريح الذي يستحقه رسميا اوائل شهر كانون اول القادم، وقد تم قبول أزهر في معهد التكنولوجيا -المسيب الواقع في مفرق المشروع (حلة – بغداد) ..لكنه لا يبدو مرتاحا. ربيع تفرغ لمهنته بعد تسريحه من عمله الوظيفي وعمله جيد لكنه متعب إذ يستغرق العمل حتى الليل، وليتك تدري كم يزداد حبهم لك وشوقهم ! مثلهم في ذلك مثل وفاء التي ما إن تسأل عنك حتى تمتليء عينيها بدمع سخي .. وستكون الصورة القادمة ان شاء الله لابنها ( صاحب ) .. صاحب العذوبة والجمال. وأخيرا تزوج حليم وانتهت عزوبيته، عروسه ابنة جيرانهم الملاصق لبيتهم وهي فتاة طيبة خريجة كلية الآداب ،انهم جميعا في حديثك وفي سؤالهم المعتاد : ما اخبار خالي علي؟ وكل اخوة يعسوب وفاهم يسألون عنك بشوق وكذا كل الاقارب، كل الاصدقاء .. يهدونك تحياتهم وتمنياتهم. وسلاما لك ابدا .. وعلى عائلتك بركات الله وجناح رعايته واسلموا لي جميعا
اخوك 21/10/1999
|