حيدر ..الاشواق المؤجلة

تاريخ النشر       20/10/2009 06:00 AM


علي عبد الأمير عجام*
 
هو ابن قاسم، هو الشاهد الشهيد.. هو الذي اخترقت رأسه طلقة وسقط الى  جانب ابيه وضيفه المهندس باسل نادر، وبالبكاد ظل حيا وفات القتلة ان فيه نبضا سيكتمل مشوار حياة وان كانت اقرب الى الكابوس، فهو في كل مرة يكون في مواجهة اللحظة الاكثر قسوة بل رعبا لا في حياته وهو ابن العشرينات وحسب، بل في حياة كل انسان حين يكون عليه ان يكون شاهدا على اغتيال احب الناس الى قلبه، ومن هنا لم ازل احفظ جيدا كيف كان حيدر في مستشفى الحلة التي نقل اليها كان يرسف برجليه ويضرب ذراعه على فراش السرير، كأنه يحاول الوصول الى والده وانقاذه.

حيدر قاسم عبد الامير عجام

مشهدك الاكثر رعبا يا بن اخي، كم كتب على عشرات الالاف من العراقيين من بعد اغتيال ابيك ان يكونوا ضحاياه مرة اخرى، فيقتل احبتهم امامهم، ويذبحون ايضا في بلاد اريد لها ان تكون مذبحا ومجازر متصلة، كم من طفل وبنت صغيرة وشاب سيحفظ في ذاكرته، ان ظل على قيد العقل والاحتمال، كيف ذبح اباؤهم واحبتهم امامهم؟ فهوّن عليك، واعذرني انني لم اكن الى جانبك في رحلة عذابك، واعذرني انني لم افيك حق وفائك فانت الذي اسميت ابنك (سلام) على اسم ابني تحية منك الي في منفاي وغربتي، بعد ان حياني اخوك ربيع بان سمى ابنه الاكبر (علي)، هل اقول يكفي نحيبي شوقا لكم وخوفا عليكم ولهفة؟، هل تكفي غربتي؟ هل يكفي وهل.. وهل؟ بالتأكيد لا، فانا اعرف انك كنت محمولا على اشواق الي، ان اعود وان تنتهي لوعة ابيك علي وانتظاره الطويل لي، كنت ايها الحيدر المجروح الى يوم الدين بابيك، لهفة عليّ وترقبا، مثلما كل اهل بيتك، فهل كنت جديرا باشواقكم تلك؟
اشواقك المؤجلة والممتدة الي هي كاشواقي اليكم، ستظل هكذا مؤجلة مثلما فكرة العراق الامن المستقر الحر الكريم، مؤجلة بل وتتحول احيانا الى مستحيلة اذ تصير ماكنة مدمرة تكتسح في طريقها الجميل والعذب والنادر، اليست هي الماكنة الهادرة التي سحقت آمالنا جميعا وبلا رحمة جعلتنا الى دنيا بلا قاسم، ليس لانه الاب لك والاخ لي، بل لانه علامة على عدل ما في الحياة، على كرامة ما، على يد طاهرة وعلى نبل ورقة وجمال.
حيدر.. يا سميي(ابو سلام) موحش عالمنا هذا، ولكن بزاد كالذي كان يعنيه قاسم عبد الامير عجام، وبإرث كالذي يعنيه ارث ابيك الفكري والانساني، يمكننا احتمال ما ابقاه لنا الله من اشواط حياة، وكم سيكون بنا ابوك هانئا، ان كنا اقرب الى تمثل رسالته، وكنا جديرين بالانتماء اليه، ولا اظن ان هذا الوعد والقدر سيتركز على انسان في بيتنا نحن عائلة الراحل الكبير، مثلما سيكون متركزا وثقيلا وباهظا عليك، فمن بين يديك انتزعوا ملاك بابل وفخر العراق كي يردوه قتيلا، اعانك الله .. فيا لصبرك يا لاحتمالك على كوابيس الفقدان، ويا لحرقة قاتلة لم تزل، وانت الشاهد الشهيد، تفتك بك.
 
* رسالة الى حيدر قاسم عبد الامير عجام الذي اخترقت رأسه طلقة اثناء اغتيال والده.



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM