الكاتب والصحافي اللبناني الراحل سمير قصير
يقرر قاسم ان يترك سميره قليلا ليهنأ باغفاءته فثمة وقت كثير سيتقاسمانه وثمة مواعيد حنين للوطن واشتياقات للاهل. وعلى عادة اخي في جمع ما تبدو "نقائض" في انسجام غريب، يجلس قاسم قريباً من رأس انيسه الغافي ويرتل بصوت خاشع صاف آيات تنشد للوسيم القتيل الراحة والسلام، متوقعا من سمير المسيحي، ان ينهض كي يرتلا معا مقطعا من قداس، وليكن افتراضا "قداس وحشة الغريب في ليلة غيابه الاولى".
من الآس والشمع الذي غطى قبره انزل قاسم ضمة اغصان وشمعتين، غير انه بدا جذلا ولحية سمير المشذبة تطلق موجة من عطر ما ان بدأ نهوضه من اغفاءته، ولم يستغرب قاسم تحية من سمير: توقعت ان اجدك هنا، كلانا غير مسموح له ان يفرح بفضاء حر، اليد ذاتها قتلتنا كأنها تقول... هزمنا، لكننا لن ندعكم تفرحون بهزيمتنا.
الآن لم اعد قلقا من أن اخي القتيل يعاني وحشة لم يعهدها من قبل، الآن وقاسم ينغمس مع سمير في نقاش عميق حول ربط الحرية بالعدالة كي تصبح انسانية، عرفت لماذا يعيش ابناء الحرية طويلا، ولماذا تطير الفراشات من قبورهم، وتضوع قلوبهم عطرا، انهم كذلك لأن الله لن يترك دمهم النظيف، بل منه يبتكر الحياة.
*النص نشر في موقع "ايلاف" الاليكتروني وصحيفة"النهار"البيروتية التي كان الراحل سمير قصير احد ابرز اعلامها من الكتاب والصحافيين قبل ان يقتل في انفجار عبوة ناسفة امام بيته ووضعت تحت سيارته في حزيران 2005 .
والكتابة هنا ترسم لقاء متخيلا للكاتب قاسم عبد الاميرعجام مع سمير قصير في "مقبرة الحالمين".