في "جبل الأرز"، وفي الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني من عام ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين وفيما كان لبنان يغذ الخطى نحو انفتاح على العالم ومعارفه ، على الذخيرة الإنسانية وخبراتها العقلية والروحية ، رزق السيد وديع حداد و قرينته السيدة ليزا البستاني بابنتهما نهاد، التي عرفت فيما بعد بأسم اصبح دالا على انضج تجربة في الغناء العربي المعاصر لجهة مزجها ودون تردد بين عنصرين مازالا يمسكان اللحظة العربية منذ اكثر من خمسين عاما : الموروث والحداثة .، أسم فيروز " جارة القمر " حين الوجدان العربي يتشكل في فيض رومانسي ، مثلما هي عبر جديدها، إمراة مأزومة من عصرنا تغني " ضاق خلقي " .
في العام 1937 انتقلت عائلة السيد حداد الى مدينة بيروت، بحثا عن فرص حياة أفضل " كانوا فقراء كما تذكر فيروز، ولكنها كانت سعيدة.. فكم تحن هي إلى تلك الأيام، عندما كانت تغني في المطبخ، فيخرج الجار النائم غضبان من هذا الإزعاج، ساخراً من تلك الفتاة الصغيرة وهي تترنم بقاطع من أغنيات معروفة ، أو اناشيد وتراتيل كنسية" .
في بداية الأربعينيات من القرن العشرين، كان الأخوان فليفل يحضران لبرنامج غنائي للإذاعة اللبنانية، ووجدا ضالتهما عند بعض الأصوات الشابة من المدرسة التي كانت تتلقى فيها فيروز علومها. وحين فاتحا السيد حداد بأمر اختيارهما ابنته للغناء، رفض الأب المحافظ معتقداً أنها سوف تغني في حفلات عامة. إلا أنه وافق في النهاية بعد ضمانات قدمها له الأخوان فليفل بأنها لن تغني إلا ضمن كورال الإذاعة. الرومي ابتكر الأسم والدلالة : فيروز من هنا بدأت فيروز رحلتها مع الغناء، حيث استقبلت وصوتها الملائكي بالترحاب، فقدم وديع صبرا، ملحن النشيد الوطني اللبناني ورئيس "الكونسرفاتوار" او المعهد العالي للموسيقى في ذلك الوقت، عرضا غير مسبوق وهو أن تدرس فيروز في المعهد دون رسوم. بعد ذلك بشهور قليلة ساعدها الأخوان فليفل لأن تكون عضواً ضمن كورال الإذاعة اللبنانية، وحصلت على راتبها الأول من الإذاعة وقدره مائة ليرة لبنانية.
ظلت فيروز تغني مع كورال الإذاعة اللبنانية شهرين، ثم اختيرت لتغني بمفردها بعد أن أعجب بصوتها الملحن حليم الرومي( منح الأغنية العربية المعاصرة لا فيض ألحانه وحسب ، وانما ابنته الموهوبة والمرهفة الحس ، ماجدة الرومي ) الذي اختار لها اسم فيروز لتحمله بدلاً من اسمها الشخصي.
بصيرة عاصي الرحباني تخترق المستقبل هي فترة خصبة بمعالم النتاج الفكري والفني الرفيعين ، فقد كان نجم الأخوين رحباني قد بدأ بالبزوغ، وقرر حليم الرومي أن يقدم فيروز للأخوين عاصي ومنصور. وكان ذلك تحديدا في العام 1951، حيث لم يتردد عاصي الرحباني في الموافقة على التلحين لفيروز، الأمر الذي اعتبره شقيقه منصور فيما بعد" بصيرة اخترقت المستقبل" . وكانت اللقاءات بين الثنائي الخطير موسيقيا وثقافيا وبين فيروز قد بدأت مع أغنيات شعبية موزعة موسيقياً بطريقة جديدة ، هي أغنية "البنت الشلبية"، ثم تطور اللقاء في التكوين النغمي وابتكار شكل غنائي يكثف قدرات الثلاثي : منصور ، عاصي وفيروز كما في اغنيات خالصة التأليف والتلحين للأخوين رحباني، مثل "نحنا والقمر جيران" ، الأغنية التي صارت لاحقا مؤشرا على فترة الرومانسية المحلقة في نتاج الرحابنة عموما وفيروز بشكل خاص .
ثلاث سنوات على اللقاء الذي احدث ليس تغييرا في مسار الرحابنة وحسب بل في تاريخ الأغنية العربية المعاصرة كله ، حتى كان عاصي الرحباني يعلن زواجه من فيروز، ليقدما للفن الموسيقي العربي احد اخطر رموزه بعد عامين حين انجبا ابنهما البكر زياد ، في اليوم الأول من العام 1956 وهو عام ستكون اشاراته بالغة التأثير على فيروز إذ بدأت إطلالات فيروز والرحابنة في مهرجانات بعلبك، ورشة الإبداع الموسيقي والغنائي اللبناني والعربي طوال نحو عقدين. وردة الأغنية وفكرتها
ابرز ماقدمه الثلاثي المكون من فيروز والأخوين رحباني، كان فكرة مغايرة عن الأغنية ، فكرة تبعدها عن شكل " الطرب " الى الفاعلية الإنسانية ، بدفع مستويات التعبير من الشكوى واللوعة والإستجابة الخارجية الى مستويات يبدو معها تأثير الأغنية على وعي الإنسان وروحه ممكنا ، فاغنية فيروز الرحبانية ، نوع من اعادة وعي الإنسان العربي للوردة ، من كونها اشارة جمالية خارجية الى كونها باعثا مستمرا على الإحساس بالجمال . والتغيير الذي احدثه الثلاثي على وعي العربي لقيمة الأغنية ، كان ايضا عبر ذلك الشكل الفني المقام على التماس المباشر مع المتلقي : المسرح الغنائي . ومع هذا الشكل جاءت معظم اغنيات فيروز التي ابدعها الرحابنة في مسرحيات" جسر القمر " 1962، " الليل والقنديل " 1963 ، " بياع الخواتم " 1964 ، " ايام فخر الدين "1966 ،" هالا والملك " 1967،" الشخص" 1968،"جبل الصوان " 1969 ،" يعيش يعيش" 1970، " صح النوم" 1971، " ناس من ورق " ،" ناطورة المفاتيح " 1972،" المحطة" 1973"لولو " 1974، " ميس الريم " 1975وأخيرا مسرحية" بترا" 1977. في تلك الحصيلة من الجمال أمكن لفيروز ان تكثف عبر الملائكة الساكني صوتها ملامح تاريخية وسياسية واجتماعية ووجدانية في تجربة اخذت الأغنية من مساحتها التطريبية والترفيهية الى انشغال تعبيري ، كان من العسير ان تتحصل عليه الأغنية العربية لولا وردة بهية العطر اسمها فيروز ، ولولا فكرة خلاقة وجدية مبدعة اسمها الأخوان رحباني .
فيروز: وردة الأغنية وفكرتها
وتكاد مقالة مبكرة عن لمسات الأخوين رحباني كتبها الناقد الموسيقي اللبناني الراحل نزار مروّه في العام 1953 توجز ماذهبنا اليه من تأثير الرحابنة على وعي المتلقي العربي لقيمة الأغنية : " لا نستطيع إلا الإعجاب بالفنانين الأخوين رحباني وهما يمسكان بيد الموسيقى العربية في خطواتها الأولى ويزرعان في أرض قاحلة مجدبة، على حدّ تعبيرهما، وبإمكاننا اعتبارهما في الطليعة من الموسيقيين الذين سيصنعون من الموسيقى العربية شيئاً مذكوراً.
ولمَ لا.؟! وهما اللذان خرجا عن كون الفنان أميناً لمتحف الآثار القديمة بل قطعة أثرية في ذلك المتحف… من الناحيتين: الفنية والشخصية.
لقد تطور معنى الموسيقى ومعنى الطرب، وأصبحت لهما مفاهيم جديدة لم تعد تتحملها طاقات الموسيقى القديمة، ولا بد للمجددّ من الخروج إلى النور، إلى الثقافة الفنية العميقة، الخروج من القواقع إلى الدنيا والناس والاحتكاك بمختلف التيارات الفكرية والفنية والأدبية".
حارسة الذكريات الجميلة لم تذبح الحرب اللبنانية( 1975-1989) البلاد والعباد وحسب ، بل جاءت على ثمرات الفن الرفيع ومنه فن الرحابنة في المسرح الغنائي . قتلت عاصي الرحباني كمدا وسكتة قلبية وباعدت مابين اثنين كانا الى حين فسحة للجمال لاحدّ لها، فانفصلت فيروز عن عاصي حتى وفاته العام 1986، وإن كانت فيروز لاتذكر الا معه وهولايذكر الا معها ، بل انه غالب حال الجفاء الحياتي بينهما ليقود الأوركسترا التي رافقت منشدته الملائكية وهي تغني العام 1978 في مسرح " الأولمبيا " الباريسي الشهير. ظلت فيروز حارسة الذكريات الجميلة لا بعرفانها الدائم بأثر منصور الرحباني عليها وحسب ، بل في اخلاصها للشكل الغنائي الذي ارتطبت به من خلال منصور : شكل الغناء الرصين والفياض بكل ماهو محرّض للجمال والعدل والحرية ، حتى في غنائها من بعده لفيلمون وهبي وزكي ناصيف وللسوري محمد محسن، ولاحقا لنجلها نبع الألحان والأفكار ، زياد. حرست فيروز اشواق العرب المأسورين بتحديث مجتمعاتهم وهم يناضلون ضد الهيمنة والتخلف ورسمت اشارات عميقة لمسيرة التحولات العربية فكانت اغنياتها عن العرب المعاصرين ، اغنيات للناس ، لحريتهم ، لشوقهم للإنعتاق ، وليست اغنيات للحاكمين ، كما درجت عادة " الغناء الوطني " في عالمنا العربي المعاصر. اغنياتها عن فلسطين ، اناشيد حرية ستظل حاضرة مادامت فكرة النور ، ومادامت فكرة الحق والحرية ، وما دام الصراع بين الظلم والعدل. وظلت صاحبة " سهار " امينة على تقاليد حب واشواق ، ابتكرتها كي يتزود بها عاشقون وعاشقات على امتداد عالمنا العربي ، فكم من عاشق حميم نادى " دقيت .. طل الورد عالشباك " لتجيبه حبيبته الولهانة " بحبك ما بعرف " . وكم من نسمة جمال هبت من روحها ، فهي تغني " آخر ايام الصيفية " ثم لتتحول من فيض وجداني كهذا الى سؤال سيظل يؤرق كل المخلصين لمعاني الصدق والحرية كما في " وينن" . فيروز وزياد : صورة الفنان متجددا ذات يوم في العام 1973 غاب منصور الرحباني بسبب أزمة قلبية عن افتتاح المسرحية الغنائية " المحطة " فكانت ان غنت له فيروز " سألوني الناس " بحسب لحن مشبع بالوجد والروح الشرقية العميقة ، لحن كان صاغه ابن السابعة عشرة، زياد الرحباني معلنا بذلك ولادة ملحن سيأخذ من والديه عبقريتهما ، ومن حريتهما ودأبهما قدرة على الإبتكار الشخصي لاتهدأ. بعد " سألوني.." كتب زياد ولحن لفيروز اغنية " نطرونا كتير " في المسرحية الغنائية " لولو" ثم وضع الإفتتاح الموسيقي المدهش في " ميلوديته" ولحن اغنية " حبوا بعضن" في المسرحية الغنائية " ميس الريم ".
عكست علاقة فيروز بزياد والتي تعمقت مع انقطاع منصور وعاصي الرحباني عن التعاون معها ، وعيا متقدما من فيروز لفكرة ان الفنان يمثل اعلى وعي للتجدد ، ودون هذا فانه واقع في النمط والمثال المقدس الذي يتحول الى علامة لجفاف نبع الإبداع . فيروز راهنت على قرار هو الأخطر في حياتها ، قرار استمرارها بالغناء وفق مرحلة جديدة يرسمها صاحب الفكر المشاكس والوعي الموسيقي المشاغب ، نجلها زياد القادم من ازمات الحرب اللبنانية وفق مرجعية سياسية يسارية ، هي على الضد من وعي " مثالي" نمطي كان الأخوان رحباني يقدمان فنهما وفق بواعثه الأساسية .
الحساسية الغنائية الجديدة لفيروز بدأت تأخذ شكلها الواضح الملامح مع الإسطوانة الأولى لها بتأثير زياد ، اسطوانة " وحدن " التي اخذت اسمها من اسم قصيدة صاغها بابداعه اللافت ، الشاعر طلال حيدر ، وجرّب فيها زياد صوت ايقونة الغناء العربي وفق مسارات لحنية لاتخجل من اعلان تأثرها ب "موسيقى الجاز". الإسطوانة التي صدرت العام 1978 ضمت تلويحة من الأخوين رحباني ولكن ليس موسيقى هذه المرة ، وانما عبر كلمات " انا عندي حنين ". وتعمقت اغنية فيروز الجديدة ( حسب الحان زياد) في اسطوانة " معرفتي فيك " العام 1987 ، ففي انتقالة خطيرة من كونها " جارة القمر " المحلقة في اجواء الرومانسية والبراءة المثالية الى كونها عاشقة من عصرنا المأزوم و" الواقعي " اكثر مما ينبغي ، جاءت اغنياتها كما في " معرفتي فيك " التي كتبها زياد ولحنها و" خليك بالبيت " التي كتبها جوزيف حرب ، واغنية " عودك رنّان " التي جربت من خلالها فيروز الغناء النقدي الإجتماعي الساخر الذي كان زياد قد خبره من خلال مسرحياته " فيلم اميركي طويل " و" نزل السرور " واسطوانته " شريط غير حدودي " و" انا مش كافر " .
فيروز في هذه الإسطوانة " صدمت" عشاق صوتها و مزاجها الغنائي الذي طبعه الأخوان رحباني ، فلا " ميادين " ولا" قناطر" ولا " قهوة عالمفرق " و" اقمار " ولا " بتشتي الدني " ، إنما " معرفتي فيك / إجت عزعل / معرفتي فيك / كانت مش طبيعية" او " خليك بالبيت / هلّق حسيت" . المفاجأة كانت من فنانة تعرف تماما ان كل شيء الى تجدد ، وان العالم يتغير ، وصوت " رياح التغيير " لابد ان يكون حاضرا في اغنياتها .
ومع اسطوانة " كيفك انت " 1991 تواصلت فيروز " الجديدة " . اغنيات خرجت بالعاطفة الى ملموس يومي وتفاصيل العيش ، فثمة العاشقة التي تلتقي حبيبها بعد غياب لتسأله ان كان " برات البلاد" وتكتشف انه اصبح لغيرها ، بل له اولاد ! وهذا كان ملمحا لشغل على الموسيقى والكلام ، تمكن عبره زياد من ان ينزل فيروز من آفاق الرومانسية المحلقة الى المحسوس الأرضي. ولو امكن للمستمع ان يتمهل في سماعه اغنية " عندي ثقة فيك " التي ضمتها الإسطوانة لوجد انه برفقة واحدة من افضل اغنيات فيروز ليس في مرحلة التعاون الكلي مع زياد وحسب بل في عموم تجربتها .
ومضت فيروز عبر اسطوانة " مش كاين هيك تكون " 1999 خطوة اخرى في نهج حداثتها الغنائية ، حين اكدت ومن خلال مبدع مثل زياد لايكلّ من البحث والإبتكار ، انها فعلا ابنة لحظتنا المأزومة المتوترة " ضاق خلقي ياصبي / من هالجو العصبي" فضلا عن اغنية حفلت بتهكم من وقائعنا الراهنة التي فقدت فيها حتى الأشياء البسيطة ، طعمها وتأثيرها على الإنسان ، وهي الأغنية التي منحت الإسطوانة عنوانها " مش كاين هيك تكون " . رثاء فيروز لأوقاتنا وتهكمها منها، منح صاحبة اغنية " يارا " صورة متوهجة ، وعامرة بالحياة ومكتظة بالحيوية ، اين منها اغنيات مطربات في عز الصبا ، بحيث تبدو اغنية فيروز معها ، من مزاج عصرنا ونبضه ، فيما اغنيات " الشباب " خافتة وتورث الملل رغم ضجيجها الإيقاعي .
الأمر ذاته يتواصل مع اسطوانة " ولاكيف" 2001 ، ففيها تظهر صاحبة الشجن الجميل في اغياتها ، شجاعة من نوع خاص ، شجاعة تليق بمبدعين كبار حين غنت في تلك الإسطوانة للعذراء مريم وللشيوعي " صبحي الجيز " . قد يكون لحماسة زياد دورها الحاسم في هذا الشأن ، لاسيما انه مازال يؤمن عميقا بالدور الإنساني ، وان دورا ثقافيا وفكريا تلعبه الموسيقى ، غير ان المؤكد يظل في استعداد فيروز النبيلة والشجاعة على ان تتحدى حتى صورتها الثابتة لدى قطاع عريض من المتلقين ، إيمانا منها بان الفنان هو الذي يتجدد ، بل الذي يتجاوز نفسه. حين تغني فيروز في كل الصباحات العربية يأخذ الوقت ملمحا آخر ، حتى انها لفرط ارتباطها بالذاكرة ، رمزا للصباح ، بل هو بدونها يبدو مضطربا ومفتقدا لمعناه في تجدد الأشياء . وفيروز رمز انساني عميق ، غالبت تحديات الحرب اللبنانية ، بل انها كانت الوحيدة القادرة على جمع اللبنانيين وهم في اعنف مراحل اقتتالهم !
فيروز حين تغني ..تكون أقرب الى الصلاة
نعم انقطعت طيلة فترة الحرب منقطعة عن الغناء في لبنان، وفقدت بتأثير القصف الصاروخي ابنتها "ليال " الا انها مالبثت ان كانت جزءا من مشروع عودة الروح الى لبنان ، فغنت في بين بقايا مكان شهد اعنف جولات الموت الدموية في الحرب " ساحة الشهداء" ، واعلنت مع اطلالاتها بين اعمدة بعلبك ، عودة المهرجان العربي الفني الأكبر " مهرجان بعلبك " مثلما كانت حاضرة في مهرجان عتيد آخر هو " بيت الدين ".
وكانت " رسالة سلام ومحبة" حين خصتها الأمم المتحدة العام 1999 لحضور احتفالات الذكرى الخمسين لتوقيع المعاهدات الدولية الإنسانية ، وفي ذلك الحفل ادهشت العالم حين غنت " الأرض لكم " في اشارة عميقة على شراكة انسانية لابد منها كي تستقيم الحياة .
صوت فيروز يعطي أملاً،ويضفي على الحياة في اكفرارها دافعا للعيش. غناء فيروز ، نوع من الإيمان هو أقرب إلى الصلاة منه إلى الغناء بشكله العادي. فيه يرى السامع ذاته ، ويقترب أكثر فأكثر من روحه مانحاً اياها شحنة من الصدق والأمل. في صوت فيروز رنات من الأسى وبريق لامع يؤشر الى حدة الصوت ورّقته في آن واحد. هذا الخليط الساحر، يعلق في الروح ولايبرحها، يبقى فيها أبداً، يسكن في الثنايا ، ناثراً عطره . |